اندلاع مواجهات مسلحة بين أنصار تنظيمي “الدولة” والقاعدة في مالي

وهج 24 : ضمن أخبار مفرحة للأطراف الدولية المحاربة للإرهاب بمنطقة الساحل.استمرت الجمعة بشكل متقطع في مواقع متعددة، مواجهات مسلحة كانت قد بدأت الخميس الماضي في منطقة “بوفيل” الواقعة داخل الأراضي المالية على مقربة من حدود مالي وموريتانيا، بين مسلحين من “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وآخرين من تنظيم “الدولة الإسلامية” في الصحراء الكبرى.

وأسفرت هذه المواجهات حسب مصادر متابعة للملف عن قتلى وجرحى واعتقالات لأسرى من هذا الطرف وذاك.
ونقل موقع “صحراء ميديا” الموريتاني المستقل أمس، عن مصادر محلية قريبة من موقع المواجهات “تأكيدها بأن الاشتباكات وقعت بين مقاتلين من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتحديداً من جناح أمادو كوفا، زعيم جبهة تحرير ماسينا (زنوج مالي) مع مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى التي تتبع لأبي الوليد الصحراوي”.
وبحسب هذه المصادر فإن الاشتباكات وقعت يوم الخميس في منطقة “بوفيل” التي تبعد 50 ميلا فقط عن الحدود الموريتانية المالية، قبالة مدينة فصالة الموريتانية الآهلة باللاجئين الماليين الفارين من جحيم الحرب في شمال مالي.
واندلعت هذه الاشتباكات بعد أيام من فشل مفاوضات سرية بين المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم “الدولة” والقاعدة في تلك المنطقة، إثر خلافات حادة بينهما وصراع أسفر عن احتجاز كل طرف لأسرى من الطرف الآخر.
وكان الطرفان قد عقدا اجتماع أزمة فاشلا أيضا في شهر سبتمبر الماضي ضم قادة في تنظيم أبي الوليد الصحراوي وأمراء من جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، بمن فيهم البوركينابي، جعفر ديكو، وأمراء مالي.
وكان الغرض من هذا الاجتماع هو تحديد مواقع التأثيرات الإقليمية لكل جماعة والخطوط التي يجب عدم تخطيها بين المجموعتين، لكن كل تلك المساعي باءت بالفشل، حيث انتهى الاجتماع دون التوافق على تقسيم مناطق النفوذ وازداد التوتر بينهما.
ويتهم تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” خصومه في جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، بـ”التواطؤ” مع بعض الدول المجاورة، ولا سيما موريتانيا والجزائر، كما ينتقد ما يصفها بـ”العلاقات الغامضة” لجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” مع ممثلي الدولة المالية والزعماء المحليين.
وأعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهي تحالف جهادي بقيادة إياد أغ غالي، قبل يومين “أنها مستعدة للحوار مع باماكو بشرط أن تسحب فرنسا والأمم المتحدة قواتهما من مالي”.
جاء ذلك عبر بيان نشره متحدث باسم الجماعة المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، على موقع “الزلاقة”، وأكدت صحته منظمة غير حكومية أمريكية تراقب مواقع الجهاديين.
وأضاف الناطق: “نحن على استعداد للدخول في مفاوضات مع حكومة مالي التي أعلن رئيسها رغبته في التفاوض مع الجماعة من أجل مناقشة سبل إنهاء الصراع الدامي الذي دخل عامه السابع بسبب الغزو الصليبي الفرنسي”.
وقال: “لا يمكن أن يكون هناك أي مفاوضات في ظل الاحتلال وقبل رحيل جميع القوات الفرنسية وأولئك الذين يتبعونهم من مالي”.
وتؤكد المصادر أن “سبب اندلاع المواجهات المستمرة على حدود مالي وموريتانيا، هو محاولة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين استعادة منطقة بوفيل الاستراتيجية التي وقع فيها الاشتباك والتي انتزعتها قبل أشهر عناصر تنظيم الدولة من مسلحي جبهة تحرير ماسينا التي يقودها أمادو كوفا والتي لها سلطة تقليدية على سكان المنطقة.
ويشهد تنظيم “الدولة في الصحراء الكبرى” صعودا كبيرا، حيث أصبح القوة المسيطرة في منطقة الساحل الأفريقي بعد أن تعرض تنظيم “الدولة” الأم في العراق وسوريا لضربات قوية.
وشن هذا التنظيم هجمات مسلحة قوية في المنطقة الحدودية الثلاثية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وبدأ سيطرته على مواقع هامة في تلك المنطقة التي تسعى القوى العسكرية الدولية وقوة مجموعة دول الساحل الخمس إلى تطهيرها وتأمينها، لكونها بؤرة وجود التنظيمات المسلحة.
وكانت قمة مدينة “بو” الفرنسية التي جمعت رؤساء فرنسا ودول الساحل الخمس (موريتانيا، مالي، النيجر، تشاد وبوركينا فاسو) منتصف يناير الماضي، قد أكدت في بيانها الختامي صعود تنظيم “الدولة”، مؤكدة أنه “أصبح العدو المشترك رقم واحد في منطقة الساحل”.
ويعاني تنظيم “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، الذي تُشكّل كتيبة تحرير ماسينا جزءا منه، منذ فترة من انشقاقات متواصلة ونزيف حاد لعناصره الذين انتقلوا عنه، لينضموا لتنظيم الدولة”، الأمر الذي زاد من قوو التنظيم في الساحل والصحراء الكبرى.
وبهذه الاشتباكات، ينتهي عهد التعايش الهش الذي طالما طبع الجماعات الجهادية الناشطة بالساحل والصحراء الإفريقية وميّزها عن مثيلاتها في باقي مناطق العالم.
وحتى وقتٍ قريب، ظلّت فروع القاعدة و”الدولة الإسلامية” بالساحل تختلف عن نظيراتها في الشرق الأوسط وآسيا وحتى بالشرق الأفريقي، التي يطغى على علاقاتها فيما بينها التنافس والاقتتال، كما حدث لفرعي التنظيمين في سوريا واليمن وأفغانستان وحتى الصومال.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا