فورين بوليسي: حرب سعودية-إماراتية ضد مسلمتين في الكونغرس
وهج 24 : ناقشت الصحافية البريطانية المصرية وطالبة الدراسات العليا بجامعة نيويورك علا سالم، في مقال بمجلة “فورين بوليسي”، الحرب التي شنتها السعودية والإمارات على الساسة الأمريكيين المسلمين، وبشكل خاص المسلمتين اللتين انتخبتا حديثا في مجلس النواب الأمريكية.
وانتخبت كل من الفلسطينية رشيدة طليب والصومالية إلهان عمر، على بطاقة الحزب الديمقراطي في الإنتخابات النصفية التي جرت الشهر الماضي.
وبدلا من الإحتفاء بالإنجاز التاريخي لعمر وطليب تقوم ملكيات الخليج بشن حرب عنصرية والترويج لأخبار مزيفة لنزع المصداقية عن الحدث التاريخي في أمريكا، حيث أشارت سالم للحملات العنصرية التي يشنها اليمين الأمريكي ضد عمر الملتزمة بالإسلام والتي ترتدي الحجاب.
وفي رد على محاولات الديمقراطيين لرفع الحظر عن ارتداء الحجاب في قاعة مجلس النواب لكي تستطيع النائبة الجديدة ممارسة مهامها، قال القس والمعلق اليميني (إي دبليو جاكسون) في مقابلة إذاعية أن هذا التصرف يشير للكيفية التي يقوم فيها المسلمون بتحويل الكونغرس إلى “جمهورية إسلامية”.
سالم: الحزب الديمقراطي فيه نجمات سياسيات صاعدات من أصول عربية ومسلمة وكلهن تعرضن لنظريات المؤامرة كهذه. إلا أن اليمين الأمريكي ليس وحده من يقوم بهذه الحرب الثقافية، فالهجمات المنظمة تأتي من الخارج خاصة من السعودية والإمارات.
إعلام الخليج
وسعت الإنتخابات النصفية الشكوك حول نشاط المسلمين السياسي في الولايات المتحدة، فقد اتهم الأكاديميون والصحف والمعلقون القريبون من حكومات الخليج وبشكل متكرر عمر وطليب وعبدول السيد (الذي ترشح لمنصب حاكم ميتشغان وفشل)، بأنهم أعضاء سريين في جماعة الإخوان المسلمين التي قالوا إنها معادية للسعودية والإمارات.
ونشر موقع “العربية” السعودي الأحد مقالا لمحت فيه كاتبه أن عمر وطليب هما جزء من تحالف بين الحزب الديمقراطي والجماعات الإسلامية، من أجل السيطرة على الكونغرس.
واتهم كاتب المقال طليب وعمر “بمعاداة ترامب وفريقه وخياراته السياسية خاصة سياسته الخارجية بدءا من فرض العقوبات على إيران إلى عزل جماعة الإخوان المسلمين وكل جماعات الإسلام السياسي”.
وفي برنامج حواري على قناة “أم بي سي” السعودية ناقش تداعيات فوز المسلمتين وأثر سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، ناقش عمر أديب، المذيع الشهير مع الباحث في العلوم السياسية المعتز بالله عبد الفتاح الذي اقترح أن سياسة ترامب الناجحة لمواجهة الإسلاميين ستتأثر من خلال انتصار الديمقراطيين.
السفارة السعودية
وتقول سالم إن الهجمات أصبحت واسعة الإنتشار في دول الخليج وموضوعا للنقاش في التلفزيون وعلى الإنترنت، وفي بعض المرات يقوم المسؤولون في هذه الدول بإصدار تصريحات كهذه كتعبير عن القلق من تأثر حملات اللوبي والعلاقات العامة المكلفة في أمريكا.
بعد ساعات من فوز عمر في الإنتخابات اتهمهما مسؤول في السفارة السعودية بواشنطن بالعضوية في جماعة الإخوان المسلمين، التي قال إنها تسربت إلى الحزب الديمقراطي.
وفي تغريدة كتبها فيصل الشمري، المستشار الثقافي للدائرة الثقافية لبعثة السعودية في أمريكا وهو جزء من السفارة ويكتب في قناة العربية: “ستكون معادية للخليج وداعمة للإسلام السياسي ممثلا بالإخوان المسلمين في الشرق الأوسط”.
وقد لاحظ السيد المولود في الولايات المتحدة لوالدين هاجرا من مصر الهجوم عليه خلال الحملة الإنتخابية.
وضخم الإعلام في الشرق الأوسط من اتهامات منافسه الجمهوري باتريك كولبيك من أن السيد له روابط مع الإخوان.
وقالت جريدة اليوم السابع المصرية إن خسارة السيد كانت بسبب علاقاته مع منظمة “أمة الإسلام” الراديكالية وعلاقاته مع الناشطه الأمريكية- المسلمة ليندا صرصور “المعروفة بأفكارها المتشددة”.
