العدالة الاهلية المجتمعية … عدالة تصالحية !!!

المهندس هاشم نايل المجالي …….

 

العدالة الاهلية تعني الاشارة الى مختلف افكار الناس ومعتقداتهم والاستفادة من خبراتهم حول ما هو السلوك المقبول والصالح والانسب تجاه الذات والغير ، لمعالجة كثير من الازمات المجتمعية قبل ان يتصاعد امر الازمة المجتمعية ، ولقد اصبحت واسعة الانتشار كحل اهلي مجتمعي من اصحاب الخبرة والمعرفة والدراية لتحجيم المشكلة قبل تفاقمها واستثمارها من قبل الغير .
وتعتبر اسلوب مناقض ومعارض للقوانين والاحكام المرعية المتبعة في حل الازمات المختلفة بالوسائل القانونية ، اي تعتبرها بمثابة حقوق اعتراضية على اجراءات القوانين يقر بها كلا الفريقين المتنازعين دون ان يكون لها صفة الالزام ، حيث اصبحت العدالة الاهلية في وضع تنافسي مع العدالة الشكلية الرسمية وكحل سلمي مجتمعي .
كذلك فان كثيراً من الشخصيات المجتمعية اخذت مكانة مرموقة في المجتمع للادوار القيمية والاخلاقية التي تقوم بها في حل النزاعات ، بعيداً عن التنفيذ الملزم من الطرف الرسمي الا لاستكمال الاجراءات المكملة للمصالحة وفض النزاع ، وكثير من الدول المتقدمة حالياً تعتبر العدالة الاهلية دعامة للقوانين ، حيث تحل العديد من المشاكل والقضايا قبل وصولها الى المحاكم والجهات الرسمية المقتضة بالقضايا .
كما وان كثيراً من الجهات الرسمية تستعين بالشخصيات المجتمعية لحل كثير من القضايا المجتمعية ، ولما لهم اثر كبير ايضاً في معالجة آفات مجتمعية ، من خلال لقاءات مجتمعية مع ابناء المجتمع وتوعيتهم حول كثير من القضايا التي باتت تؤرق الجهات الرسمية ، ومواجهة الفتن والانحرافات والعادات والسلوك السيء ، ولا يجوز الاقلال من اهمية العدالة الاهلية بالرغم من انها تشكل قواعد ومُثلاً غير معتمدة من قبل الجهات الحكومية ، خاصة وأنها تحظى باحترام نسبة كبيرة من ابناء المجتمع خاصة وان كثيراً من الناس يعتبر ان القانون من الممكن ان لا ينصفه حتى ولو صدر حكم في ذلك ، فانه يعتبره تحيزاً ان لم ينال ما يفكر به من جزاء او اجراء ، فالعدالة الاهلية تحقق له العدل الذي يطلبه بعد ان يكون هناك من يصوبه بشكل منطقي وعقلاني يرضي كافة الاطراف .
هذه السمة اصبحت تميز العصر الحديث والتقدم الحضاري والديمقراطي ، ومنها حرية الرأي والتعبير شئنا ام أبينا فلكل طرف ان يدلو بدلوه والحكماء اصحاب اختيار الحل العادل والعقلاني .
اي ان هناك صياغة مثلى لمنظومة العدالة يتميز بها اصحاب الخبرة والمعرفة المتميزون بالمجتمعات المحلية ، والذين يجب ان يحظو بالدعم اللازم والكافي للقيام بأدوارهم وتعزيز مكانتهم المجتمعية ، وتوفير كافة الوسائل لهم ليس فقط عند الازمات لا بل على طول الاوقات ، لما لهم من دور هام مجتمعي خاصة في ظل وجود حساسيات مجتمعية مستجدة على مجتمعاتنا ، خاصة بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وما نجم عنها من مشاكل اسرية ومجتمعية .
فالخلاف هو اصل من اصول الاجتماع البشري بقدر ما هو التلاقي في الافكار والمصالح والاهواء ، ليحل الوئام بدل النزاع بعيداً عن التضارب في المفاهيم المعيارية ، والتعارض في مفاهيم الحقوق التي من الممكن ان لا ترضي احد الاطراف ليتجدد النزاع من جديد .
وتعتبر بمثابة عدالة تصالحية حيث تسترشد بالقيم التصالحية ، وهي بمثابة اجراءات مجتمعية تعاونية من اصحاب الخبرة والقيادات المجتمعية ، والقائمة على الاجماع على اشكال المصالحة التوافقية المرضية للطرفين ، واعتراف الجانب المسيء يصدق اخطائهم ، والاستماع لكافة الاطراف لتصحيح الامور على ضوء ذلك .
والنظر الى الخطأ على انه ضرر يلحق بالافراد ويسيء بالعلاقات الاخوية المجتمعية ، وهي مشاركة طوعية للمشاركين في بيئة آمنة ومحترمة في جو حواري ديمقراطي ويحافظ على النسيج الاجتماعي .

المهندس هاشم نايل المجالي
[email protected]

قد يعجبك ايضا