الإدارة الأمريكية تسعى للهيمنة على المنطقة والعالم من خلال المواضيع الإنسانية
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي….
لآفتة ومخيفة التصريحات الحماسية للإدارة الأمريكية التي تظهر من خلال أقوال بايدن ووزير خارجيته بلينكن ومندوبيهم في مجلس الأمن والأمم المتحدة إتجاه ما يسمى بالمواضيع (الإنسانية) ومن ضمنها حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية وحرية الشعوب…وغيرها من المواضيع الإنسانية والتي تعتبر مدخلا لكل الإدارات الأمريكية السابقة والحالية لتنفيذ أهداف عجزوا عن تنفيذها عبر تاريخهم الملطخ بدماء شعوب الأمة والعالم، وتعددت وتشعبت تلك المواضيع في السنوات الماضية من المؤامرة على دول الأمة العربية والإسلامية وشعوبها لزيادة الضغوطات على كل من يعارض أفعالهم الخبيثة وتدخلاتهم وتصريحاتهم الملونة وفتنهم وحروبهم في المنطقة والعالم…
فتصريحات بايدن وبلينكن كثيرة في هذا الخصوص منها تصريحاتهم وإصرارهم على إدخال المساعدات (الإنسانية) إلى إدلب السورية حيث أنها إدعت بأن الحكومة السورية منعت من إدخال تلك المساعدات من خلال باب الهوى أو الطرق الأخرى المعتمدة وهذا عار عن الصحة لأن باب الهوى تسيطر عليه المنظمات الإرهابية النصرة والجولاني من جهة، ومن الجهة الأخرى الجيش السوري والذي يعمل على إيصال تلك المساعدات الإنسانية للأهالي المحتجزين في إدلب وغيرها من قبل النصرة وتحرير الشام، وإن وجدت حقا تلك المساعدات تدخل مباشرة عبر باب الهوى…وغيره وبإشراف الحكومة والجيش السوريين والقوات الروسية، ومن خلال الإصرار الأمريكي على إدخال تلك المساعدات من الطرق التي هي من يحددها يثير الخوف والقلق والشكوك حول ما تحمله تلك المساعدات والتي قد تكون مساعدات لاإنسانية، متناسين عقوباتهم بقانون قيصر الذي فرض على الشعب السوري بأكمله وأثر كثيرا على الدول المحيطة كالأردن ولبنان…
وفي العراق وبالرغم من الإتفاق بين الطرف الأمريكي والعراقي على سحب كل قواتها من العراق لأن العراقيون قادرون على إدارة وطنهم، إلا أن الإدارة الأمريكية مترددة وتصريحاتها متناقضة بين الفينة والأخرى، وعندما تقوم المقاومة العراقية بإطلاق صواريخ على القواعد الأمريكية المحتلة لتجبرهم على الإلتزام بالإتفاق والخروج الكامل كلما قامت أمريكا بطرق ملتوية وإرتكبت جرائم أخرى بحق المقاوميين العراقيين من الحشد الشعبي والذي يمثل كل العراقيين كما جرى قبل عدة أيام على الحدود السورية العراقية للبقاء في العراق وبكل وقاحة يصرحون بأن بقائهم لنواحي إنسانية ومحاربة داعش ومساعدة الجيش العراقي وتدريبه وهذا كله كذب لأنهم هم من إحتل العراق ونهب خيراته وأمواله ونفطه ودمر حياة شعبه وقتلهم وهجرهم ومن ثم أدخل الدواعش عليهم بعد أن دربتهم الأجهزة الأمريكية العسكرية وسلحتهم وسهلت لهم دخول العراق لإحتلاله مرة أخرى، فثبت الله المقاوميين العراقيين ودحروا الإحتلال الكامل وسيطروا على البلاد وأنهوا الفتن الطائفية وعاد معظم العراقيون لوطنهم وحاربوا الدواعش وأخرجوهم من العراق رغم بقاء بعض الفلول هنا وهناك إلا أن الشعب والجيش والمقاومة الشعبية والقيادات العراقية ستنتصر في النهاية رغما عن أنوف الإحتلال الصهيوغربي وستفشل كل أهدافه وستدفن في أرض العراق العظيم…
