طالبان تسيطر على أفغانستان وتعود للحكم

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي …..

 

بعد الإنسحاب المفاجئ والسريع للقوات الأمريكية وهي عادتها بعد إحتلال الدول وفشلها في إدارتها وتأمين شعوبها بما يضمن سلامتهم وأمنهم وأمانهم من المتنازعين على الحكم، وترك الشعب الأفغاني يواجه مصيره المجهول والذي كان فيما مضى وما زال ضحية لمؤامرات دولية أمريكية وأوروبية ومستعربة ومتأسلمة وخوفا من عودة الحرب الأهلية والطائفية بين أمراء الحرب السابقين وهروب وتهجير الأفغان إلى الدول المحيطة بأفغانستان تابع العالم العربي والإسلامي بقلق ما يجري في أفغانستان من أحداث متسارعة وتطورات فاجأت الجميع وإنهيار كامل لمؤسسات الدولة العسكرية والمدنية أمام تحرك حركة طالبان وإستيلائها على كل الولايات والمدن الأفغانية وتعدادها 37 ولاية على مساحة كبيرة 660 ألف كيلومتر وحاصرت العاصمة كابل ولم يتبقى لسقوطها أو تسليمها إلا ساعات معدودة بعد أن وافق الرئيس الأفغاني أشرف غني على الإستقالة ومغادرته إلى طاجيكستان وبالتوافق بين المجتمعين وبين طالبان وممثلي الحكومة في الدوحة…

فالسقوط المدوي والسيطرة الكاملة لحركة طالبان على أفغانستان قد يكون سببه الرئيسي فساد السلطة القائمة وأمراء الحرب الذين نهبوا خيرات الشعب الأفغاني حتى المعونات والدعم المالي الدولي الذي كان يصرف لمساعدة الشعب الأفغاني لبناء مؤسساته ودولته ومشاريعه أمثال دستم وأشرف غني وحاشيتهم الذين هربوا من أفغانستان، ذلك الفساد الذي أنهك الشعب الأفغاني وزاد من معاناته وكان يعبر عنه الشعب الأفغاني من المدنيين والعسكريين وبعض السياسيين أمثال الرئيس السابق حامد كرزاي وعبدالله وعبدالله…وغيرهم الكثير…

فحركة طالبان حكمت أفغانستان منذ عام 1995 لغاية أحداث 11 أيلول المفتعلة من قبل الصهيوأمريكي بوش الإبن وإدارته الجمهورية النازية والصهيوبريطاني بلير والصهيوسعوديين لإحتلال أفغانستان بمساعدة حلف الناتو لهم في 2001 وسقط حكم تلك الحركة نهائيا لكنها لم تستسلم أبدا لأمريكا وحلفائها وظلت تحاربهم لمدة 20 عام الأمر الذي كبد أمريكا وحلفائها خسارة بمئات المليارات وأيضا آلالاف الجنود القتلى ومئات الألوف من الجرحى والمصابين وأيضا آلالاف القتلى والجرحى من حركة طالبان ومن ضحايا تلك الحرب قتل مئات الألوف من أبرياء الشعب الأفغاني الذين كانوا يعيشون بين ناريين تحت القصف الأمريكي من جهة وبين قصف طالبان من جهة أخرى…

والأمر الآخر الذي فاجأ العالم هو الصمت الدولي على ما يجري فهل كان ذلك الصمت لحين متابعة التطورات أم أن كل دولة تستعد وتعد لسينياريوهات المرحلة المقبلة ام لحين إنتهاء التوافق بين المجتمعين في الدوحة من الحكومة السابقة وطالبان وأمريكا وممثل الأمم المتحدة وقطر وروسيا والصين وباكستان وطاجيكستان وإيران وتركيا وغيرها من الدول…

فهناك الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان المجتمعين والأفغان والدول المحيطة وكل دول الأمة العربية والإسلامية فهل ستظهر حقيقة الإنسحاب المفاجئ والسريع لأمريكا وفشلها في إدارة الإحتلال والإنسحاب؟ وهل ستظهر حقيقة السيطرة الفورية والمتسارعة لحركة طالبان على كل أفغانستان وبصمت أمريكي مشكوك فيه؟ وبعد تسليم العاصمة كابل هل سيتم السيطرة عليها وحمايتها من النهب والسلب والتخريب؟
أم سيكون هناك رافضي للحركة من أمراء الحرب السابقين والفاسدين وتجار الحروب والأزمات والذين فر بعضهم من البلاد وهل سيتم السيطرة على اتباعهم؟…

