قانون القومية سيعيد إسرائيل إلى الوراء
بالضبط كما أمل بعضنا، فإن قانون القومية اختفى في مكان ما في جوارير الكنيست، فقد ظهر فجأة بقوة كبيرة، وهذا الأسبوع سيتم طرحه للتصويت. (ملاحظة: القانون تمت المصادقة عليه بالقراءة الثانية والثالثة في 19/7/2018). من أملوا أن النقاشات اللانهائية التي أجريت حول القانون في اللجنة الخاصة، حيث تم التوضيح للمشاركين، بأنه زائد ويضر بإسرائيل..خاب أملهم. فقط رؤيا ضيقة جداً لماهية دولة إسرائيل يمكنها أن تجعل الشخص يؤيد هذا القانون.
لا حاجة إلى التوضيح من خلال قانون بأن إسرائيل دولة يهودية. فهذا مفهوم بحد ذاته. العلم والنشيد يدلان على ذلك، وكذا اللغة العبرية التي هي اللغة اليومية لمعظم الإسرائيليين والحروب التي تم فيها صد كل من حاول تصفية الدولة اليهودية. لماذا إذاً بعد أن تم ترسيخ حقيقة أن إسرائيل دولة يهودية يجب العودة والتأكيد على ذلك من خلال قانون جديد؟
هناك سبب ممتاز لماذا لا يجب القيام بذلك؛ أكثر من 20 في المئة من مواطني إسرائيل هم من العرب، وهم لا ينوون الذهاب من هنا، وإسرائيل لا تريد أن يغادروا. بالعكس، أحد الإنجازات الأكبر لإسرائيل هو كونها ديمقراطية توفر المساواة لمواطنيها العرب، رغم أنها محاطة بعالم عربي معادٍ لها في معظمه.
ليس لأنه لا يوجد مكان للتحسين الكبير في كل ما يتعلق بالمكانة المتساوية للمواطنين العرب، ولكن إزاء حقيقة أن العلاقة بين اليهود والعرب بدأت بصراع دموي قبل سبعين سنة، فإن إسرائيل ومواطنيها العرب قطعوا شوطاً كبيراً: لقد تعلموا كيفية العيش بسلام والتغلب على الكثير من الصعوبات. إنجازات كثيرة حققتها إسرائيل، لكن هذا أحد الإنجازات البارزة. والمشرعون فيها يجب عليهم توخي الحذر قبل اتخاذ خطوات من شأنها أن تضر بذلك. تقريباً هذا بالضبط ما سيفعله قانون القومية.
من بين ملايين العرب الذين يعيشون في الشرق الأوسط، فإن مواطني إسرائيل العرب هم الوحيدون الذين يمكنهم التمتع باقتصاد حر ومتطور، يوفر فرص أكاديمية واقتصادية واجتماعية. هذا الأمر صحيح، لا فيما يتعلق بالعرب في الدول العربية فحسب، بل فيما يتعلق بالسكان العرب الذين يعيشون في مناطق السلطة الفلسطينية كذلك، وبالأحرى هو صحيح بالنسبة للفلسطينيين سيئي الحظ الذين يعيشون تحت حكم حماس.
حقيقة أن الكثير من المواطنين العرب يفضلون اعتبار أنفسهم فلسطينيين لا عرباً إسرائيليين من أجل تأكيد تماثلهم مع النضال الفلسطيني لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهم يستغلون الفرص التي لديهم، وتدل قبل كل شيء على مؤهلاتهم وتطلعاتهم، لكن أيضاً يجب أن تكون مصدر فخر للمواطنين اليهود.
الكثير من مواطني اسرائيل، العرب واليهود، يرون التأكيد الزائد في الوقت الحالي على الطابع «اليهودي» للدولة، كما يظهر ذلك في قانون القومية، وكذلك في خفض المكانة المهينة تقريباً للغة العربية، خطوة ترجع إلى الوراء التقدم الذي تحقق خلال السنين، ولا يغير في الأمر من أي تلاعب قانوني.
من الأفضل أن يستثمر الساسة الإسرائيليون طاقتهم في تقويم هذا الخلل الأساسي في جهاز التعليم الإسرائيلي، الذي لم ينجح في إعطاء الطلاب اليهود القدرة على تحدث العربية بطلاقة، وتحويل اللغة العربية إلى ما كان ينوي الآباء المؤسسون أن تكون عليه: لغة رسمية في الدولة إلى جانب العبرية.
قانون القومية يخدم بشكل مباشر الساسة العرب المتطرفين في إسرائيل، الذين يفعلون كل ما في استطاعتهم لمنع الدمج الناجع للمواطنين العرب في المجتمع والاقتصاد الإسرائيليين.
موشيه آرنس
(نُشر أولا في هآرتس 19/7/2018) ـ هآرتس 8/1/2019