السودان بين التوافق أو العودة للصراعات السياسية المفتعلة خارجيا وبتنفيذ بعض أدواتهم الحزبية داخليا..
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
تابعنا ما جرى في السودان الشقيق قبل إسبوعين بما سمي وحسب ما صرح به بعض السياسيين السودانيين ودول الغرب…وغيرهم بالإنقلاب العسكري من قبل العسكر أي الجيش السوداني بقيادة البرهان، والذي بدوره كقائد للجيش قام بما يلزم من إجراءات فورية لوضع النقاط على الحروف وكبح أطماع بعض السياسيين في المناصب ومزاياها التي تستخدم لصالحهم وتنفيذا لمصالح أسيادهم في الخارج من الصهيوغربيين والمستعربين والمتأسلمين، وقد ظهرت الصورة جلية أمام الجميع إلا على الأغبياء من أبناء الأمة….
فقبل ما سمي بإنقلاب العسكر خرج الشعب السوداني تنفيذا لمشاريع بعض الأحزاب السياسية المدعومة خارجيا -والمسماه بقوى الحرية والتغيير..وغيرها
والتي أنشأت بعد الثورات المفتعلة وبدعم خارجي- إلى الشارع يطالبون الجيش بإسقاط حكومة الحمدوك ومجلس السيادة، وبعد أن نفذ الجيش بقيادة البرهان مطالب الشارع السوداني، إنقلب الشعب السوداني وأحزابه مرة أخرى وبدعم خارجي صهيوغربي سعودي على البرهان وأدعوا بأنه إنقلاب عسكري من البرهان وطالبوا بإعادة حكومة حمدوك وإخراج كل المعتقلين السياسيين، وإتهموا العسكر بأنهم يريدون السيطرة على البلاد، وبعد عدة مشاورات بين البرهان وبعض الأحزاب الوطنية الحقيقية وبين حمدوك والذي تم كشف حقيقة ما تخطط له تلك القوى التابعة للخارج تم الإتفاق بين البرهان وبينهم وبين حمدوك وقام العسكر بإعادة حمدوك بعد أن تم إنهاء كل الخلافات بين العسكريين والمدنيين والتي كان سببها بعض الأحزاب السياسية والقوى الشعبية التي تؤتمر بأوامر الخارج حتى لا يستقر السودان أبدا…
وللأسف الشديد فإن بعض الشعوب في زماننا الحالي تائهة مسيرة من مجموعة من الأحزاب والمنظمات التي أسست بعد ما سمي بالربيع العربي والثورات المفتعلة لتكون أيادي تنفيذية لأي مخطط صهيوغربي ومستعرب ومتأسلم متجدد مستقبلا في دولنا العربية والإسلامية وكل حزب تابع لدولة إما غربية أو مستعربة أو متأسلمة وكل حزب أو تجمع بما لديهم فرحون، الأمر الذي أدى إلى ما وصلت إليه دولنا العربية وشعوبها التائهة والمضللة والتي لم تعد تميز بين الحق والباطل والخير والشر والحفاظ على الأوطان وخيراتها وإستقلالها وسيادتها وبين تدميرها وفتح المجال للفاسدين في الداخل لزيادة فسادهم وللخارج لنهب خيراتهم التي حباها الله لهم….
ونحن نعلم أيضا بأن الشعب السوداني وكل شعوب الأمة العربية لها حقوق مشروعة يجب على الدول والقادة أن توفرها لهم، لكن هذا لا يعني أن تصبح بعض تلك الشعوب أدوات تنفيذية للخارج وتبعهم في الداخل لتدمير أنفسهم بأنفسهم وضياع تعب وجهد وكد وعرق وتضحيات الأجداد والآباء منذ عشرات ومئات السنين، هذا غير تضحيات مئات الآلاف من الشهداء الذين سفكت دمائهم في الماضي للحصول على الحرية والإستقلال والسيادة من الإستعمار القديم والذي عانت منه شعوب الأمة العربية الأمرين…
وبعد الإتفاق الذي تم بين البرهان وحمدوك والأحزاب الوطنية الشريفة صرح هؤلاء سياسيي الخارج بعدم موافقتهم على ذلك الإتفاق، وخرج تبعهم في الشارع مرة أخرى رفضا لكل ما تم الإتفاق عليه للإسراع بالمرحلة الإنتقالية والوصول بالسودان مباشرة إلى الحكومة والرئاسة المدنية المنتخبة من شرفاء وأحرار الشعب السوداني والذين أكدوا عبر القنوات الفضائية وبتصريحات أحزابهم وسياسييهم بأن هذا الإتفاق الجديد صوب الأوضاع ووضع النقاط على الحروف وسيصل بالسودان وشعبه إلى بر الأمن والآمان وإلى كل ما يطمح إليه الشعب السوداني في الحاضر والمستقبل….
