واشنطن بوست: يجب تجفيف منابع مستنقع تأثير الحكومات الأجنبية على مراكز الأبحاث في واشنطن
وهج 24 : دعا جوش روغين في مقالة بصحيفة “واشنطن بوست” إلى تجفيف مستنقع التأثير الأجنبي وبشكل حقيقي، مشيرا إلى أن الأموال التي يتم التبرع بها لمراكز الأبحاث من دول أجنبية مقابل دعم مواقفها في واشنطن، تؤثر على الديمقراطية الأمريكية.
وقال الكاتب إن المصالح الأجنبية تستخدم في العاصمة الأمريكية المال للتأثير على السياسة وعبر عدد من الطرق والخطط، وعادة ما تكون مخفية. فشركات الضغط أو اللوبي يجب أن تكشف عن الأموال وفق القانون، لكن هذا طريق واحد لدخول الأموال الأجنبية إلى السياسة الأمريكية.
فهناك عشرات من مراكز البحث في السياسة ومعاهد الأبحاث تحصل على التمويل الأجنبي ومال الشركات بدون أن تكشف عن التفاصيل. وبعد ذلك يكتب الموظفون في هذه المراكز أوراقا بحثية في السياسة، ويشهدون أمام الكونغرس باعتبارهم خبراء محايدين وموضوعيين. ويعتبر هذا وضعا مريحا لمراكز الأبحاث والجهات التي تتبرع لها، حيث تجمع الملايين من لاعبين أجانب لنشر تأثيرهم في واشنطن العاصمة بدون التعرض للتمحيص والمساءلة.
المصالح الأجنبية تستخدم في العاصمة الأمريكية المال للتأثير على السياسة وعبر عدد من الطرق والخطط، وعادة ما تكون مخفية
ويستدرك الكاتب بالقول: “لكن ديمقراطيتنا هي الخاسرة؛ لأن هذا النظام من الفساد الناعم يقوض نزاهة عملية صناع القرار لدينا”. ويرى أن الأمريكيين استفاقوا أخيرا على مخاطر التأثير الأجنبي على فيسبوك، مع أن العاملين في مراكز الأبحاث لا يزالون قادرين على استخدام الثغرات وتقديم شهادات في الكونغرس بدون الكشف عن الدول الأجنبية التي تدفع لهم.
ويتساءل روغين: “لماذا نسمح لهم بالإفلات؟”. مشيرا إلى تحقيق أجرته مجلة “نيوريببليك” الشهر الماضي، وكشف أن الديمقراطيين قاموا في كانون الثاني/ يناير بتشديد الإجراءات المتعلقة بالكشف عن تضارب المصالح لأي شهادة تقدم في الكونغرس، لكن الباحثين في مراكز البحث كانوا قادرين على استخدام الثغرات للتحايل على القواعد الجديدة. فمن السهل أن يقول من يقدم الشهادة إنه يمثل نفسه وليس المنظمة التي يعمل فيها (وهي الجهة التي تحصل على المال من الحكومة الأجنبية)، ولهذا يقوم معظم من يقدمون شهادات بعمل هذا. وتحاول الآن مجموعة جمهورية في مجلس النواب إغلاق هذه الثغرة والمنافذ الأخرى. وتقدم رئيس لجنة البحث الجمهورية النائب عن ولاية إنديانا جيم بانكس بـ”قرار إصلاح الحقيقة في الشهادة” والذي يهدف لإغلاق الثغرات وإجبار الشهود أمام الكونغرس بالكشف عن داعميهم الأجانب.
وقال بانكس في بيان: “يعمل الكونغرس جيدا عندما يتم الكشف عن كل الأوراق الموضوعة على الطاولة”. و”قد حان الوقت لفضح التأثير الأجنبي الخبيث ونزع الأقنعة عن هؤلاء الأفراد الذين يعملون لدول أخرى ويشهدون أمام الكونغرس، وأحث زملائي على تمرير هذه القاعدة في أقرب وقت”. وحصلت القاعدة على 43 داعما، كلهم من الجمهوريين. وعبّر الجانب الديمقراطي عن بعض الاهتمام في القرار، لكن لم يعلن أي ديمقراطي عن دعم علني بعد. وبحسب إجراءات مجلس النواب، فهذه القاعدة يمكن أن يتم تبنيها بأغلبية صغيرة. ولا يحتاج مجلس الشيوخ في الوقت نفسه لأي متطلبات من الشهود من أجل الكشف عن مصادر التمويل الأجنبي.
وستجبر القاعدة الجديدة في مجلس النواب أي شاهد بالكشف عن مصادر التمويل الأجنبي لأكثر من 5.000 دولار، سواء كانوا يقدمون شهادة بالإنابة عن أنفسهم أو المنظمة كممثل لكيان أو مصلحة لها علاقة بجلسة الاستماع. والزملاء في مراكز البحث ليسوا الطبقة الوحيدة من الشهود المطلوب منهم الكشف عن علاقاتهم المالية الأجنبية، فالمستشارون والناصحون وكل من يتلقى أموالا من حكومات، أحزاب ورجال أعمال أجانب والشركات التابعة لهم، عليهم الكشف عن مصادر التمويل.
ستجبر القاعدة الجديدة في مجلس النواب أي شاهد بالكشف عن مصادر التمويل الأجنبي لأكثر من 5.000 دولار
وعادة ما تقع العقود الاستشارية الأجنبية خارج المتطلبات القانونية بناء على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وهو الإطار التنظيمي لممثلي الحكومات الأجنبية، لأنهم يزعمون أن عقودهم لا تشتمل على عمليات لوبي. وبناء على قاعدة النائب بانكس، فالتفريق هذا سيختفي لو أراد هؤلاء الخبراء تقديم شهادات في كابيتول هيل. وبناء على القاعدة المقترحة، فالشهود الذين يريدون العمل مع أعداء أجانب مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، سيكونون عرضة لتمحيص أوسع. وهذا يعطي مساحة للفحص والانتباه للدول التي تريد نشر تأثيرها مثل الصين عبر مراكز الأبحاث. وكمثال على ذلك، مؤسسة التبادل الصيني- الأمريكي، والتي أنشأها وموّلها عضو بارز في الحزب الشيوعي الصيني وعملية جبهة التأثير، قامت بتمويل عدد من مراكز الأبحاث على مدى السنوات الماضية.
وتدعم قاعدة بانكس مؤسسات في واشنطن لا تتلقى دعما أجنبيا مثل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطية. وقال إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: “يحتاج صناع القرار في الكونغرس لأن يكونوا واثقين من أنهم لا يتلقون النصيحة المتأثرة أو المشوهة أو متأثرة بالمصالح التجارية”، و”سيؤكد مشروع القرار هذا على التأكد من موثوقية الرؤية التي يتلقاها الكونغرس من الخبراء الذين يعتمد عليهم”.
ويرى الكاتب أنه لا يوجد أي سبب يدعو لأن تستمر الحكومات الأجنبية والأعداء في مواصلة التأثير على المشرّعين والخطاب العام من خلال مراكز البحث ودكاكين الاستشارة. ويجب على مجلس النواب تمرير هذه القاعدة بدعم من الحزبين، فمن مصلحة الحزبين الرئيسين تجفيف منابع هذا المستنقع.
المصدر : القدس العربيي