وأيضا التردد الأمريكي الواضح في الإنسحاب الكامل لقواتها من أفغانستان والتصميم الأخير على بقاء جزء من قواتها هناك كوضع إنساني مساعد للحكومة وللشعب الأفغاني خوفا من أن تنقلب طالبان على الحكومة الأفغانية وتتسلم الحكم، بالرغم من وجود إتفاقيات موقعة –وبإشراف وموافقة أمريكية — بين طالبان والحكومة الأفغانية لإدارة البلاد معا ووفقا للدستور الأفغاني المتفق عليه وكما إعترفت أمريكا بأن حركة طالبان هي جزء من الشعب الأفغاني ولها الحق بالترشح البرلماني والرئاسي وبإشراف عربي وإقليمي ودولي، إذن لماذا تنقلب طالبان على الإتفاق فجأة وتسيطر على عدة مدن أفغانية وبإعتراف بعض قادتها وبنفي آخرين، ولماذا تبقي أمريكا جزء من قواتها إنسانيا لمساعدة الأفغان حكومة وشعبا، بالرغم من أنها تعلم بأن حركة طالبان لا تستطيع السيطرة الكاملة على البلاد وخلال أيام إلا إذا وجدت دعم من أمريكا فقط، إذن هل هناك إتفاق بين الإدارة الأمريكية وبين حركة طالبان ودعم مخفي ومخيف للسيطرة الكاملة على البلاد والعباد ومن ثم جلب مقاتليين من الخارج لزعزعة إستقرار روسيا وإيران وبتوجيه من القوات الأمريكية القليلة التي ستبقى هناك لمساعدتهم على ذلك…؟!!!
وأيضا التركيز على الوضع الإنساني في مناطق الحكومة في عدن فقط، أما صنعاء التي يقتل شيوخها ونسائها وأطفالها ومعظم سكانها وبشكل يومي غير الفقر والمرض واللجوء من الحصار الأمريكي السعودي الإماراتي فلا يوجد لهم مساعدات إنسانية، لا بل تنتشر الإشاعات والأكاذيب المدبلجة والكثيرة من أن هناك انتهاك لحقوق الإنسان وجرائم إنسانية وحالات تعذيب وقتل جماعي…وغيرها يرتكبها الحوثيين، متناسيين أطفال وشيوخ ونساء صنعاء الذين يعانون كل أنواع القتل والفقر والمرض من الحرب الظالمة التي شنت عليهم بهتانا وزورا وبشتى أنواع الأسلحة ومنها المحرمة دوليا، ومتناسيين الجرائم التي يندى لها جبين الأمة والإنسانية التي ترتكب في عدن بحق المدنيبن من خلال النزاعات المستمرة بين الفينة والأخرى بين المتقاتليين من حكومة هادي المدعوم سعوديا وبين المجلس الإنتقالي المدعوم إماراتيا، ومتناسين الحصار البري والبحري والجوي المفروض على الشعب اليمني بأكمله…
وفي غزة أيضا يصرحون بأنهم سيتعاملون وفورا مع الوضع الإنساني الخطير في غزة ووقف إطلاق النار مضى عليه أكثر من شهر ونصف وهم لم يفعلوا شيئا لغزة لأنهم يحاصرونها ويضغطون على قادة الفصائل للموافقة بإدخال المساعدات الخاصة بالإعمار وغيرها مقابل إطلاق الأسرى الصهاينة أو يقايضونهم بأن تلك المساعدات ستتم عبر السلطة وبالتنسيق معها فقط، ويقايضونهم أيضا على سلاحهم بالمساعدات لمنع فصائل المقاومة من التسلح أكثر، متناسيين بأن فلسطين محتلة بأكملها من قبل كيانهم الإستعماري الصهيوني الذي دعموه في الماضي البعيد لإحتلال الأرض والإنسان الفلسطيني، ومتناسيبن جرائم قادة تلك العصابات وآخرهم نتنياهو في حروبهم التي أبادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وجرائمهم في تلك الحرب الأخيرة على غزة…وغيرها من الحروب التي إرتكبت بحق أبناء غزة، وأيضا لا يذكرون الحصار المطبق على غزة منذ عدة سنوات لغاية كتابة هذه السطور وقد يبقى ذلك الحصار الظالم لأن قادة المقاومة لم ولن يضيعوا ثمار نصرهم الأخير ولن يرضخوا لأحد غير الله سبحانه وتعالى وستفشل كل تلك الضغوطات وسترمى في مزابل التاريخ وستنتصر غزة ومقاوميها ومحورها من جديد…
