من الشرق الأوسط إلى الهند.. نساء وقعن ضحايا “الابتزاز” باستخدام تكنولوجيا اختراق إسرائيلية- (صور)
وهج نيوز : قالت مجموعة مناصرة لحقوق المرأة في الهند إن النساء هناك يعانين من التحرش عبر الإنترنت، تحت تهديد الخطر المتزايد من البيانات المسربة المرتبطة بعملاء “أن أس أو” التي يمكن استخدامها للابتزاز.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، قبل عدة أيام، فإن خبراء تقنيون وضحايا أكدوا أن عشرات النساء في جميع أنحاء الهند والشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللاتي استُهدفن على الأرجح من قبل الحكومات التي تستخدم برنامج التجسس“بيغاسوس” معرضات لخطر الابتزاز والمضايقة.
وقالت أنوشكا جين من مؤسسة حرية الإنترنت في دلهي، والتي تقدم المساعدة القانونية لناشطتين، بما في ذلك واحدة – تعرضت للابتزاز، “إن النساء يواجهن بالفعل المضايقات عبر الإنترنت، إذا اعتقدن أنه يمكن مراقبتهن، فقد يفرضن رقابة ذاتية أكثر وسيخشين التحدث بصوت عالٍ”.
ومن خلال برنامج بيغاسوس الذي طورته شركة التكنولوجيا الإسرائيلية “أن أس أو” يتم تحويل الهاتف المحمول إلى جهاز مراقبة، باستخدام الميكروفون والكاميرات، وبقدرة عالية للوصول إلى الرسائل والصور ورسائل البريد الإلكتروني وتصديرها دون معرفة المستخدمين.

وحذر نشطاء حقوقيون من أن نشر البرنامج في البلدان التي لديها القليل من تدابير حماية الخصوصية، وحرية التعبير المقيدة، والمجتمعات المحافظة على نطاق واسع، يمكن أن يشكل خطراً خاصاً على النساء.
ووفقاً لبوابة الأخبار الهندية “The Wire” فإن “قاعدة بيانات مُسربة تضم 50 ألف رقم هاتف ربما تم اختراقها بين 2017-2019 لعشرات النساء من بينهم 60 إمرأة من الهند، من بينهن صحافيات وناشطات وربات منازل”.
وأكدت أن من بين الأهداف التي وقعت ضحية عملية التجسس هذه، تعود لموظفة سابقة في المحكمة العليا الهندية “لم يتم الكشف عن هويتها علناً”، بعد أن اتهمت رئيس المحكمة آنذاك رانجان جوجوي بالتحرش الجنسي، إذ إنه على الرغم من أن القضاة رفضوا الشكوى لاحقاً، إلا أن عدداً من أفراد عائلتها يندرجون الآن على قائمة الأشخاص المعرضين للابتزاز.
وعن هذا تقول الناشطة الحقوقية والمحامية المساعدة جين: “إن المرأة لم تكن شخصية عامة وبالتالي لا يوجد مبرر منطقياً لإخضاعها تحت المراقبة سوى أنها قدمت الشكوى ضد رئيس المحكمة”، مضيفة “إن ما حدث يعد انتهاكا هائلا لخصوصيتها”.
ولفتت “يديعوت” في تقريرها إلى أن السلطات الهندية رفضت الكشف عما إذا كانت الحكومة قد اشترت برنامج التجسس بيغاسوس، مكتفية بالقول إن “المراقبة غير المصرح بها لا تحدث”.
و في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني، قال متحدث باسم “أن أس أو” إن الشركة تجري “فحوصات صارمة لحقوق الإنسان قبل البيع وفحوصات الامتثال القانوني لتقليل احتمالية إساءة الاستخدام”، وإنها قطعت الوصول إلى العملاء الذين تبين أنهم يسيئون استخدام التكنولوجيا.
وأشار التقرير إلى أن المتحدث باسم الشركة رفض الإفصاح عما إذا كانت أي من عمليات الإغلاق هذه مرتبطة باستخدام المواد التي تم جمعها عبر بيغاسوس لابتزاز النساء أو تخويفهن سواء في الهند أو خارجها، غير أن الاشتباه باستهداف بعض النساء ليس بسبب أنشطتهن، ولكن بسبب ارتباطهن بأهداف محتملة أخرى.
وقالت أبها سينغ، المحامية والبيروقراطية السابقة في مومباي، إن الأخبار التي تفيد بأنها كانت هدفاً محتملاً جاءت بمثابة “صدمة كبيرة”، إذ إن شقيقها الذي يعمل برتبة ضابط كبير لإنفاذ القانون كان مدرجاً أيضاً في قائمة المستهدفين، وذلك بحسب “The Wire”.
وأضافت سينغ التي تعمل في قضايا تتعلق بالعدالة بين الجنسين وحرية التعبير: “أصبحت النساء أدوات لتصفية الحسابات، ولا يتم تورطهن إلا لمن هم مرتبطين بهن”، مستدركة القول “ولكن هذا لن يمنعني من مواصلة عملي، ولن يُفلح في إسكاتي”.
