أدب أطفال

سعادة أبو اعراق ………

 

محمــــــود
يذهبُ محمودٌ للرَوضةِ ، يومٌ مشهودٌ ، يحلُمُ فيه الأهلُ بكُلِّ جَميلٍ ، يملأهُمْ أمَلٌ، ها قدْ بَدَأوُا المِشوارَ الأعذَبَ، مُغتبطونَ بِما جَلَبوا مِن أشياء لها، حقيبَةَ ظَهرٍ حَمراءَ ، وثِياباً للروضًةِ مُبهِجةً ، وحذاءً لمّاعاً أسودَ، أقلامأً مُدهشةً مَبريّة ، وَمَماحي حُلوة عِطرِيّة ، مبراةً في شَكلِ الفيل .
أصبَحَ محمودٌ مَسروراً فرحانأ ، يَسعى أنْ يَدعَمَ هذي البهجَةَ في عَيني أبيهِ و أمِهِ ، لكنْ لا يدري سَبَباُ للفرَحةٍ هذه ، يَركُضُ مرحاً ، يَتَخايَلُ في إعجابٍ ، يبدو مَفتوناً بالمَريولِ الأزرَقِ ، والكتب اللمّاعة ، وما قالوا عَن حافِلَةٍ تأتي كَيْ تأخُذَهُ كلَّ صَباح ، عَن مدرسةٍ يَتَخيلُها جنَّةً ، يفعلُ فيها كيفَ يَشاء .
يَتَهيَأُ محمودٌ كيْ يركَبَ باصَ الرَوضَةِ ، لمْ تَأتِ ولمْ يَقلَقُ، يركَبُ كالعادة في سيّارةِ بابا جانِبَ أُمّهِ ، يَنضحُ بِشْراً وَسُروراً، ما احتَجَّ على ذلك ، فَهُوَ المَشغولٌ بِما يَحمِلُ مِن أشياء ، بالِقُبُلاتٍ إذ تُمطِرُها الأمُ عليه .
ها هُم قدْ وَصَلوا مدرسةً ، ما كانت حَسبَ تَخيُلِه ِ، يسيرُ أمامَ البابا والماما ، عِبرَ بِناءٍ مطليٍ بِرسومٍ ، تَدنو مِنهُ امرأةٌ لمْ يَألفها ، يُؤمرُ بالتَسيلمِ عَليها، تُقبِل وجنتَهُ و تَأخُذهُ يَمشي في ريبَة، يَشعرُ بأمرٍ ما ، اودعاه المَرأةِ، سَيترُكانِ رعايته..!!، يَتَخلَيانِ بلا أسف عنه ، لقدْ كانَ مَخدوعاً كلَّ الوقتِ ، يَشتَرِيانِ لَهُ كُلَّ الأشياءِ الحُلوةِ ، كَيْ يَتَبَرءا مِنهُ الآنَ ، لكَيْ يَتفرَغا لأخيهِ الأصغَرِ منه .
يَرمي بالشَنطَةِ والمَطَرَةِ والأقلام ، يستغيثُ بالبكاءِ المرّ ، ويَصيحُ :
– بابا… لا تَترُكني…! أحبك يا ماما

قد يعجبك ايضا