سلطات المغرب تقدم المدرّسين المعتقلين إلى المحاكمة وسط حملة تضامن واسعة

وهج نيوز : شهدت قضية المدرّسين المغاربة المعتقلين على خلفية مشاركتهم في مسيرة احتجاجية في الرباط، تفاعلات جديدة، إذ انطلقت أمس الخميس محاكمتهم في محكمة العاصمة للدرجة الأولى، وسط تضامن حقوقي كبير.

ورغم أنه لم يصدر أي بيان رسمي في الموضوع، فيبدو أن التهمة التي ستوجه لهم ـ وفق مراقبين ـ هي خرق قانون الطوارئ والتجمهر العمومي بدون رخصة من طرف السلطات، ما دامت هذه الأخيرة استبقت المظاهرات، وأعلنت عن منع أي تجمع في الشوارع والساحات العمومية، تحت ذريعة الإجراءات الاحترازية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد.
واجتمع مئات المدرسين للتظاهر يومي الثلاثاء والأربعاء في الرباط للتظاهر، مطالبين وزارة التعليم بإدماجهم في الوظيفة العمومية، عوض الاقتصار على العقود المبرمة معهم.
وأعلن عشرات المحامين المغاربة تطوعهم للدفاع عن المدرسين المعتقلين، حيث تجاوز عددهم 40 محامياً، في حين أفاد مصدر إعلامي أن عدد المدرسين المحالين على المحاكمة 20 مدرسة ومدرساً.
ورصدت صحيفة “العمق” الإلكترونية الأجواء التي سبقت المحاكمة، فلاحظت أن محيط المحكمة الابتدائية في الرباط شهد استنفاراً أمنياً كبيراً للحيلولة دون أي وقفة احتجاجية تضامناً مع المعتقلين. وذكرت أن عدد المدرسين المعتقلين على خلفية احتجاجات الثلاثاء والأربعاء في الرباط، فاق 60 أستاذاً.
في السياق ذاته، طالب عدد من النشطاء المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، بإطلاق سراح المدرسين المعتقلين والكفّ عن تعنيفهم وفض مسيراتهم بالقوة، ما دامت احتجاجاتهم سلمية، كما دعوا إلى فتح باب الحوار معهم والاستجابة لمطالبهم.
كما طالبت النقابة التعليمية تابعة “للمنظمة الديمقراطية للشغل” بالإفراج فوراً ودون شروط عن كافة المدرسين المعتقلين، مضيفة أنها تتابع بقلق بالغ واستياء كبير استمرار الحكومة في التعاطي السلبي مع الاحتجاجات، والمسيرات السلمية والحضارية للمدرسين الذي فرض عليهم نظام التعاقد. وشددت كذلك على ضرورة فتح حوار جاد ومسؤول مع تنسيقية أولئك المدرسين، لتجاوز حالة الاحتقان، وتنفيذ قرار الإدماج الشامل دون تسويف أو مماطلة أو تهرب من المسؤولية السياسية.
وقال سليمان العمراني، النائب الأول للأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” الذي يقود الحكومة، إنه أسف على العنف الذي مورس على المدرسين المحتجين، مبرزاً أن خروجهم للاحتجاج أمر يدخل في إطار ممارسة حقهم الدستوري في الاحتجاج والتظاهر السلمي. وشدد خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني بثته القناة الثانية المغربية، على أن هذا الملف ينبغي أن يعرف حواراً مباشراً بين الوزارة والمدرسين المعنيين.
وأعلن عدد من الحقوقيين عن تشكيل لجنة لمساندة المدرسات والمدرسين المعتقلين، حيث أصدرت بياناً تلقت “القدس العربي” نسخة منه، جاء فيه أن شوارع العاصمة الرباط شهدت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، تدخلاً أمنياً عنيفاً واعتداءات جسدية ولفظية في حق المدرسات والمدرسين الذين شاركوا في الشكل الاحتجاجي السلمي الذي دعت إليه التنسيقية الوطنية للمدرسين الذين فرض عليهم التعاقد.