فيما قالت علياء إبراهيم، وهي مؤسس مشارك في موقع “درج” والمنفذ الإعلامي الإقليمي التي شاركت مع منظمة العفو الدولية فيما يتعلق بمشروع بيغاسوس، إن اتجاهاً مشابهاً ظهر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقدرت أن ثلث الأهداف المحتملة في المنطقة هم من النساء بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان والصحافيون، وكذلك النساء المرتبطات برجال أقوياء أو رجال مستهدفين هم أنفسهم.
وتابعت إبراهيم: “هذا هو التبري .. أنها قد تكون أم وزوجة وابنة”.
وأوضحت أن من أبرز الأهداف في منطقة الشرقة الأوسط، كانت الأميرة لطيفة، ابنة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوب، والأميرة هيا بنت الحسين، زوجه أبيها، وزوجة رئيس الوزراء السابق، إذ تفيد الترجيحات بأن مراقبة هواتفهم، وهواتف صديقة الأميرة لطيفة، جاءت بهدف محاولة إحباط الأميرة الشابة الهرب من الإمارات عام 2018.

فضلاً عن ذلك فقد تم تحديد خديجة جنكيز، خطيبة الصحافي السعودي الذي قُتل عام 2019 جمال خاشقجي، وزوجته حنان العطار، كأهداف محتملة.
علاوة على أن من بين ما يقرب من 10 آلاف رقم هاتف تم تسريبه، فإن بعضا من تلك الأرقام يرتبط بالمغرب، إذ كانت سلمى بناني زوجة الملك محمد السادس أحد أهم الأهداف التي تم تحديدها كهدف محتمل، وكذلك كلود مانجين، الزوجة الفرنسية للناشط الصحراوي نعمة أسفاري، والمسجونة في المغرب منذ عام 2010، بحسب إبراهيم.
وأضافت: “ذلك أدى إلى خلق حالة من الشعور بالضيق بين النساء في المنطقة اللائي لم يعتقدن على الإطلاق أنهن يمكن أن يكن هدفا لمثل هذه المراقبة الشاملة”، مؤكدةً على الشعور الكبير بالخوف من خطر المراقبة التي قد يتعرضن لها باستمرار بسبب الأشخاص الذين قد تربطبهن بهم علاقة ما، سواء كانوا متنفذين أو مستهدفين، أياً كان شكل العلاقة معهن.
وأكد خبراء أن تمكن الباحثين من اختراق الهواتف المحمولة لا يعني قدرتهم على تحديد المواد التي جمعها، وهو ما يضاعف الشعور بالخوف من الوصول إلى محادثات وصور خاصة، حتى أن محاولة البحث عن المحتوى قد تنتهي بالفشل بسبب القدرة على مسحها سريعاً.
أكد خبراء أن تمكن الباحثين من اختراق الهواتف المحمولة، لا يعني قدرتهم على تحديد المواد التي جمعها، وهو ما يضاعف الشعور بالخوف من الوصول إلى محادثات وصور خاصة، حتى أن محاولة البحث عن المحتوى قد تنتهي بالفشل بسبب القدرة على مسحها سريعاً
بدورها، قالت فريندا بهانداري، المحامية التي تعمل في مجال الحقوق الرقمية وقضايا الخصوصية في الهند، إن الهواتف المحمولة تحتوي على معلومات “شخصية وحميمة للغاية”، لذا فإن الاختراق له تأثيرات أكبر على النساء.
وقالت: “عندما يتم اختراق هواتفهن، فإن النساء لا يتعرضن لهذا الأمر على أنه انتهاك للخصوصية فحسب، ولكن أيضًا باعتباره انتهاكًا لسلامتهن الجسدية – على غرار العنف الجسدي”.
وتطرقت في قولها للضغوطات التي تعرضت لها الصحافية المغربية هاجر الريسوني، التي حُكم عليها عام 2019 بالسجن لمدة عام بتهمة ممارسة الجنس قبل الزواج والإجهاض، وهو أمر غير قانوني في المغرب ما لم يهدد الحمل حياة الأم.
وكانت الريسوني قد أبغلت مؤسسة “طومسون رويترز” أن رقمها ورقم زوجها مدرجان كأهداف محتملة لبيغاسوس.
وقالت “هاتفك كله تحت رحمة البرنامج، لذلك كانت حياتي كلها مفتوحة لهؤلاء الناس”.
وأضافت: “إن ذلك جعلها تشعر بالجنون أكثر بكثير، حيث تقوم باستمرار بحذف صورها من هاتفها، واستخدام الرموز للتواصل مع أحبائها، وترك أجهزتها في غرفة منفصلة أثناء العلاقات الخاصة”.
وأشارت إلى أن الدردشات التي تجريها مع الأقارب والأصدقاء، علاوة على صورة أجسادهن، جميعها تحت رحمة المتجسسين، وأن تسريبها عبر الإنترنت بأي طريقة كانت، قد يجد صدى كبيرا ويساعد في استخدامها ضدهم.
المصدر : القدس العربي
