المفاوضات مع الكيان الصهيوني وداعميه والتي تسعى لها السلطة وبعض دول الأمة يجب أن تكون من مصدر قوة؟
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…..
نحن نعلم بأن بعض الدول العربية ومنها الأردن تسعى لمتابعة المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني للسير قدما إتجاه السلام العادل والشامل والذي من خلاله يتم الإعتراف بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا ما تسعى وتؤيده معظم الدول الكبرى والصغرى والعربية والإسلامية …
لكن وخلال تلك السنوات الطويلة من المفاوضات السابقة بين الطرفين أثبتت أن الكيان الصهيوني لا يريد ولا يقبل بذلك بما سمي بحل الدولتين أبدا والدليل فشل تلك المفاوضات وعدم تطبيق أي بند من بنود إتفاقية أوسلو وبالذات التي فيها إعتراف بحقوق الفلسطينين من قبل ذلك الكيان وهذا دليل على أن ذلك الكيان لا يعترف أيضا بإتفاقية السلام ولا يؤمن بها ولا يعترف بوجود السلطة الفلسطينية إلا فقط في التنسيق الأمني لتقوم أجهزة السلطة بملاحقة المقاوميين من فصائل المقاومة في مناطق 67 وإعتقالهم وسجنهم أو تسليمهم لأجهزة الكيان الصهيوني، لأنهم يعتبرون السلطة الفلسطينية وكل أجهزتها تابعة لهم بكل ما تعنيه الكلمة جملة وتفصيلا…
فأي مفاوضات في تاريخ الدول بين المستعمر وأصحاب الأراضي والأوطان المستعمرة تحكمها القوة والثقة الكاملة والمطلقة بالحقوق المغتصبة هي مفاوضات ناجحة وتصب في مصلحة القوي وصاحب الحق المغتصب لأن ثقته تكون من خلال ذلك الحق التاريخي ولو حاول أي مستعمر أو محتل أو طامع طمسه وتغيير ملامحه، وذلك الحق التاريخي عندما يتم تذكير المستعمر به وأنه مستعمر ومحتل ولا يعترف به وإعادته يوميا ولحظيا على مسامعه وأمام العالم فإن ذلك الأمر يجعل المستعمر والمحتل في حالة تخبط وإنهزام دائم وعدم ثقة بنفسه لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه ومهما حاول الكذب على العالم وتصديقه إلا أن صاحب الحقوق أمامه وهناك أمة كاملة تطالب بتلك الحقوق، وهذا الواقع المر الذي لا يستطيع الكيان الصهيوني تغييره عبر تلك السنوات الطويلة من الإحتلال والأكاذيب والتهويد والحروب والإعلام المدبلج وإتفاقيات التطبيع ومحاولة تزينها في نظر الفلسطيني في الداخل والخارج وفي نظر الأمة بطابع إقتصادي تنموي تعيش من خلاله الشعوب في رغد العيش والرفاهية التي يتمناها كل إنسان على وجه هذه الأرض، لكن ما هو المقابل هو السيطرة من خلال كل ذلك على فلسطين كاملة والمنطقة بأسرها وعلى العالم فيما بعد تنفيذا لأحلام الصهيونية العالمية وكيانها الذي لم ولن يعترف يوما بكل تلك المساعي بالرغم من وجود بعض الضغط الأمريكي من جون بايدن هذه الأيام لكن دون فائدة أو دون وجود أية آذان صاغية للرد على أي أحد يطالب بأي حق مغتصب للشعب الفلسطيني…