وأضاف البيان أن هذا التدخل أسفر عن اعتقال العشرات من المحتجين وتم الاحتفاظ بهم، إذ وصل عدد المعتقلين، حسب المعطيات المتوفرة، إلى أزيد من 60 مدرسة ومدرساً، جرى وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي، إلى حين تقديمهم أمام أنظار النيابة العامة.
وعلى إثر ذلك، التأم في مقر “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، أول أمس الأربعاء، عدد من الهيئات الحقوقية والنقابية، بحضور التنسيقية الوطنية للمدرسين الذين فرض عليهم التعاقد، وذلك بهدف تدارس سبل دعم ومساندة المعتقلات والمعتقلين، حيث تشكلت لجنة لهذه الغاية. وأكدت تضامنها مع نضالات الشغيلة التعليمية عموماً ونضالات التنسيقية الوطنية للمدرسين الذين فرض عليهم التعاقد من أجل حقهم في العمل القار والضامن للحياة الكريمة، وفي دفاعهم عن التعليم العمومي.
واعتبرت أن الحق في الاحتجاج السلمي هو حق أصيل وحق مكفول بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والدستور المغربي؛ ونددت باستغلال حالة الطوارئ الصحية من طرف الدولة للتراجع عن العديد من المكتسبات الحقوقية والعودة المكشوفة للتسلط والشطط البين في استعمال السلطة. كما اعتبرت أن اعتقال المدرسين وما رافقه من تنكيل هو اعتقال تحكمي، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين والكف عن استعمال المقاربة الأمنية في مواجهة مطالبهم.
وأعلنت عن دعمها ومؤازرتها لكافة المدرسات والمدرسين المعتقلين، وتكليفها فريقاً من المحاميات والمحامين لحضور ومتابعة تقديمهم أمام أنظار النيابة العامة؛ ووجهت نداءها إلى كل الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية إلى الانضمام إلى هذه المبادرة.
وتضم اللائحة الأولية للهيئات المشكلة للجنة: العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، والجمعية المغربية للنساء التقدميات، والجامعة الوطنية للتعليم/الاتحاد المغربي للشغل جهة الرباط، والنقابة الوطنية للتعليم/ الكونفدرالية للديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، والجامعة الوطنية لموظفي التعليم، والاتحاد العام لطلبة المغرب.
في السياق نفسه، أصدرت نقابة “الجامعة الوطنية للتعليم” بياناً دعت فيه إلى تنظيم
وقفات احتجاجية في المؤسسات التعليمية، الخميس، أثناء فترات الاستراحة، وخوض إضراب وطني الجمعة ووقفات، مع إعطاء الصلاحية لفروع الجامعة في اختيار مكانها (ساحات عمومية، العمالة، الولاية، المديرية الإقليمية…). كما قررت عقد مجلس وطني استثنائي، الخميس 15 نيسان/ أبريل، معلنة عن تنسيق الفعل الاحتجاجي بين مكونات المشهد النقابي التعليمي وكل الفئات التعليمية المناضلة.
وتحدث البيان الذي اطلعت عليه “القدس العربي”، عن “الوضع الخطير” الذي آل إليه قطاع التعليم جراء لا مبالاة الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتعاطي مع الاحتجاجات السلمية لنساء ورجال التعليم بالانتهاكات الصارخة للحريات العامة وتعميم القمع الوحشي الذي تجاوز كل الحدود والاعتقالات والمحاكمات الصورية وممارسة أفظع الأساليب الحاطة بالكرامة الإنسانية، واستغلال حالة الطوارئ الصحية لتشديد القبضة الأمنية التحكمية.
وحملت النقابة التعليمية الحكومة ووزارة التربية خاصة كامل المسؤولية في إدماج المدرسين الذين فُرض عليهم التعاقد في أسلاك الوظيفة العمومية والاستجابة الفورية لكل ملفات الشغيلة التعليمية بجميع فئاتها.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا