في غياب القادة الأفارقة.. ماكرون يسعى لتجديد علاقات فرنسا بأفريقيا عبر الشباب
وهج 24 : في سابقة من نوعها منذ إطلاق “ قمة فرنسا- إفريقيا” قبل 48 عاماً؛ تعقد اليوم الجمعة في مدينة مونبلييه “القمة الفرنسية- الإفريقية 28” من دون مشاركة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية.
اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الزعيم الوحيد المشارك، أن تكون القمة ممثلة بقرابة ألف شخص من فئة الشباب في فرنسا ومن 12 بلداً إفريقيا هي مالي، السنغال، تونس، جمهورية الكونغو الديموقراطية، النيجر، مالي، بوركينا فاسو، الكاميرون، كوت ديفوار، كينيا، نيجيريا، أنغولا وجنوب أفريقيا.
يمثل هؤلاء الشباب قطاعات حيوية لديها علاقة بالتنمية في كل من فرنسا والبلدان الإفريقية (مقاولون- ناشطون في المجتمع المدني- فاعلون ثقافيون ورياضيون…) حيث يعتزم الرئيس الفرنسي تجديد علاقات بلاده مع القارة الإفريقية.
وتُقام فعاليات القمة الرسمية اليوم الجمعة، حيث سيشارك الرئيس الفرنسي في جزء من النقاشات على أن يدور بعد ذلك حوار مباشر بينه وبين هؤلاء الشباب، حول قضايا تتعلق بمستقبل العلاقات الفرنسية الإفريقية انطلاقا من طموحات الشباب في فرنسا وإفريقيا وانطلاقا أيضا من مقترحات يقدمها المغتربون الأفارقة المقيمون في فرنسا، في العملية التنموية الإفريقية وباستخدام الابتكار والبحث العلمي لتطوير أداء المؤسسات الاقتصادية، ودور الثقافة والرياضة في تعزيز الشراكات بين فرنسا والبلدان الإفريقية.
تأتي هذه القمة في وقت تشهد علاقات باريس بعدد من الدول الإفريقية توترا، كما أن هناك انزعاجا كبيرا لدى بعض الأوساط الشبابية الإفريقية حيال السياسية الفرنسية في قارتهم. ولابد من الإشارة إلى أن صورة فرنسا في كثير من البلدان التي كانت جزءا مهما وتاريخيا في الشراكة الفرنسية الإفريقية قد ساءت كثيرا في السنوات الأخيرة، وأن شرائح مهمة في مجتمعات البلدان الإفريقية مرتاحة أكثر اليوم إلى دول منافسة لفرنسا في إفريقيا وفي مقدمتها الصين وتركيا وروسيا.
ومن أهم معالم السياق الحالي غيرِ المُريح الذي تمر به العلاقات الفرنسية- الإفريقية ذلك الذي يتعلق مثلا بالقرار الذي اتخذته السلطات الفرنسية بالحد من منح تأشيرات دخول الجزائريين والتونسيين والمغاربة إلى التراب الفرنسي؛ بسبب عدم تعاون تلك البلدان بما فيه الكفاية لاستقبال مهاجريها غير النظاميين الذين يقيمون في فرنسا. بل إن العلاقات الجزائرية الفرنسية شهدت فصلا جديدا من التوتر بعد تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة الذي اعتبر فيها أن الجزائر كان يحكمها “نظام سياسي عسكري” له تاريخ رسمي لا يقوم على الحقيقة، بل على “كراهية فرنسا”، حسب تعبير ماكرون.
وتُعقد القمة أيضا على خلفية توتر في العلاقات الفرنسية- المالية. ففرنسا ضد الانقلاب العسكري الذي حصل في مالي صيف 2020، وترى أن السلطات المالية الحالية غيرُ شرعية. والسلطات المالية ترى أن فرنسا قد تخلت عن مساعدتها من الناحية العسكرية، وأنها أوصلت نجل الرئيس التشادي السابق إلى السلطة بعد مقتل والده، ومن ثم فإن هناك تضاربا في الموقف الفرنسي مما هو شرعي وما هو غير شرعي في إفريقيا.
وهناك فعاليات أخرى رياضية وثقافية موازية للقمة الرسمية والتي بدأ بعضها منذ أيام وسيستمر بعضها الآخر بعد القمة. بعض هذه الفعاليات مؤيد لطرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والداعي لإيلاء الشباب دورا مهما في إرساء علاقة جديدة بين فرنسا وإفريقيا. ولكن تظاهرات أخرى موزاية للقمة ومعترضة عليها بدأت بدورها قبل أيام وستستمر لأيام أخرى.
وتشرف على تنظيمها منظمات أهلية فرنسية وإفريقية ترى أن هذه القمة لا تعكس طموح شباب إفريقيا برغم إشراك عينة منهم في القمة وبرغم عدم توجيه الدعوة لرؤساء الدول والحكومات الإفريقية للمشاركة في قمة اليوم. وهي سابقة في القمم الإفريقية الفرنسية منذ انطلاقها في عام 1973.
المصدر : القدس العربي