بينيت يعتزم رفع ميزانية الجيش لشراء صواريخ متطورة

يعتزم رئيس الحكومة نفتالي بينيت أن يدبر المزيد من الإضافات لميزانية الدفاع في المستقبل، بهدف تطوير قدرات الجيش الإسرائيلي الهجومية، خصوصاً في مجال الصواريخ وتسليح دقيق لسلاح الجو. يعتقد بينيت أنه يجب استغلال النمو السريع، بالأساس في صناعة الهايتيك، والزيادة المتوقعة في الناتج المحلي الخام، إذا انتهت أزمة كورونا في السنة القادمة، لزيادة حجم الاستثمارات في بناء قوة الجيش.

اتفق بينيت ووزير الخارجية يئير لبيد، ووزير الدفاع بني غانتس، ووزير المالية افيغدور ليبرمان، على زيادة ميزانية الدفاع بـ 57.8 مليار شيكل في السنة القادمة (بدون المساعدة الأمنية الأمريكية التي تبلغ 3.8 مليار دولار في السنة)، رغم الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد عقب وباء كورونا. جزء كبير من الأموال خصصت لتحسين استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب “في المدار الثالث” (إيران) واستكمال مخزون تسليحه. وتعهدت الإدارة الأمريكية بتحويل مليار دولار آخر لإسرائيل؛ للمساعدة في تغطية النفقات في عملية “حارس الأسوار”.

في فترة ولايته كوزير للدفاع، دعا ليبرمان إلى إنشاء “سلاح صواريخ” يرتكز على صواريخ أرض – أرض وصواريخ توفر رداً مكملاً لنشاطات سلاح الجو ضد الترسانة الواسعة للصواريخ التي تمتلكها منظمات مثل “حزب الله” في لبنان وحماس والجهاد في غزة. بدأ الجيش الإسرائيلي في تطبيق هذه الفكرة بصورة محدودة، لكن تظهر الآن في المستوى السياسي نية لتوسيعها. يعتقد بينيت أنه يجب تسريع جهود إنتاج الصواريخ الإسرائيلية وتوجيه الأموال لذلك من خلال استغلال الارتفاع المتوقع في الناتج القومي الإجمالي. والنية هي تمكين وزارة الدفاع والجيش من إعطاء تعهدات لاتفاقات طويلة المدى للشراء من الصناعات الأمنية الإسرائيلية. لا تعتمد إسرائيل على زيادة المساعدات الأمنية من الولايات المتحدة، بالعكس، يشير المناخ في أوساط الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي إلى انخفاض قوة دعم الحزبين لتمرير المساعدة إلى إسرائيل.

إضافة إلى ذلك، سيسرع جهاز الأمن بمشروع اعتراض الصواريخ والقذائف بواسطة الليزر الكهربائي الذي تقوده الصناعات الأمنية “رفائيل” و”البيت”. قد يوفر المشروع طبقة مكملة لمنظومة الاعتراض التي تعتمد على منظومة صواريخ، “حيتس” و”شربيت كساميم” والقبة الحديدية. الافتراض هو أنه خلال عشر سنوات سيكون بالإمكان دمج الليزر، الذي تكلفة استخدامه أقل بكثير من المنظومات القائمة، ثم تخصيص دور أكبر له في منظومة الدفاع الإسرائيلية. وصرح رئيس الحكومة مؤخراً في منتديات مغلقة بأن الاعتراض بواسطة الليزر قد يكون “عامل تغيير أساسياً في اللعبة”، وسيلة ستغير ميزان القوة بين إسرائيل وأعدائها، وتؤدي إلى إعادة الحسابات بشأن الجدوى من إطلاق عدد كبير من الصواريخ على أراضيها.

إسرائيل تشخص نقطة ضعف

في الأسبوع القادم، يتوقع أن تستأنف إيران المحادثات مع الدول العظمى في فيينا حول العودة إلى الاتفاق النووي. يسود تشاؤم كبير بخصوص منحى المحادثات في المستوى السياسي وجهاز الأمن. وحسب تقديرات أجهزة الاستخبارات في إسرائيل، فإن المندوبين الإيرانيين سيظهرون خطاً متشدداً في المحادثات، في حين أن الولايات المتحدة (التي لن تشارك فيها بشكل مباشر) تبث -حسب رأيهم- استعدادها لتقديم أي تنازل، شريطة أن يتم التوقيع على الاتفاق من جديد. أظهرت إسرائيل خلال الاتصالات مع الأمريكيين معارضة لقبول مطلب إيران الذي بحسبه سيتم رفع جميع العقوبات عن طهران مقابل عودتها إلى الاتفاق ووقف الخروقات، دون التطرق إلى التقدم في المشروع النووي في السنتين الأخيرتين.

حسب التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة النووية، الذي نشر في الأسبوع الماضي، فإن إيران ستبدأ المحادثات وهي تمتلك كمية من اليورانيوم المخصب أكبر بـ 11 ضعفاً من الكمية التي سمح لها بامتلاكها حسب الاتفاق النووي من العام 2015. وتشمل هذه الكمية يورانيوم مخصباً بمستوى مرتفع، 60 في المئة و20 في المئة. وإزاء عدم الرغبة الذي تبديه إدارة بايدن في مواجهة الإيرانيين، تزداد الأصوات في أوساط دول سنية في الشرق الأوسط، التي تؤيد العودة إلى الاتفاق. ستجري في طهران في الأيام القريبة القادمة زيارة نادرة لمستشار الأمن القومي في الإمارات.

صحيفة “نيويورك تايمز” نشرت، الأسبوع الماضي، بأن مهاجمة القاعدة العسكرية الأمريكية في التنف شرقي سوريا في 21 تشرين الأول الماضي كانت انتقاماً إيرانياً على عمليات القصف الإسرائيلية ضد مليشيات شيعية تؤيد إيران في سوريا. لم تحدث إصابات في هجمات الطائرات المسيرة، لأن إسرائيل نقلت تحذيرات مسبقة للأمريكيين عن الهجوم، وهذه التحذيرات كانت كافية لإخلاء معظم جنودهم من القاعدة. الولايات المتحدة لم ترد حتى الآن بأي عملية على الهجوم الإيراني العدواني، الأمر الذي خيب آمال إسرائيل.

إسرائيل تنوي مواصلة العمليات الهجومية ضد إيران، وهي تشمل، حسب تقارير أجنبية، هجمات سايبر في إيران وأحياناً أعمال تخريب في المنشآت النووية نفسها، إلى جانب هجمات جوية متواترة في سوريا. تنفي الحكومة ادعاء رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، بأن بينيت أو لبيد قدما تعهداً للأمريكيين بأن لا تفاجئهم إسرائيل بنشاط استثنائي ضد إيران، وتطلب موافقتهم قبل أن تقوم بأي عملية هجومية. يعتقد المستوى السياسي أن النظام في إيران هش إزاء هجمات من أنواع مختلفة، وأن السياسة الصحيحة هي مواصلة العمليات التي ستضعفه.

ظهر في الأشهر الأخيرة ارتفاع في حجم الهجمات التي نسبت لإسرائيل في سوريا، عدد منها بواسطة الطائرات الحربية وعدد بإطلاق صواريخ أرض – أرض من مسافة بعيدة نسبياً. يدل ازدياد الهجمات على استغلال “فترة زمنية” مريحة قبل حلول فصل الشتاء في المنطقة. ولكنه يعكس أيضاً سياسة إسرائيلية، وإلى جانبها موافقة صامتة من قبل روسيا على مواصلة عمليات القصف، رغم الحرج الذي تثيره لدى نظام الأسد. لا يوجد لموسكو معارضة حقيقية لمس إسرائيل بمصالح إيران في سوريا، طالما أن قواتها في الدولة غير معرضة للخطر.

       تفاؤل من الجنوب

للمرة الأولى، يسود في الحكومة، منذ فترة طويلة، تفاؤل حذر حول الوضع في قطاع غزة. مؤخراً يبدو أن هناك اتفاقاً بين إسرائيل ومصر وقطر وحماس على حل بديل لنقل الثلث الأخير من المساعدة المالية الشهرية التي تحولها قطر إلى القطاع بمبلغ عشرة ملايين دولار. بعد عملية “حارس الأسوار” أعلنت إسرائيل بأنها لم تعد تسمح بنقل الأموال النقدية في الحقائب. والآن، بعد اتصالات استمرت بضعة أشهر، يبدو أن مصر ستحول لحماس وقوداً بمبلغ مشابه. ووزير الدفاع، بني غانتس، أشرف على هذه الخطوة.

إضافة إلى ذلك، يسود في الحكومة توافق في المواقف حول الحاجة إلى استمرار تقديم التسهيلات الاقتصادية للقطاع. سبق وسمحت إسرائيل بدخول عشرة آلاف عامل وتاجر (معظمهم من العمال) من القطاع للعمل داخل الخط الأخضر، وتجري اتصالات لمضاعفة هذا العدد. التغيير في موقف إسرائيل حدث بعد استبدال رؤساء الشاباك. يبدو أن رئيس الجهاز الحالي، رونين بار، لديه استعداد أكثر من سلفه لإبداء المرونة في هذا الأمر. يبلور الشباك حلول حماية مختلفة، منها إلزام العمال بمتابعة عبر الهواتف المحمولة بضع مرات في اليوم على أمل منع مشاركة العمال في الإرهاب.

إضافة إلى ذلك، سيتم في القريب توسيع النشاطات في معبر رفح الذي يربط بين القطاع ومصر. إسرائيل ستوافق على ذلك مقابل تعهد مصر بزيادة الرقابة من أجل منع تهريب الوسائل القتالية والمواد ثنائية الاستخدام. رغم أن القاهرة لم تف بوعود مشابهة من قبل. إسرائيل راضية عن نشاطات مصر بشأن تدمير الانفاق في منطقة رفح، الذي أحبط جزءاً من صناعة التهريب لحماس. في المقابل، رغم الجهود الواضحة التي تبذلها المخابرات المصرية، إلا أنه لم يتم حتى الآن تحقيق أي تقدم حقيقي في الاتصالات بين إسرائيل وحماس حول صفقة تبادل الأسرى والمفقودين الإسرائيليين.

ستصادق الحكومة في القريب على تسهيلات اقتصادية أخرى أيضاً في الضفة الغربية. ويدعم كبار الوزراء زيادة عدد التصاريح لعمل فلسطينيين من الضفة داخل حدود الخط الأخضر، ويعتقدون أنه حل أفضل لاحتياجات الاقتصاد الإسرائيلي من إدخال العمال الأجانب من دول شرق آسيا. ويعتقد بينيت أنه طالما لا يوجد ارتفاع في حجم الإرهاب من الضفة، فيجب رفع القيود عن الاقتصاد الفلسطيني. ومع ذلك، أظهر تحفظه العلني من استئناف المفاوضات السياسية بذريعة أن هذا الأمر غير واقعي الآن، ولا يناسب أجندة الحكومة التي تشارك فيها أحزاب من اليمين واليسار. ومثلما نشر في الأسبوع الماضي في “هآرتس”، توجهت إسرائيل إلى الإدارة الأمريكية بهدف الضغط على الدول الأوروبية المانحة للسلطة لتجنيد المزيد من الأموال للفلسطينيين بهدف المساعدة في استقرار الحكومة في رام الله ومنع انهيارها.

بقلمعاموس هرئيل

 هآرتس 21/11/2021

قد يعجبك ايضا