قراءة سياسية في الحوار الصحفي بمجلة فلسطين – غزة مع حميد عبد القادر عنتر، مستشار رئاسة الوزراء اليمني والكاتب والمحلل السياسي
أحلام الصوفي …..
يشكّل الحوار الذي أجرته مجلة فلسطين مع المستشار والكاتب السياسي العميد السيد حميد عبد القادر عنتر محطة مهمة لفهم تحوّلات المشهد السياسي الإقليمي، خصوصًا في ظل محاولة الكيان الصهيوني التمدد في القرن الأفريقي عبر بوابة “أرض الصومال”. عنتر لم يتحدث كمسؤول يمني فقط، بل كمراقب خبير يقرأ خيوط اللعبة الجيوسياسية بأبعادها العميقة، ويكشف عن خفايا التوجهات الغربية التي تُدار عبر أدوات ناعمة لتفكيك المنطقة وضرب استقرارها.
في جوهر حديثه، يربط العميد السيد حميد عنتر بين الاعتراف الصهيوني المزمع بأرض الصومال وبين سلسلة تحركات استعمارية معاصرة تهدف إلى إحكام السيطرة على المناطق الاستراتيجية، وعلى رأسها البحر الأحمر. ويبيّن أن الاحتلال الإسرائيلي، بعد فشله الذريع في إخضاع غزة، بات يبحث عن تعويضات استراتيجية عبر مساحات رخوة أمنياً وسياسياً، تُسهّل له التغلغل باسم “الشرعية الدبلوماسية”.
العميد السيد حميد عنتر يُحذر من أن ما يحدث هو جزء من مشروع غربي أكبر تُستخدم فيه “إسرائيل” كأداة اختراق، لضرب العمق العربي والإسلامي من خاصرته الجنوبية. فـ”أرض الصومال” ليست مجرد كيان انفصالي يسعى للاعتراف، بل بوابة متقدمة لخلق قواعد نفوذ جديدة في منطقة تقاطع المصالح الدولية.
ويبرز في قراءته مدى إدراك صنعاء لمخاطر هذا المخطط، وقدرتها على قلب المعادلات، لكون اليمن يمتلك مفاتيح استراتيجية في باب المندب وساحل البحر الأحمر. وهو ما يجعل اليمن هدفًا رئيسيًا لأي مخطط تقسيمي، وفي الوقت نفسه، لاعبًا حاسمًا في إفشاله.
كما يتطرق العميد السيد حميد عنتر إلى الموقف العربي، متأسفًا على حال بعض الأنظمة المطبّعة، التي فقدت بوصلتها، وباتت تتماشى مع الإملاءات الغربية والصهيونية على حساب فلسطين وقضايا الأمة الكبرى، بينما تواصل قوى المقاومة – ومن ضمنها اليمن – التصدي لمحاولات الهيمنة.
تُظهر هذه القراءة أن حوار العميد السيد حميد عبدالقادر عنتر لم يكن تصريحًا سياسياً فقط، بل خريطة تحذير مبكرة من مخاطر صمت العالم العربي، وتواطؤ بعض الأنظمة، وتحوّل بعض الكيانات الهشة إلى منصات للمشروع الصهيوني-الغربي في قلب إفريقيا.
الرسالة الأهم في حديث العميد السيد حميد عنتر: المعركة لم تنتهِ بانتهاء جولة الحرب في غزة، بل هي مستمرة في الجغرافيا والاقتصاد والسيادة، وعلى الشعوب أن تبقى يقظة أمام أشكال الاحتلال الجديدة، التي تأتي تحت غطاء “اعترافات”، لكنها تخفي وراءها استعماراً مقنّعاً يهدد الجميع.
أما على المستوى العربي، فإن المستشار السياسي العميد السيد حميد عنتر يعبّر عن أسفه العميق لغياب موقف عربي موحّد، مشيرًا إلى أن الأنظمة المطبعة تقف صامتة أو متواطئة أمام تمدد الاحتلال في العمق الإفريقي، بل وتشارك في توفير الغطاء السياسي له، وهو ما يعتبره خيانة واضحة لفلسطين، وللأمن القومي العربي.
ويؤكد أن الطريق الوحيد لكسر هذا المخطط هو بناء محور مقاوم إقليمي موحّد يرتكز على الشعوب الحرة التي لا تزال ترى في فلسطين قضيتها المركزية، وفي وحدة الأمة طريق نجاتها، وفي التصدي للمشروع الصهيو-غربي واجبًا مصيريًا.
وفي ختام حديثه، يبعث العميد السيد حميد عنتر برسالة قوية مفادها أن اليمن، بقيادته الحرة وقواه الثورية، لن يسمح بخلق كيانات زائفة تمهّد للهيمنة الأجنبية وأن باب المندب، وكل شبر من مياه وسواحل اليمن، ليس للبيع ولا للاختراق، بل هو خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه، مهما بلغت المؤامرات أو تغيّرت الأدوات.
بهذه الرؤية، يقدّم العميد السيد حميد عبد القادر عنتر تحليلاً عميقًا، يكشف أبعاد المخطط الصهيوني في القرن الإفريقي، ويضع النقاط على الحروف في لحظة تحتاج فيها المنطقة إلى وعي سياسي عابر للحدود، يؤمن بأن الصراع لم يعد فقط على الأرض، بل على السيادة، والهوية، والقرار.
الكاتبة من اليمن