إذن فحينما تجد عدوا أمامك ومحتل ومحتال ولص وخارج عن القانون الإلهي والإنساني والدولي زور التاريخ وغيب المثل وداس على القيم والمبادئ وتعنت ولم يحفظ كرامة لأحد ولا يعترف بالسلام أو يقتنع به يوما وإنما فقط إعتبره وسيلة لتنفيذ أهدافه في فلسطين وأحلامه في المنطقة والعالم ماذا ستفعل الأمة بالمقابل، تلك الأمة التي ضيعت مرات عدة ثمار النصر على ذلك العدو الصهيوني والمحتل ولم تستغلها كمصدر قوة في أية مفاوضات معه ومع داعميه منذ إنتصار حرب تشرين مرورا بإنتصار الكرامة وإنتصار المقاومة في حروب لبنان وغزة حتى معركة سيف القدس، بل والبعض من قادة دول الأمة قلب ثمار النصر لمصلحة العدو بعلمه أو بألاعيب ذلك المحتل وتأثيره على قرارهم أو بالوعود والعهود والإتفاقيات التي لا تكون إلا لمصلحته كمحتل ومستعمر وبحاجة لتثبيت وضعه وموقعه خارجيا إذا لم يعترف به صاحب الحقوق والأرض المغتصبة في الداخل والخارج وهذا ما قام به ذلك العدو خلال كل إتفاقيات السلام المشؤومة منذ كامب ديفيد مرورا بأوسلو ووادي عربة حتى إتفاقيات أبراهام وإتفاقيات التنسيق الأمني والدفاع والغاز والكهرباء والمياه…وغيرها…
لذلك كأمة وفي المرحلة الحالية والقادمة يجب أن نعيد ذلك الكيان الصهيوني إلى ما كان عليه وهو سحب الإعتراف به وبدولته الغير شرعية وبأن فلسطين للفلسطينين والعرب والمسلمين من البحر للنهر وسنعمل على تحريرها وعن طريق المقاوميبن فقط وحينها ستجدون أن ذلك العدو الصهيوني سيفقد الثقة بنفسه والتي عمل على ترسيخها في عقول مواطنيه الصهاينة الذين جمعهم من أسقاع الأرض وفي عقول قادة وشعوب الغرب وبعض الفلسطينين والعرب والمسلمين منذ عشرات السنين، وبذلك تتبدل الصورة كاملة فنصبح نحن من يتحكم بذلك المحتل ونضع الشروط الكاملة لإجراء مثل تلك المفاوضات ولن نفاوضه بشكل مباشر لأنه لا يمثل شيئ وقد نفاوض داعميه ومؤسسيه لأنهم يعلمون أننا أصحاب الأرض وكل ما تحتها وفوقها من خيرات ونعم ومقدسات هي للفلسطينين والعرب والمسلمين فقط….
لذلك على الأردن والسلطة الفلسطينية وكل من يعمل لإعادة المفاوضات لمسارها الطبيعي كما يقولون أن يقفوا وقفة أصحاب حقوق مغتصبة وأهل الأرض المباركة وأن يشعروا ذلك المحتل ويذكروه بماضيه بأنه محتل وسارق وعليه أن يلتزم ويعرف حجم نفسه ويجب أن يوقفوه عند حده ويفكروا بالموافقة على منحه بعض الأراضي ليقيم فيها كلاجئ ومشتت ومطرود من دول الغرب ولا أرض له ولا تاريخ أو هوية على أرض فلسطين التاريخية وعليه أن يقبل بما نعطيه ونمن عليه لا بما أخذه بالحيلة والخديعة وقوة السلاح والدعم البريطاني في الماضي والأمريكي حاليا، وهذا هو مصدر قوة المقاومة ومحورها في إيران وسورية ولبنان وغزة وفي أية مفاوضات داخليا أو خارجيا وهذا هو مصدر ضعف المحتل الصهيوني وأي محتل عبر التاريخ وداعميه في الغرب…
ويجب أيضا أن نضع نحن الشروط لنعود للتفاوض وعلى الغرب وأمريكا والأمم المتحدة والذين يريدون إعادة المفاوضات أن يقوموا بالضغط على مدللهم الصهيوني وأن يكونوا هم الضامنين لتنفيذ شروط الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة على ذلك الكيان وإلا فسنعود كدول للمربع الأول وسنسحب إعترافنا بذلك المحتل وسنسقط كل عمليات السلام والإتفاقيات المبرمة لأنها كانت مع محتل وهي غير قانونية أبدا وسنعود نحن والشعب الفلسطيني ومقاوميه وكل داعميه لمقاومة ذلك المحتل وإحتلاله حتى يتم طرده من كل مكان ونحرر أرضنا ومقدساتنا وكل فلسطين من البحر للنهر والجولان ومزارع شبعا والأمر متروك لكم….
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
كاتب وباحث سياسي…