فحينما كنا نعتقد بأن ما جرى في السودان سابقا كان صراع بين حمدوك والبرهان ظهرت الصورة جلية بأن حمدوك كان تحت ضغط كبير من بعض الأحزاب السياسية التابعة لدول إقليمية وغربية، وأيضا البرهان كان تحت ضغط تلك الأحزاب السياسية المستغلة للشارع السوداني ومن جهة أخرى ودول أخرى غربية وإفريقية وعربية للإسراع بالإنتقال إلى الحكم المدني والإنتخابات البرلمانية والحكومة والرئاسة حسب مراحلها المتفق عليها بين المدنيين والعسكريين…
وظهرت الصورة كاملة بأن عملية التطبيع والإستسلام التي جرت في السودان لم تكن من العسكريين فقط وإنما بضغط داخلي خارجي آنذاك من تلك الأحزاب السياسية التابعة للصهيوغربيين والمستعربيين والمتأسلمين والمطبعين سرا مع الكيان الصهيوني ويعملون بالخفاء لتطبع كل الدول العربية مع إخوانهم بالفكر الكيان الصهيوني، وهؤلاء يستغلون الشارع في كل مشروع خارجي يراد تنفيذه داخل السودان، وفرضت تلك العملية التطبيعية على الشعب السوداني لأنه تم تغيبه عما يدور حوله من خطط ومشاريع ليفكر بأن خروجه فقط هو للحصول على الأمن والآمان وتحسين أوضاعه المالية والصحية والتعليمية…وغيرها من مطالب الشعوب المحقة، وللأسف الشديد أننا لم نسمع ونرى أحدا من بعض الأحزاب التابعة للخارج والمتظاهرين الجدد يطالب بعودة أبنائهم من حرب اليمن الظالمة والمفتعلة من قبل بني سعود، أو يطالب بإسقاط ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لمقدسات وأراضي الأمة العربية والإسلامية، ذلك الشعب العربي المعروف بآصالته وتاريخه النضالي والمقاوم لكل محتل على الأراضي العربية وبالذات فلسطين…..
وقد تكون مصر قد أرشدت وأيدت البرهان لما قام من حركة تصحيحية لتصويب الأوضاع في السودان حينما شرح للمصريين تلاعب بعض الأحزاب السياسية المتسلقة والتابعة للخارج بقرار حمدوك والحكومة وتعطيلهم المستمر لتنفيذ ما أتفق عليه بين كل الأحزاب السودانية داخليا وبعض المجتمع العربي والإفريقي والدولي خارجيا، وهذا تأييد في مكانه الصحيح ولصالح السودان والسودانيين لحماية السودان من التقسيم والحروب الأهلية الداخلية، ويعود ذلك التأييد لما جرى في مصر سابقا من حركة تصحيحية عسكرية ومدنية وفورية وإلا لوجدت مصر لغاية يومنا الحالي تخوض فتن وحروب أهلية سببها الأحزاب السياسية الذين غسلت أدمغتهم وغيرت بوصلتها الحقيقية بعد أن إنجرت وراء حملة الفكر الوهابي الصهيوسعودي وغيرهم من الأحزاب السياسية المتسلقة التي كانت تؤتمر من الخارج وتقبض الأموال لإشعال مصر وتفتيتها وتقسيمها وبقاء الفتن والحروب فيها دون أن تنتهي ولبقي التحريض على سورية المقاومة لحشد المقاتلين لمى سمي (الجهاد في سورية)، ولوجدت كل تلك الأحزاب لغاية يومنا يعيثون في مصر فسادا وإفسادا، فكانت حركة تصحيحية في وقتها تم من خلالها حماية مصر وشعبها ووحدتها وجغرافيتها من كل ما كان يخطط لها، واليوم مصر تعود لدورها الحقيقي على مستوى عربي وإفريقي ودولي وتدافع عن سورية ووحدة أراضيها وعودتها إلى جامعة الدول العربية بالرغم من معارضة الصهيوغربيين وبني سعود على ذلك…