وفي لبنان تجتمع الدول الغربية وأمريكا يتباكون على لبنان ويطالبون المجتمع الدولي بمساعدة لبنان وتحسين وضعه الإقتصادي والإنساني وهم من سبب ذلك الوضع بالتعاون مع أدواتهم الصهيوغربية في الداخل من بعض زعماء الأحزاب كسمير جعجع والجميل والسنيورة وغيرهم وبعض قادة الدول المستعربين ممن وضعوا آياديهم سابقا بيد الإحتلال الصهيوغربي بقيادة شارون وغيره وقتلوا الشعبين اللبناني والفلسطيني في لبنان، واليوم يحاصرون الشعب اللبناني وجيشه ومقاومته لتحقيق ما عجزوا عن تنفيذه في الماضي البعيد والقريب ليتم توطين الفلسطينين في لبنان، أو ليوقعوا لبنان بحرب أهلية تؤدي إلى إنهياره كاملا كما خطط في الماضي لكن مخططاتهم ستفشل وسينهض لبنان الأبي بشعبه وقيادته وجيشه وبمقاومته منتصرا كالعادة على كل تلك الأزمات المفتعلة والمخطط لها في غرفهم المغلقة…
وفي ليبيا وبعد أن تم إختيار رئيس مؤقت ورئيس وزراء مؤقت لحين إجراء الإنتخابات الليبية، يعملون على فرض أمر واقع على الشعب الليبي وعلى من يمثلهم في تلك الإجتماعات وتتدخل الدول كافة من خلال المواضيع الإنسانية للحفاظ على مصالحها أي حصتها من خيرات ونفط وأموال ليبيا وتتهم بعض المجتمعين الشرفاء بأنهم يقوضون نتائج الإجتماع ويعملون على إفشاله، ويركزون بإجتماعاتهم وتصريحاتهم الصهيوغربية على الوضع الإنساني الليبي وهم من كان سببا قبل عشرة سنوات بكل ما جرى في ذلك البلد العربي الأصيل من إحتلال أطلسي ونهب لنفطه ولخيراته ولأمواله دون حسيب أو رقيب وتنصيب أدواتهم الذين رفضهم الشعب الليبي وطردهم وإدخال مرتزقة قتلة مجرمون….وغيرها من الأحداث التي جرت سابقا إلى يومنا الحالي وكلها بشعارات المواضيع الإنسانية الملونة…
وفي روسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوبا…وغيرها يتلاعبون كثيرا بتلك المواضيع الإنسانية ومن عدة إتجاهات لتحقيق أهدافهم في تلك الدول التي عارضت وما زالت تعارض وترفض الهيمنة الصهيوأمريكية أوروبية على دولها وشعوبها وخيراتها، وتصريح الرئيس الصيني الأخير يعبر عن تصريحات قادة كل تلك الدول المقاومة للهيمنة الأمريكية وتدخلاتها في شؤون الدول المستقلة وذات السيادة الكاملة حيث قال الرئيس الصيني موجها تصريحاته إلى أمريكا (بأن زمن التنمر على الشعوب قد ولى إلى غير رجعة….)
لذلك على تلك الدول وبالذات الكبرى أي روسيا والصين وإيران والتي إنتصرت على كل العقوبات الصهيوأمريكيةأوروبية المفروضة عليها وكل فتنها وتدخلاتها وحروبها العسكرية والسياسية والإقتصادية والدينية …وغيرها وفي كل الميادين، عليها أن تدعم كل الدول الفقيرة والمحاصرة والمفروض عليها أشد أنواع العقوبات وبكل أنواع الدعم اللوجستي ليبقى محور المقاومة العالمي قوي لاتهزه رياح الهيمنة الأمريكية وخططها الخبيثة والنجسة وتلاعبها بمصطلحات المواضيع الإنسانية حسب أهوائها ومصالحها لتنفذ اهدافها التي عجزت عن تنفيذها منذ زمن بعيد في السيطرة الكاملة على شعوب ودول منطقتنا والعالم، أو (شعوب الأرض وما عليها) وفقا لمعتقدات الفكر التلمودي اليهودي الصهيوني ومن حمل فكرهم الباطل في أمريكا وأوروبا وفي منطقتنا…
الكاتب المحلل السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…