سياسيون مغاربة يغيرون أحزابهم مع اقتراب الانتخابات… ومراقبون: إساءة للسياسة وشرخ لثقة المواطنين
وهج نيوز : طالب فريق “العدالة والتنمية” في مجلس النواب، رئيس المجلس بمراسلة رئيس المحكمة الدستورية في شأن تجريد النائب البرلماني عبد اللطيف الناصري، من عضوية مجلس النواب.
ويتعلق الأمر بنائب برلماني قدَّم استقالته من الحزب قائد الائتلاف الحكومي، والذي كان قد ترشح باسمه في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، والتحق بحزب “التجمع الوطني للأحرار” منذ أيام.
واستند فريق “العدالة والتنمية” في مراسلته، على مقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، والتي نصَّت على أن التجريد من عضوية المجلس يمكن أن تكون بالتخلي عن الحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو عن المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها.
وينُصُّ الفصل 61 من الدستور المغربي على أنه “يُجرَّد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشّح باسمه للانتخابات أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها”.
وساهم الفصل المذكور في الحد من ظاهرة الترحال السياسي في البرلمان المغربي، فخلال الولاية البرلمانية الحالية 2016ـ 2021، عرفت تجريد 7 برلمانيين من صِفتهم من قبل المحكمة الدستورية بسبب الترحال السياسي، مقابل تسجيل 111 حالة تجريد خلال الولاية البرلمانية التي سبقتها.
وتُصرح المحكمة الدستورية بعد إصدارها للحكم بشُغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام النظام الداخلي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضاً آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية.
وعلى بعد شهور قليلة من الانتخابات الجماعية والتشريعية، يلاحظ أن عبد اللطيف الناصري ليس السياسي الوحيد الذي استبدل لونه الحزبي بآخر، فبعد استقالتها من حزب “العدالة والتنمية”، التحقت البرلمانية السابقة والقيادية في شبيبة العدالة والتنمية سابقاً اعتماد الزاهيدي، بحزب “التجمع الوطني للأحرار”، بالإضافة إلى 4 منتخبين عن الحزب ذاته، حيث كان في استقبالهم عزيز أخنوش، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، بالمقر المركزي في الرباط.
التزام سياسي هش
بالنسبة للنائبة البرلمانية وعضو لجنة العدل والتشريع بثينة القروري، الترحال السياسي هو مشكلة ثقافية وأخلاقية مرتبطة بهشاشة قيمة الالتزام الحزبي والسياسي التي تطبع العلاقة القائمة بين بعض الأحزاب والمنخرطين فيها، وتفشي قيم الارتباط المصلحي والانتهازي المرتبط بطبيعة الظرفية السياسية وتقلباتها في ظل فضاء سياسي مازال يشتغل بآليات الزبونية والريع السياسي.
وتعتقد البرلمانية عن حزب “العدالة والتنمية”، خلال حديث جمعها بـ “القدس العربي”، أن هناك أحزاباً سياسية تنتعش وتزدهر من خلال الترحال السياسي عن طريق جلب الأعيان ومن لهم حظوظ للظفر بمقعد برلماني، ليصبح أساس تواجُدها واستمرار تمثيليتها في المؤسسات يقوم على الترحال، ومشكل هذه الأحزاب مرتبط كذلك بإشكال نشأتها الذي ارتبط باستقطاب أفراد من أحزاب أخرى مع كل محطة انتخابية مستعيضة بذلك عن القيام بوظائف التأطير والتكوين وصناعة النخب الحزبية.
بخصوص الحل القانوني والدستوري، تعتقد السياسية المغربية أن الدستور في فصله61 وكذا القانون التنظيمي للأحزاب السياسية منَعا الترحال السياسي الذي أصبح يشمل جميع المهام الانتدابية وليس فقط البرلمان، “بل إن قرار المجلس الدستوري أرسى لمبدأ الوفاء السياسي، واعتبر أن “حرية المنتخب في تغيير انتمائه السياسي مقيدة بحقوق الناخبين وحقوق الهيئات السياسية التي رشحته لمهام انتدابية، في نطاق تعاقد معنوي بين الطرفين”، تقول النائبة البرلمانية.
وترى بثينة القروري، أن المحيط الدستوري والقانوني، على أهميته، ليس هو دائماً المدخل لتكريس الديمقراطية كما هي متعارف عليها دولياً إن لم يصاحبه سعي لتطوير الثقافة الحزبية والخروج منها من الانتهازية والنفعية والمصلحية وكذا إصلاح النظام السياسي برمته واعتبار الديمقراطية محدداً بنيوياً في أي إصلاح.
شرخٌ بين السياسة والمواطن
وقالت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير، إن ظاهرة الترحال السياسي تبرُزُ إلى السطح مع اقتراب كل محطة انتخابية، ولعل هذا ما دفع المُشرِّع المغربي إلى منع هذه الظاهرة بهدف الحد منها، ونص دستور 2011 على منع ظاهرة الترحال السياسي بين الأحزاب، ووضع عقوبة فقدان المقعد البرلماني إذا ما ثبت تخلي الشخص عن انتمائه الحزبي، وهو المبدأ الذي تم العمل على تنزيله وتكريسِه في باقي القوانين التنظيمية الأخرى المتعلقة بالانتخابات، سواء الجماعات الترابية (المجالس المحلية) أو الغرف المهنية.
وقالت المتحدثة ضمن تصريح لـ “القدس العربي”، إنه مما لا شك فيه أن الترحال السياسي لا يترجم المبادئ الدستورية والقانونية المؤطرة للانتخابات والحياة السياسية في المغرب، بقدر ما يترجم حالة النشاز التي أصبحت تطغى على المشهد السياسي وتبرز معها هذه الكائنات الانتخابية، وهو ما يشكل انعكاساً سلبياً على المشهد السياسي وعلى مآل المسار الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب.
واقع الحال أثبت أن هذه الظاهرة تعمق شرخ انعدام الثقة بين العمل السياسي والمواطنين، تؤكد شريفة لموير، خاصة وأن هذا السلوك يرمي إلى الحفاظ على المقعد البرلماني، بمعنى المصلحة الخاصة للأفراد وليس المصلحة العامة المتمثلة في تمثيل المواطنين وترجمة مشاكلهم والدفاع عنهم في المجالس.
المصدر : القدس العربي