الإنسان والحياة
محمد سالم البلهان
الإنسان يولد مقيدا ومسيرا للبيئة التي ولد فيها ولعادات وتقاليد وقيم ومفاهيم المجتمع الذي ينشأ فيه. لا خيار له بما يجده أمامه من أوضاع في الحياة وسلوكيات، فلو ولد مثلا في عائلة مسلمة لوجد اسمه كذا واسم والدته كذا واسم ابوه كذا أسماء اسلامية ولاعتنق الدين الاسلامي، وربما لا يعرف ما هو الدين الاسلامي ولماذا يمتنع عن أكل لحم الخنزير لأن القرآن حرمه.
ولو ولد من عائلة مسيحية لكان اسمه كذا واسم والدته جوزفين مثلا ولكان اسم والده جورج ولأحل له أكل لحم الخنزير من دون رقيب ولا عقاب لأنه مسيحي، وربما لا يعرف كذلك من المسيحية شيئا إلا أنه ولد في عائلة مسيحية.
ولو ولد هذا الوليد في بلدان اوروبية لنال لوناً ابيض مثله مثل الآخرين من أبناء جلدته بعكس ما هو عليه اللون أو لون البشر في بلداننا الصحراوية، يولد الإنسان في هذه البلدان وقبل أن تمسه اشعة الشمس أسمر.. فتلك هي طبيعة البيئة التي ولد فيها لا مفر منها وكذلك الإنسان الافريقي الذي يولد من أبوين افريقيين يكتسب اللون الداكن.
السؤال: هل للإنسان الذي يولد على الأرض الحق في اختيار من هو حوله او اسم والديه أو ان يختار الدين الذي يدين به او البيئة التي يعيش فيها؟.. كل تلك الأمور مقدرة ومفروضة ولا حول له ولا قوة بها.
إذاً ماذا يبقى للإنسان لكي يحاسب عليه؟ وحتى لو كبر ونال ما نال من العلم والتعليم هل يحق له أن يرتد عن دينه أو يتنكر لجنسه وجنسيته أو أن يغير حتى في اسمه الذي يحمله ولا يحمله غيره وهو ملك خاص به.. ولا يستطيع..
الأمر ليس بالسهولة، فالموضوع يحتاج إلى قوانين وشهود وشهادات للتغيير في الاسم أو اسم العائلة أو حتى اسم البلاد التي جاء منها، ثم ماذا عن أولاده لو غير اسمه، وزوجته وتابعيه، هل يستطيع ان يغير اسماءهم بسهولة، وهذا يعني تغييرا لحياتهم المستقبلية، وهل هؤلاء الذين ارتبطت بهم بالنسب بحكم القربى سيقرون ما يرمي إليه.
إذا الحياة في مجملها أمر مفروض على الإنسان لا مفر منه وهو أداة تحركه الأقدار حسب ما تشاء من دون حساب «قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ». (صدق الله العظيم)
* سفير سابق
محمد سالم البلهان*