أما الكيان الصهيوني فهو لم يدعم الجيش السوداني لما سمي بإنقلاب البرهان لكن ذلك الكيان دعم بعض تلك الأحزاب السياسية المتجددة وبنفس الخط مع بني سعود لأنه ليس من مصلحتهم أن يعود السودان أو أن تعود أية دول عربية أخرى إلى الوحدة والإستقرار والسيادة من جديد لأن كل ثوراتهم المفتعلة -والتي كان قائدها اليهودي الفرنسي برنارد هنري ليفي- والمخطط لها في دولنا كانت أهدافها الرئيسية وعبر أدواتهم من بعض تلك الأحزاب السياسية لبقاء الشعوب في حالة إقتتال مع القادة والحكومات والجيوش بالذات لإستنزافها وبذلك تبقى تلك الخلافات والفتن والحروب إلى أن تدمر الشعوب أوطانها بأنفسها دون علم لما خطط لهم في الغرف المغلقة للصهيوغربيين والمستعربيين والمتأسلمين…
فكل ما جرى في السودان كان سببه بعض الأحزاب السياسية المدنية التي تنفذ أجندات خارجية صهيومستعربة ومتأسلمة وتطمح بالوصول للسلطة المدنية والسيطرة على الشعب السوداني بشكل كامل لتنفيذ مع تم الإتفاق عليه مع أسيادهم في المنطقة والغرب….
وكان هؤلاء يزيدون من فتيل الأزمة بين البرهان وحمدوك مستغلين حمدوك بإسم الديمقراطية لتنفيذ ما يطمحون إليه مستقبلا فمثل هؤلاء السياسيين يتم تهيئتهم من الخارج كقادة وعملاء جدد على الشعب السوداني يامرونهم وهم يطيعون مستغلين حالة الفقر والبطالة والإنهيار الإقتصادي والمالي والضعف السياسي والفتن والحروب العسكرية والتقسيم الذي يعاني منه السودان وشعبه، والحلف الشيطاني الخارجي وأعوانه في الداخل هم من كان سببا بكل ما حصل في السودان وما ذكر سابقا بعد أن كان في سنوات مضت سلة الغذاء العربي وحتى الإسلامي….
فقرارات البرهان وحمدوك التي إتخذاها منذ تسلمهم رئاسة المجلس الإنتقالي العسكري والمدني كانت معظمها خارجة عن رأي الأحزاب السودانية الوطنية الحقيقية وشرفاء الشعب السوداني وبضغط خارجي وتدخلات بينهم لتأنيب هذا الطرف على الطرف الآخر وبالتالي كل يوافق على تنفيذ ما يملى عليه حسب صلاحيته نكاية بالآخر وهذا ما صدر عن مسؤولي الأحزاب الوطنية الشريفة التي ظهرت في توقيع الإتفاق الجديد بين البرهان وحمدوك….
فنرجوا أن يكون ما جرى في السودان هو بمثابة حركة تصحيحية جديدة لإخراج السودان من كل تلك الأزمات والمؤامرات الداخلية مع الخارج وحقيقة بأن معظم الدول العربية المتأزمة والتائهة بين هؤلاء وهؤلاء بحاجة لحركات تصحيحية حقيقية عسكرية ومدنية مشتركة لتصويب الأمور وإستقرار الدول كما جرى في الماضي البعيد والقريب…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب وباحث سياسي….