تقييم ديوان المحاسبة.. وملاحظاته التحليلية الثاقبة
حامد يوسف السيد هاشم الغربللي
نشكر مجلس الوزراء الموقر على دعوته الكريمة لرئيس ديوان المحاسبة بالإنابة، الأستاذ الفاضل عادل الصرعاوي، لعرض تقرير «الديوان» للمجلس، المتعلّق بميزانيات الوزارات والجهات الحكومية الأخرى وذلك لسنة ٢٠١٧ ــ ٢٠١٨. فالتقرير الشامل يمثّل مجهوداً وطنياً كبيراً يستحق الشكر والثناء لكل من ساهم في إعداده ونجاحه.
يهدف الديوان إلى تحقيق رقابة صارمة على الأموال العامة، بما يكفل حمايتها وضمان استخدامها الاستخدام الأمثل، والتأكد من تنفيذ الخطط والبرامج ذات الصلة، إذ يتولى الديوان مراقبة تحصيل ايرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها في حدود الاعتمادات الواردة في الميزانية. فالديوان يُعتبر ببساطة صمام الأمان «لِتجورينا».
هناك الكثير من ملاحظات «التقرير» المهمة، سأوجز لكم منها غيضاً من فيض.
– سجّل ديوان المحاسبة ١٤٩٦ ملاحظة على الجهات الحكومية، نالت التربية منها ١٨٤ ملاحظة، تلتها التجارة ٨٨. أكد التقرير ترهل القطاع الحكومي بسبب تشابه وتداخل الأهداف والاختصاصات (الافتقار الى وصف وتقييم الوظائف، والى عدم تطبيق البديل الاستراتيجي الشامل).
– كشف التقرير عن استراتيجية صيانة البنية التحتية. فهناك قصور في تنفيذ برامج الحكومة، وتأخر إنجاز المشاريع. أمّا الاعتمادات المالية، فهي تنتهي قبل تنفيذ العقد. بل إن هناك أوامر عمل نُفّذت بصفة مستعجلة لا تنطبق عليها شروط الطوارئ! بالإضافة إلى عدم تحديث بيانات شبكات الأمطار وبصورة مستمرة، وعدم الاستفادة من البيانات التاريخية للنظام في استخراج شهادات الدفع لأعمال الصيانة المنفذة، مما أدى إلى انخفاض كفاءة النظام المستخدم من قبل مكتب عمليات البنية التحتية (هل لذلك علاقة مع ما حصل ويحصل بسبب الأمطار؟)، كما واجه قطاع هندسة الصيانة معوقات، منها بطء الدورة المستندية. تقرير تقييم كفاءة وفعالية الصيانة العامة للبلاد، الذي أصدره الديوان سنة ٢٠١١، أثبت سنة ٢٠١٧ استمرار القصور من دون معالجة، كما بلغت حصة تنظيف شبكات الأمطار %10 من قيمة العقود!
– تناول التقرير المآخذ التي شابت تنفيذ أعمال مشروع تطوير وتشغيل الخدمات الجمركية بمرافق الإدارة العامة للجمارك (سنة ٢٠٠٤ – ٢٠٠٥)، وأكد استمرار توقف الشركة المستثمرة عن سداد المبالغ الإضافية السنوية المستحقة للإدارة حتى نهاية ٢٠١٧ – ٢٠١٨، والبالغة ١٥٧ مليوناً، وقيام الإدارة بالسماح للشركة باستغلال منفذي المطار وميناء الدوحة، وقيامها بتحصيل ٣٦ مليوناً من دون غطاء تعاقدي.
– أكد تقرير الديوان أن وزارة المالية تتقاعس عن جباية ضرائب قيمتها ٢٧٦ مليوناً.
– سجّل الديوان على التربية ضعف الرقابة على صرف العلاوات والبدلات.
– حذّر ديوان المحاسبة من غياب العدالة وتكافؤ الفرص في إعلانات التوظيف، كما أن بعض الجهات غير ملتزمة بتكويت الوظائف (معهد الأبحاث).
أثبتت تقارير ديوان المحاسبة أنه لا يمكن تحقيق التنمية المالية والاقتصادية والاجتماعية المستدامة إلا بتضافر الجهود المخلصة، وتطبيق مؤشرات الشفافية بنزاهة، «أهل الزمن الجميل عندما كان الجار للجار… جارا، والجِدِر واحدا».
حامد يوسف السيد هاشم الغربللي
[email protected]