انتخابات المجالس المحلية في الضفة.. صور المرشحات تغيب عن الدعاية والورد ودلال المغربي تحل مكانها

وهج 24 : أثارت بعض القوائم الانتخابية المترشحة لعضوية المجالس المحلية في الضفة الغربية، حفيظة المراقبين ونشطاء حقوق الانسان، لاستبدالها صور النساء المترشحات، بصور تعبيرية منها الورد أو الفدائية دلال المغربي، أو صور لقبة الصخرة، بشكل دفع الكثير لانتقاد هذه الخطوة التي تنتقص من مكانة المرأة، والتي تعد شريك أساسي في المجتمع.

مرشحات بلا صور

ولوحظ أن هناك قوائم انتخابية مع بداية انطلاق الداعية الانتخابية، ضمن المرحلة الأولى لانتخاب المجلس المحلية، وضعت في “بوستر” خاص يعرض صور المرشحين، صور الورود بدلا من صور النساء، فيما اعتبر المراقبون أن ترشحهن كان بسبب القانون الذي يفرض على القوائم وضع “كوتة” للمرأة، وأنه لو ترك المجال لتلك القوائم، لكانت قوائم لا تضم إلا الرجال فقط.

ويتردد أن هناك أسباب أخرى، دفعت تلك القوائم لعرض ورد بدلا من صور المرشحات، ومن أبرزها رفض النساء ظهور صورهن على اللافتات التي تغلق في الأماكن العامة، وفي الشوارع الرئيسة، بناء على طلب الأهل.

ودفع ذلك الكثيرون إلى التندر على الأمر، من خلال التعليق على ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي بالقول “المرشح وردة”، مع وضع صور لتلك الملصقات الدعائية، التي تضم صورة الوردة، وأسفلها اسم المرشحة.

كما استخدمت قوائم أخرى صور تعبيرية بدلا من الوردة للدلالة على المرشحة، منها وضع صورة للفدائية الفلسطينية دلال المغربي، التي استشهدت في عملية فدائية شنتها قبل عشرات السنين، وأخرى وضعت صورة قبة الصخرة المشرفة، فيما وضعت بعض القوائم رسم الكتروني يشير إلى رأس امرأة، كتلك التي تستخدم أحيانا في مواقع التواصل.

هذا وقد بدأت الدعاية الانتخابية للمجالس المحلية التي تجرى فيه الانتخابات في مرحلتها الأولى يوم 27 من الشهر الجاري، وتشمل الانتخابات 154 هيئة في الضفة الغربية، بعد أن رفضت حماس إجرائها في غزة، وحسب الأرقام التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية، وصل عدد الإناث المرشحات في جميع القوائم التي اعتمدت لـ1551 مرشحة، أي بنسبة 25.9% من إجمالي عدد المرشحين، فيما ترأست ثلاث نساء قوائم انتخابية.

لا قانون يلزم

وينص القانون الذي جرى عليه الترشح، أن تكون هناك سيدتين مرشحتين ضمن كل قائمة انتخابية، على أن تكون واحدة منهن ضمن أول خمس أسماء على تلك القائمة.

ومع بداية الحملات رصدت لجنة الانتخابات عدداً من الشكاوى التي تتعلق بالمطبوعات الدعائية التي تظهر فيها صور مرشحين مع إخفاء صور وأسماء المرشحات أو استبدالها بأشكال رمزية، وأوضحت بأنها تتابع هذه المسألة ضمن الجهود التي تقوم بها لمراقبة التزام القوائم الانتخابية والمرشحين بضوابط وأحكام الدعاية الانتخابية، والتي تتيح لأي قائمة انتخابية الإعلان عن نفسها ومرشحيها وبرامجها بالطريقة التي تراها مناسبة طالما هي ملتزمة بأحكام القانون.

لكن رغم طلب لجنة الانتخابات أن ترفق صور المرشحين مع طلبات الترشح، إلا أن القانون يخلوا من أي بند يلزم القوائم الانتخابية بنشر صور المرشحات في البوسترات واليافطات، أو في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن لجنة الانتخابات رأت أن هذه الممارسات “تتناقض مع الالتزام الطوعي الذي تم الاتفاق عليه في مواثيق الشرف ومدونات السلوك الصادرة مؤخراً ووقع عليها كافة شركاء العملية الانتخابية من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني وأحزاب سياسية وإعلاميين”، لافتة إلى أنها خاطبت في رسائل رسمية جميع ممثلي القوائم الانتخابية، دعتهم فيها إلى الالتزام بميثاق الشرف ومدونات السلوك، مؤكدة على أنها لن تقوم بنشر مواد دعائية عبر الإعلام الرسمي للقوائم التي لا تلتزم بمواثيق الشرف المذكورة.

يذكر أن لجنة الانتخابات أطلقت في أكتوبر الماضي، مدونة سلوك “مناهضة المساس بحقوق المرأة في الانتخابات المحلية” والتي صنفت حجب صورة امرأة مرشحة أو اسمها أو لقبها من وثائق ويافطات الدعاية الانتخابية أو حرمانها من قبل أعضاء قائمتها أو أي شخص آخر من ممارسة الأنشطة المتعلقة بالدعاية الانتخابية، بأنه مساس بالحقوق الأساسية للمرأة.

لكن ما كان غريبا في الأمر، هو دفاع أحد المترشحات عن عدم ظهور صورتها، حيث نقلت وكالة الأنباء الرسمية “وفا” عن المرشحة (أ.ف)، قولها إن وضع “صورة الوردة” مكان صورتها في البوستر الانتخابي “أمر جميل جدا”،  مؤكدة أنها اختارت ذلك لأنها لا تود نشر صورتها الشخصية لعدة أسباب منها العادات والتقاليد في المجتمعات الريفية، وتضيف “استخدام الوردة يضعني في منزلة أخرى ويميزني عن المرشحين الآخرين في ذات القائمة، ويبقيني عالقة في الذهن، ويجعل من يشاهد الصورة يطرح التساؤلات عن دوافع امتناعي عن نشر صورتي”، وتنفي أن تكون قد خضعت في اختيارها هذا لضغوط اجتماعية أو من أي جهة كانت، وأشارت إلى أن شخصيتها تميل للمحافظة والالتزام بالقيم والتقاليد التي كبرت عليها في القرية.

وتؤكد هذه المرشحة التي تحمل درجة الدكتوراة، أن لا علاقة على الإطلاق بين وجود صورتها في البوستر وبين ما يمكن أن تقدمه والدور الريادي الذي يمكن أن تلعبه، في حال فازت بالانتخابات المحلية ووصلت إلى موقع يؤهلها لتقديم الخدمات لأبناء بلدتها، لكن عند سؤالها عن خوض الانتخابات في قائمة تضم مرشحة أخرى تظهر صورتها الشخصية، قالت: “قد يلعب عامل السن دوراً في ذلك فهي تكبرني عمراً، وربما هي لم تضع لنفسها قيوداً مثل ما فعلت أنا”.

في المقابل، يؤكد رافضي فكرة استبدال صورة المرشحة بأي صورة تعبيرية، أن من وافقت على الترشح لعضوية المجلس المحلي، يتوجب عليها عدم إخفاء شخصيتها، بعد أن أصبحت شخصية عامة.

استهجان

وقد ذكرت محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، التي انتقدت عدم ظهور صور النساء، إلى ما هو أخطر من ذلك، وهو اللجوء للإشارة إلى المرشحة على أنها (زوجة فلان أو شقيقة علنتان)، وقالت “ذلك يعني أنها غير قادرة على الإدارة والنجاح ودورها الريادي محدود إذا ما تم التعامل معها كفرد من المجتمع الفلسطيني بمعزل عن الذكور من عائلتها”.

كما انتقد منير الجاغوب، رئيس المكتب الاعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، تغييب صورة المرشحات عن الدعاية الانتخابية، وكتب على صفحته في موقع “فيسبوك” يقول “إلى متى هذا الاستخفاف بالمرأة؟ كيف لنا أن نمارس الازدواجية بدون مواربة؟ فكيف نضع صورة وردة أو صورة امرأة شهيدة أو صورة علم فلسطين، ونخفي صورة المرأة المرشحة للهيئة المحلية؟ اليس هذا معيب أن تغيب صور المرشحات عن الدعاية الانتخابية في المجالس المحلية في بعض القوائم الانتخابية؟”، وتابع “المرأة قيمة وقامة نعتز فيها وهي التي تهز السرير بيمينها وتهز العالم بشمالها”.

عضوات سابقات لم يكن يحضرن الاجتماعات والمحاضر أرسلت لمنازلهن للتوقيع

وقال مخاطبا النساء “من تطمح منكن الدخول إلى المجلس البلدي، فهي ملزمة بالظهور في جلساته واتخاذ القرارات ومناقشة أحوال البلدة، إذا الان لا تضع صورة شخصية لها، كيف سوف تناقش وتتخذ القرارات وتدافع عن موقفها”. وقد تحدث عن ظاهرة غربية، تشير إلى وجود خلل في التركيبة الداخلية لبعض المجالس، وبدا أن الأمر راجع للقبلية، حيث قال “حدثني أحد الاخوة في إحدى المجالس البلدية أنهم كانوا يرسلون محضر جلسة المجلس البلدي للنساء إلى المنزل للتوقيع عليه، وأحيانا يحضر الجلسة أخوها أو والدها بدلا منها”.

وفي هذا أشارت دلال سلامة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أن الأمر هذا غير مقبول، لافتة إلى أن حركتها بصدد متابعة هذا الأمر في كافة الأطر التنظيمية، ومراجعته مع كل القوائم المرشحة المتبناة من قبل الحركة، مؤكدة أن ذلك “يتم غالباً دون مشاورة المرأة ويندرج في سياق مصادرة قرارها وهي في طريقها إلى مركز صنع القرار”.

وفي هذا السياق، أهابت مؤسسات المجتمع المدني المسجلة كهيئات رقابة على الانتخابات لدى لجنة الانتخابات المركزية بكافة القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات المحلية في مرحلتها الأولى، ضرورة احترام كرامة وشخصية النساء المرشحات ضمن هذه القوائم، ونشر أسمائهن وصورهن خلال الدعاية الانتخابية لما في ذلك من اسهام في تعزيز حضور المرأة الفلسطينية ودورها التاريخي في النضال الوطني الفلسطيني.

وأكدت هيئات الرقابة خلال اجتماع لها، مع لجنة الانتخابات المركزية، أن عدم وضع أسماء النساء وصورهن على منشورات الدعاية الانتخابية، أو استبدالها برموز أو شعارات، “فيه انتقاص من دورهن في المشاركة السياسية وامتهان لكرامتهن الإنسانية وعدم التزام بميثاق الشرف الخاص الذي وقعته لجنة الانتخابات ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، وشخصيات مستقلة”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا