موريتانيا: الرئيس السابق يوجه رسالة للشعب ويدعو للانضمام لحزب الرباط
وهج نيوز : تنشغل الساحة السياسية الموريتانية منذ أمس بالخطاب الذي وجهه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز للشعب الموريتاني وبالتحالف السياسي الذي أبرمه مع حزب الرباط من أجل الحقوق وبناء الأجيال، الذي يرأسه السعد ولد لوليد والذي سيعلن عن تفاصيله الجمعة.
فقد شكلت هذه الرسالة وهذا التحالف، مضافين إلى التحرك الدولي الذي يخطط له الرئيس السابق، أن الرئيس ولد عبد العزيز لم يضع السلاح بعد رغم إخضاعه لرقابة القضاء وتجميد ممتلكاته، بل يسعى للعودة للساحة السياسية الموريتانية معارضاً شرساً، مستغلاً ثروته الهائلة ومنتهزاً تعثرات خلفه الجديد على ممارسة الحكم.
ودعا الرئيس السابق في رسالته “جميع الشخصيات السياسية والاجتماعية وأصحاب الكفاءات والخبرات الحرة والمستقلة والفعاليات والتيارات النسائية والشبابية التي واكبتنا في مرحلة بناء موريتانيا الجديدة والتي ما زالت، حسب تعبيره، تؤمن معنا بضرورة مواصلة عملية البناء وتلك الإنجازات وضرورة الحفاظ عليها والدفاع عنها، إلى الاندماج في حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال لمواصلة العمل معاً من أجل بلادنا وشعبنا”.
وانتقد الرئيس السابق في رسالته للشعب التي تم تداولها على نطاق واسع، سياسات خلفه ورفيق دربه الرئيس الغزواني، حيث قال: “إن حالة التراجع والتقهقر والانتكاس التي يعرفها البلد اليوم أصبحت تهدد الوحدة الوطنية والإنجازات والمكتسبات الديمقراطية، وقد نتج عن تلك الحالة تراجع كبير في المستوى القيمي والأخلاقي والتخلي عن المبادئ وانحسار واضح في حالة الحريات الفردية والجماعية الحزبية والإعلامية، والحجر البين على أفكار وآراء السياسيين والإعلاميين والشباب والنساء، من خلال الترهيب والاعتقالات خارج المساطر القانونية والاختطاف دون تهمة أو مذكرة توقيف صادرة عن القضاء، وإجبار المؤسسات الإعلامية الخاصة وأصحاب الأقلام والأفكار والمواقف الحرة على الخضوع لسياسات وتوجيهات السلطة، في تراجع خطير لمساحات الحريات وخرق جسيم لمنظومة القوانين والتشريعات الوطنية عبر سياسة الترغيب وحشو الأفواه بالعصا والجزرة لتضليل الرأي العام عن همومه اليومية ومشاكله المعيشية”.
ووجه الرئيس السابق، في رسالته، انتقاداً لمعارضة نظامه السابق وللأغلبية التي كانت تدعمه خلال حكمه، مضيفاً قوله في هذا الصدد: “أسجل هنا الدور السلبي والتآمري الذي لعبه ما كان يسمى بـ”المعارضة” وما كان يطلق عليها “أغلبية”، فقد أثبتت المواقف والأحداث على الساحة السياسية أن قناعات بعضهما ليست نابعة من مبدأ ولا صادرة عن إيمان بأي مشروع وطني مهما كانت طبيعته، ويظهر من خلال كل ذلك أن ما كان يسمى بالمعارضة لم يكن سوى تجمع مغاضباتي ونفعي بامتياز، ولم يكن همه الدفاع عن المصالح العليا للوطن ولا الحفاظ على المكتسبات الوطنية”.
وحرص الرئيس السابق في رسالته على إظهار عودته للساحة السياسية، حيث قال: “بناء على ما تقدم، فإنني أؤكد لكم كما أكدت لكم سابقاً مراراً وتكراراً، عزيمتنا وإصرارنا على الحفاظ والدفاع عن المكتسبات والإنجازات التي حققناها سابقاً والوقوف بالمرصاد في وجه كل الممارسات والسياسات الرجعية التي ستعيد شعبنا ووطننا إلى المربع الأول، مربع التخلف والفساد والتبعية والزبونية”.
ولم تكد رسالة الرئيس السابق تُنشر حتى انبرى خصومه من كبار الساسة والمدونين للرد عليه بقوة؛ وكان الوزير السابق سيدي محمد ولد محم (كان من كبار أعوان الرئيس السابق) في مقدمة من كتبوا رسائل جوابية للرئيس السابق، حيث خاطبه قائلاً: “إن وصفك لمعارضتك وأغلبيتك التي دعمتك حتى نهاية مأموريتك الثانية، بالتآمر والسلبية، دليل مراهقة سياسية متأخرة لا تناسبكم مطلقاً وتكشف أكثرَ كم تهون العشرة عندكم، وكيف لا يكون للعهد أي معنى لديكم. إننا كأغلبية، لم نتآمر يوماً معكم ولا ضدكم، ولم نسرق ولم ننهب، وما زال معيار التفاضل بيننا هو نظافة الكف من المال العام، وبإمكانكم إثبات العكس لو شئتم”.
وأضاف: “أما نزولكم لساحة العمل السياسي، فهو في الأصل حقكم، لكن عليكم إعلان مصادر ثروتكم الهائلة التي اكتسبتم وأنتم في مواقع لا يجوز لشاغلها التكسب ولا التربح، وحينئذ بإمكانكم منافستنا بما كسبتم من مال حلال. أما مزاحمتنا ومنافستنا بأموال مشبوهة لا يستطيع صاحبها إعلان أي مصدر من مصادرها، فهو ما لا يعقل ولا يقبل، وشرط التنافس بين الساسة هو نظافة الكف ثم نظافة الخطاب”.
ومن ردود الفعل على انضمام الرئيس السابق لحزب الرباط، إعلان التحالف الوطني للكتل السياسية الذي يضم أكثر من 30 كتلة سياسية داعمة للرئيس السابق، عن تجميد نشاطه السياسي الداعم للرئيس السابق ولد عبد العزيز”.
وأردف التحالف في بيان وزعه الخميس: “بعد 14 أربعة عشر شهراً من النضال السياسي والحقوقي والوقفات الاحتجاجية والخطابات السياسية النارية المدافعة عن الرئيس السابق في المنابر الإعلامية، فوجئنا الليلة بهذا البيان الأحادي الذي لم يستشرنا الرئيس السابق حوله كشركاء وفاعلين سياسيين وحقوقيين”.
ويبقى السؤال الذي يطرحه المراقبون هو ما إذا كانت السلطات الموريتانية ستقبل بخطوة انضمام الرئيس السابق لحزب التحالف ودخوله في الساحة من بوابة هذا الحزب الصغير القائم في الأصل على الدفاع عن الأرقاء السابقين، أم أنها سترفض هذه الخطوة كما فعلت في شهر آب/أغسطس الماضي، حيث علقت نشاطات الحزب الوحدوي الديمقراطي الاشتراكي لمدة 90 يوماً وأغلقت مقره، بعد أن حاول الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز استغلاله كمنبر سياسي يمكنه من العودة للساحة السياسية.
المصدر : القدس العربي