واذا تم التوافق بين المجتمعين في الدوحة على صيغة الحكم القادمة وتقاسم السلطة ضمن هذه الإجتماعات، هل تعلمت حركة طالبان وخلال 20 عام من حربها مع أمريكا من أخطاء الماضي وغيرت أيدولوجية فكرها الذي دخل عليها من فكر القاعدة الصهيووهابية المدعومة سعوديا وإماراتيا وبحرينيا؟ والذين بدأت قنواتهم الفضائية وإعلاميهيم وسياسيهيم وشيوخهم المتأسلمين الفتنويين وكعادتهم تخويف وتحريض وتشكيك الدول والشعوب من تدخل إيران وروسيا والصين في أفغانستان بالرغم من أنهم يعلمون بأن تلك الدول لها حدود طويلة مع أفغانستان ومن مصلحتها إستقرار افغانستان كدولة حرة مستقرة ومستقلة ذات سيادة تمثل كل الشعب الأفغاني وقومياته وطوائفه وأن لديها مخاوف كثيرة من فكر حركة طالبان وبالذات بعد دخول وتأثير فكر القاعدة عليهم في الماضي القريب ولديهم تساؤلات كثيرة حول المستقبل الأفغاني وتأثيره المباشر على دول الجوار والتي ستجيبهم عليها حركة طالبان خلال اللقاءات الثنائية والإقليمية والدولية …

فهل سيتم إنهاء مخاوف الدول المحيطة من تحركات حركة طالبان وأخذ العهود والمواثيق من الحركة بعدم إدخال أي منظمات إرهابية كالقواعد والدواعش على حدود الأراضي الأفغانية كما جرى في الماضي؟ وهل سيتم بقاء مؤسسات الدولة الأفغانية المدنية والعسكرية والديمقراطية قائمة؟ وهل سيتم العفو عن موظفي الدولة السابقة من مدنيين وعسكريين وأجهزة أمنية وإستخباراتية وغيرها؟ وهل ستبقى أفغانستان جمهورية تجري فيها الإنتخابات بشكل دوري حسب الدستور الأفغاني؟ وهل سيكون هناك دور للمرأة الأفغانية ومشاركة في الوظائف المدنية والعسكرية وفي أية إنتخابات ومنحها الحرية الإسلامية الحقيقية وليس الحرية الصهيوغربية التي تجعل المرأة سلعة متداولة للجنس والمال وبالتالي إلى السجن والتفكك الأسري؟؟؟؟؟؟!!!!!!

وكما يعلم الجميع حركة طالبان عادت لحكم أفغانستان من جديد فكيف سيكون فكرها وإدارة حكمها وعلاقاتها مع جيرانها من الدول المحيطة وعلاقتها مع دول الأمة العربية والإسلامية إذا تعلمت من أخطائها السابقة وأخذت الدروس والعبر لكل ما جرى في أفغانستان وغيرها من الدول العربية والإسلامية، فالساعات والأيام والأسابيع والأشهر والسنوات القادمة ستكون مليئة بالأحداث المتسارعة والغير متوقعة لأن وكلاء وحلفاء الصهيوغربيين في منطقتنا أهل الباطل والتحريض والفتن والحروب الأهلية والقنوات الفضائية الكاذبة والمدبلجة بدأت مخططات أسيادهم الصهيوأمريكيين تنكشف بألسنة اتباعهم وفي كل المجالات بالتشكيك والتحريض والتخويف والإتهام لإثارة الفتنة في أفغانستان وعودة الحروب الأهلية والطائفية والقومية والتي لو حدثت لا سمح الله ولا قدر فإن الشعب الأفغاني سيعاني الكثير الكثير وستقوم تلك الدول المستعربة والمتأسلمة وبأوامر صهيوأمريكية ناتوية بإدخال عصاباتها وأدواتها التنفيذية الإرهابية من القواعد والدواعش… وغيرهم لخلط الأوراق وإعادة أفغانستان إلى المربع الأول وكل ذلك سيؤثر على إستقرار الدول المحيطة بأفغانستان والذين تعتبرهم أمريكا واوروبا أعداء لها وبالذات روسيا وإيران والصين، وحركة طالبان هي من ستجيب على كل تلك التساؤلات وغيرها مما يدور في مخيلة الجميع من دول وشعوب ومفكري أمتنا العربية والإسلامية والعالمية…

الكاتب والباحث والمحلل السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…

قد يعجبك ايضا