خوف
ونقلت سالم عن السيد قوله إن النخب السياسية في مصر والسعودية والإمارات شعرت أنها مهددة من السياسيين الأمريكيين المسلمين. وتظل قصة السيد ملهمة للمواطن العربي والمسلم العادي، مع أن باراك أوباما الذي كان أول رئيس اسود ينتخب لرئاسة الولايات المتحدة مصدرا لإلهام الكثيرين، ولم ينج مع ذلك من تهمة الإسلام.
وتعلق سالم أن صعود السيد وطليب وعمر يقوض رؤية الديكتاتوريين في المنطقة العربية، وهي أن شعوبهم ليست جاهزة للديمقراطية.
وقال السيد “لا منفذ للناس إلى السلطة في بلادهم ولكنهم يحصلون عليها لو تركوا، وهذا يدمر نقاش السيسي وبن سلمان” مشيرا للرئيس المصري وولي العهد السعودي، ويضيف: “من المفارقة أنني لا أحلم بالقيادة في مصر بلد والدي”.
ويخشى حلفاء أمريكا في المنطقة من دعوة القادة العرب الجدد في الحزب الديمقراطي لتغيير الأنظمة في بلادهم الأصلية، فقد أنفقت دول الخليج الملايين من الدولارات على حملات العلاقات العامة في العواصم الغربية ولهذا فهي تشعر بالتهديد من قادة مستقلين يعرفون المنطقة جيدا. ولهذا تم تأطير مواقف هؤلاء القادة المبدئية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية بكونها تحيزات شخصية. وقام معلق عادة ما يعكس مواقف الحكومة في بلاده بنشر تغريدة لمسؤولين حكوميين تهدف لنشر الشائعات وأن عمر من “أصول حوثية”، وذلك لتقويض هجومها على الدعم الأمريكي للتحالف السعودي في اليمن.
وفي مدونة سعودية وصف المسلمين- الأمريكيين في الحزب الديمقراطي بـ “الإخونجية”، وبدأ الهجوم على المسلمين الأمريكيين قبل انتخابات العام الحالي، ففي عام 2014 أصدرت حكومة الإمارات قائمة للجماعات الإرهابية ضمنت فيه مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية (كير) بسبب مزاعم ارتباطه بالإخوان.
زادت الهجمات على عمر وطليب وربطهما بالإخوان المسلمين بعدما رحبت “كير” علنا بانتخابهما للكونغرس. وانتقدت الأكاديمية في الإمارات نجاة السعيد احتفاء الصحافة العربية بفوزهما وأشارت إلى دعم كير لهما كدليل على ارتباطهما بالإخوان المسلمين.
عنصرية
ولم يخل الهجوم على عمر من تلميحات عنصرية. فرغم تعرضها مع طليب لحملات تشويه إلا أنه سهل على المهاجمين استهدافها لتراثها الإفريقي. فالنمطيات السلبية عن الأفارقة الذين يعملون في دول الخليج تنتشر بشكل واسع بالمنطقة.
وكان هذا واضحا في وسائل التواصل الإجتماعي والهجوم الذي شنه الكاتب السعودي أحمد الفراج الذي يعمل مع مؤسسة إماراتية “تريندز ريسيرتش أند أدفايزي” على عمر، حيث هاجمها لأنها انتقدت رد ترامب على تقييم المخابرات الأمريكية بشأن تورط محمد بن سلمان في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وغرد الفراج لأكثر من 60 ألف متابع له: “هذه المخلوقة البائسة التي جاءت من بلاد متخلفة ويكره فيها الناس عرقهن أكثر من عدوهم”، وتبع ذلك موجة من التعليقات العنصرية، حيث رد أحدهم بعنوان من بيت شعر للمتنبي “لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد”.
وقالت سالم إن الهجوم العنصري على عمر قام على افتراضين خاطئين، وهما أنها عنصر في جماعة الإخوان المسلمين والثاني أنها متزوجة من شقيقها. وظهرت هاشتاغات بأسماء مجهولة ولكنها عكست لغة موجودة في حسابات مرتبطة بالحكومة. وقالت الكاتبة إن شكل الهجوم واضح في الهجمات الإلكترونية التي استخدمها أنصار محمد بن سلمان وبشكل منتظم ضد معارضيهم.
وتختم بالقول إنه ليس من المفاجئ رد حلفاء أمريكا الديكتاتوريين بنوع من الفزع على ظهور الأصوات السياسية المسلمة في الولايات المتحدة. فقد انتفعت هذه الأنظمة من الخيار المزيف الذي تقدمه لصناع السياسة في الغرب وهي أن البديل الوحيد لهم المتطرفين. وقد أضعف هذا النقاش السياسيون الأمريكيون الذي يشتركون مع الأنظمة بالدين ولكن ليس بموقفها من الديمقراطية.
المصدر : القدس العربي
