المعنى الحقيقي والوصف الطبيعي: هل هي مغتصِبة أم مستوطِنة أم مستعمِرة على الأرض الفلسطينية؟

بقلم: د. تيسير فتوح حجه  …..

الأمين العام لحركة عداله
في خضم الصراع المفتوح على فلسطين، لا يكون الخلاف فقط على الأرض، بل على المفاهيم والمصطلحات. فالكلمة ليست حيادية، والوصف ليس بريئًا، وما يُتداول إعلاميًا أو سياسيًا من تسميات يحمل في طياته موقفًا أخلاقيًا وقانونيًا، إمّا أن ينحاز للحق أو يموّه الجريمة. ومن هنا يبرز السؤال الجوهري: ما الوصف الطبيعي والدقيق لما يجري على الأرض الفلسطينية؟ وهل ما يحدث هو استيطان، أم اغتصاب، أم استعمار؟
أولًا: الاستيطان
الاستيطان في تعريفه العام هو انتقال جماعة بشرية للسكن في أرض خالية أو غير مملوكة، أو تم ذلك برضا أهلها ووفق قوانين عادلة. وهذا التعريف يسقط بالكامل على الحالة الفلسطينية. فالأرض الفلسطينية لم تكن يومًا بلا شعب، ولم تُمنح برضا أصحابها، بل أُخذت بالقوة، وطُرد أهلها، وهُدمت قراها، وصودرت ممتلكاتهم. وعليه، فإن استخدام مصطلح “مستوطن” وحده يُفرغ الجريمة من مضمونها الحقيقي ويمنحها غطاءً لغويًا مخففًا.
ثانيًا: الاستعمار
الاستعمار هو سيطرة قوة أجنبية على أرض وشعب، واستغلال موارده، وفرض سيادتها بالقوة. ومن هذه الزاوية، فإن المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري إحلالي بامتياز، جرى بدعم قوى دولية استعمارية، ولا يزال قائمًا على نفي الشعب الأصلي، والتحكم في الأرض والمياه والحدود والاقتصاد. هذا الوصف أدق من “الاستيطان”، لكنه لا يزال ناقصًا إن لم يُستكمل بحقيقة الفعل اليومي الجاري.
ثالثًا: الاغتصاب
الاغتصاب هو أخذ الشيء بالقوة من صاحبه الشرعي، دون حق، مع استمرار الفعل وتكراره. وهو الوصف الأكثر تطابقًا مع ما يحدث على الأرض الفلسطينية:
اغتصاب الأرض، اغتصاب البيوت، اغتصاب التاريخ، اغتصاب الهوية، وحتى اغتصاب الرواية. ما يجري ليس مجرد وجود أجنبي، بل جريمة مستمرة تُمارس بالقوة العسكرية، والتطهير العرقي، والقتل، والحصار، والتجويع، والتهجير.
من هنا، فإن حركة عداله ترى بوضوح أن الوصف الطبيعي والأخلاقي والقانوني لما يسمى “إسرائيل” على الأرض الفلسطينية هو كيان استعماري مغتصِب، وأن من يقيمون على الأرض الفلسطينية بالقوة هم مغتصبو أرض قبل أي توصيف آخر. فالتخفيف اللغوي هو تواطؤ غير مباشر، وتشويه المصطلح هو تشويه للحق.
إن معركتنا ليست فقط بالسلاح أو بالموقف السياسي، بل أيضًا بالمصطلح. لأن من يربح الرواية، يقترب من ربح العدالة. وفلسطين لا تحتاج تجميلًا لغويًا للظلم الواقع عليها، بل توصيفًا صريحًا يضع الجريمة في مكانها الصحيح، ويفضح الاحتلال أمام العالم دون مواربة.
هذه ليست مسألة لغوية، بل معركة وعي، وحركة عداله ستبقى منحازة للحق، واضحة في توصيف الجريمة، ثابتة على أن فلسطين أرض محتلة مغتصبة، وشعبها صاحب الحق الأصيل الذي لا يسقط بالتقادم ولا بالمؤامرات ولا بتزييف المصطلحات.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا