بارزاني في بغداد لبحث الخلافات معها وسط تعويل كردي على عبد المهدي

 

وهج 24 : تعول الأحزاب السياسية الكردستانية، وتحديداً «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، على دور الوزراء الأكراد في الحكومة الاتحادية، لحل الخلافات «المتراكمة» بين الأخيرة ونظيرتها في إقليم كردستان، وكذلك على رئيس الحكومة عادل عبد المهدي في تجاوز «العراقيل» التي تسبب بها سلفه حيدر العبادي.
ويبدو أن الأكراد لم ينسوا ردّة فعل العبادي على استفتاء « الاستقلال» الذي أجراه الإقليم في 25 أيلول/ سبتمبر 2017، والتي تمثلت بـ«طرد» قوات البيشمركه من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، إضافة إلى إغلاق المطارات والمنافذ الحدودية في كردستان العراق، وسيطرة السلطة الاتحادية عليها.
وإضافة إلى ذلك، أنشأت الحكومة الاتحادية «نقاطا جمركية» بين محافظات الإقليم (أربيل، ودهوك، والسليمانية) وبين المحافظات المحاذية لها (كركوك، ونينوى)، وفرض «رسوم جمركية» على البضائع الداخلة والخارجة من وإلى الإقليم.
وأسهم ذلك الإجراء، في تراجع المستوى الاقتصادي لإقليم كردستان، تزامناً مع تدقيق الحكومة الاتحادية لرواتب الموظفين هناك وتأخر إرسالها في كثير من الأحيان، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي فرضتها واشنطن على طهران، المرتبطة بالإقليم بعلاقات اقتصادية كبيرة.
وعلى هذا الأساس، دفعت حكومة كردستان باتجاه إلغاء هذه النقاط الجمركية المحلية، في خطوة تسهم إلى حدٍّ كبير في تعافي اقتصاد الإقليم.
فقد، نجح النواب الأكراد في مجلس النواب العراقي بـ«إلغاء» جميع القرارات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية السابقة، بعد انتهاء الدورة التشريعية الماضية، ومن بينها إلغاء النقاط الجمركية بين إقليم كردستان العراق والمحافظات الشمالية الأخرى.
وصوت مجلس النواب، في جلسة أمس الأربعاء، على قرار ينص على أنه «بالنظر لاتخاذ رئيس مجلس الوزراء وحكومته السابقة عدداً من القرارات المخالفة للدستور خلال فترة انتهاء الدورة البرلمانية الثالثة وغياب الدور التشريعي، فقد قرر مجلس النواب إيقاف العمل بالقرارات الصادرة منذ الأول من تموز/ يوليو 2018، ولغاية 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2018».
وحثّ القرار رئيس مجلس الوزراء وحكومته الحالية على «النظر بتلك القرارات واتخاذ ما يلزم بشأنها وفقا لأحكام الدستور والقوانين النافذة».
ووفقاً لمصدر برلماني مطلع، فإن «مجلس النواب، سيتواصل مع الجهات المعنية في الحكومة لإلغاء النقاط الجمركية في كل من كركوك وأربيل، وكركوك والسليمانية».
وأرسلت حكومة كردستان وفداً إلى بغداد للاتفاق على حل أزمة «المنافذ»، واسهم الوفد بتوقيع اتفاقية من 28 فقرة حول النقاط الجمركية بين الجانبين، أهمها إلغاء النقاط الجمركية «غير القانونية».

نقاط مهمة

مدير عام وزارة التجارة في حكومة كردستان، نوزاد أحمد، قال، في تصريح أورده الموقع الرسمي للحزب «الديمقراطي الكردستاني»، «بعد زيارة وفد بغداد لإقليم كردستان (أمس الأول)، تم الاتفاق مع الإقليم على عدد من النقاط المهمة الخاصة بالاستيراد والتصدير والتعريفة الجمركية الرسمية، وإزالة وإلغاء عدد من النقاط الجمركية غير الرسمية».
واعتبر أن هذه الخطوة يجب أن تلحقها خطوة أخرى تتمثل بـ«البدء بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بعد التوقيع مباشرة، وإصدار التعليمات اللازمة بشأن ذلك»، مشدداً على أهمية «إزالة النقاط الجمركية غير الرسمية فوراً بعد التوقيع على الاتفاقية، حيث سيتم تطبيق نظام جمركي موحد في العراق وكردستان».
ويعوّل الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، أيضاً، على حكومة عبد المهدي في «إلغاء» جميع القرارات التي اتخذها سلفه حيدر العبادي.

إلغاء النقاط الجمركية بين كردستان والمحافظات الشمالية

ووصل بارزاني، إلى العاصمة العراقية بغداد، أمس الأربعاء، حيث سيجري لقاءات، وفق ما قالت وكالة «رودواو» الكردية اليوم الخميس مع «رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف الاصلاح والاعمار، عمار الحكيم، ورئيس إئتلاف دولة القانون، نوري المالكي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر».
وحسب المصدر «سيتم خلال هذه اللقاءات بحث العلاقة بين أربيل وبغداد لحلحلة جميع المشاكل العالقة بين الطرفين».
وتقول القيادية في الحزب «الديمقراطي الكردستاني» ندى ميركسوري، إن «هناك مرحلة‌ جدیدة بدأت بین بغداد وأربيل، وأن هناك خطوات جیدة‌ لتطبیع الأوضاع بین الجانبین، حيث كانت الحكومات العراقية السابقة تضع العراقيل أمام تطبيع العلاقات وتخلق المشكلات للإقليم».
وأضافت: «خلال السنوات الأربع الماضية، أصدر رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي عددا من القرارات ضد إقليم كردستان وشعبه»، مبينة أن «عبد المهدي شخصية معتدلة في العراق، ويرغب في معالجة المشكلات بين الإقليم والعراق، وإنهاء المرحلة التي كانت الحكومات العراقية تعادي إقليم كردستان بدل التنسيق والتعاون معه».
ورأت أن «ما يجري من حوارات وتبادل الزيارات بين الإقليم وبغداد، شيء مفرح، وحسب علمي، فإن هناك مواضيع عدة تم التوصل بشأنها إلى اتفاق، وما تبقى فإن هناك تفاهما بشأنها وتصب في صالح الجميع»، لافتة إلى أن «ما تم التفاهم بشأنه، المادة 140 الدستورية، وحصة الإقليم من الموازنة، وملف النفط».
الخبير في السياسة الإقتصادية، أرشد طه، أعتبر أن «العلاقات بين أربيل وبغداد لها تأثير مباشر على القطاع الاقتصادي، فلو كانت هناك اتفاقات بين الجانبين، فإن الأوضاع الاقتصادية ستنتعش»، مؤكداً أن «التفاهم ومعالجة المشكلات ستؤثر على مجمل الأوضاع، وهي خطوة كبيرة نحو معالجة وحل جميع القضايا بالحوار والتفاهم».
وأكد النائب عن الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، ديار برواري لـ«القدس العربي»، إن «الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، هي خلافات قانونية ودستورية»، لافتاً إلى أن النظرة العامة في الأوساط السياسية الكردية ترى أن «هذه الخلافات تحل عبر الجلسات الخاصة، والمفاوضات الدبلوماسية التي يتم فيها طرح الحل وفقاً للدستور والقانون».
وأعتبر أن «وجود أي شخصية في الحكومة الاتحادية (وزير كردي) يمكن أن يعطي طابعاً إيجابياً أم سلبياً للمفاوضات والنظرة العامة لبناء الدولة الاتحادية الجديدة»، منوهاً في الوقت عينه بأن «عبد المهدي شخص متفهم لجميع الكتل السياسية، ومن بينها الكتل السياسية الكردستانية الساندة له».

دور وزير المالية

وأقر بـ«أهمية الدور الذي يلعبه وجود وزير كردي في وزارة المالية، فمن الممكن له أن يكون مرناً أكثر في التعامل مع ملف العلاقات بين بغداد وأربيل»، مشيراً إلى أن «هناك مبدأ مهما جداً لدى الحكومة الاتحادية (الحالية) يتضمن توزيع الثروات بشكل عادل بين مكونات الشعب العراقي حسب النسب السكانية، إضافة إلى منح المناطق المتضررة (بفعل الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية) ميزانية أكثر، فضلاً عن ملف نقص الخدمات في البصرة والمناطق الجنوبية، الذي يعد مهماً أيضاً».
ويصرّ الأكراد على أهمية مشاركة وفدهم في المناقشات الجارية في بغداد حول مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019، بهدف تضمين ملاحظاتهم على القانون.
وطبقاً لبرواري فإن «الموازنة التي قدمتها الحكومة السابقة (برئاسة حيدر العبادي) اهتمت بجانب التوقيت، ولم تهتم بجانب المناقشات مع الوزارات والمحافظات والإقليم»، مبيناً أن «فكرة وضع الموازنة بهذا الأسلوب سيئة جداً، ويتم الآن معالجتها من قبل الحكومة الاتحادية، وهذه خطوة إيجابية جداً».
وتابع: «ملاحظاتنا سُلمت للوفد الكردي الذي يناقش حالياً الموازنة مع اللجنة الوزارية والبرلمانية (في بغداد)، ولاحظنا إيجابية في التعاطي معها»، مؤكداً «ليس مهماً أن يتم الأخذ بجميع ملاحظاتنا، لكن المهم هو الاستماع لها بشكل جدي».

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا