مستثمرون أجانب يتوخون الحذر بشأن شراء أذون الخزانة المصرية المحلية عالية العوائد
وهج 24 : بات بعض المستثمرين الأجانب يتوخون الحذر بشأن شراء أذون الخزانة المصرية المحلية بسبب القلق المتعلق بالأسواق الناشئة واستدامة العوائد المصرية المرتفعة.
ويقول البنك المركزي المصري أن سياسته غير التقليدية للتعامل مع جائحة فيروس كورونا كانت ناجحة. وتمثلت هذه السياسة في رفع أسعار الفائدة على الودائع المحلية وخفض معدلات الإقراض المحلي، وترك العملة دون تغيير تقريباً مقابل الدولار.
ودفع استقرار العملة وارتفاع عوائد أذون الخزانة الأجانب إلى شراء الجنيه المصري للاستثمار في أذون قصيرة الأجل، ثم تحويله إلى الدولار عندما يحل أجل الأذون، محققين إيرادات كبيرة. وبلغ متوسط عائد أذون الخزانة لأجل عام في مزاد يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 13.25 في المئة قبل حساب ضريبة دخل بنسبة 20 في المئة.
تراجع صافي الأصول الأجنبية 3.75 مليار دولار
وجعل هذا مصر وجهة مفضلة لدى المستثمرين في الأسواق الناشئة منذ اضطلاعها ببرنامج إصلاح اقتصادي واسع النطاق تحت رعاية «صندوق النقد الدولي» في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. لكن المخاوف تتنامى بشأن ما إذا كان البنك المركزي في وسعه تحمل مواصلة دعم عملته ودفع هذه العوائد المرتفعة للغاية، خاصة إذ حدثت صدمة اقتصادية أخرى، وذلك بحسب أكثر من ستة محللين ومستثمرين.
وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في بنك «غولدمان ساكس» الاستثماري الأمريكي «الأسواق ترى مصر عادة أكثر عرضة للمخاطر في ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، بالنظر إلى احتياجاتها التمويلية الكبيرة واعتمادها الشديد على شراء المستثمرين الأجانب لأذون خزانة بالعملة المحلية».
وتشير أحدث بيانات البنك المركزي المصري إلى أن الأجانب حازوا أذون خزانة قيمتها 378.2 مليار جنيه مصري (24.1 مليار دولار) لأجل عام أو أقل حتى نهاية سبتمبر/أيلول، في أعلى مستوى على الإطلاق.
وقال سوسة «شهدنا تفكيك بعض المراكز في الأسابيع القليلة الماضية، لأسباب من بينها انخفاض شهية المخاطرة في الأسواق الناشئة، فيما يرجع في جانب منه إلى مخاوف متعلقة باستدامة مصر الخارجية».
البحث عن تدفقات
قال فيكتور زابو، وهو مدير محافظ في «أبردين» البريطانية ، أن المشكلة لا تتعلق بما إذا كانت الأموال ستهرُب من مصر وإنما بكيفية وفاء مصر بالاحتياجات التمويلية الكبيرة في المستقبل.
وأضاف «السؤال الرئيسي هو ما إذا كانوا راغبين وقادرين على الحفاظ على سعر الصرف، لأن هذا هو سبب كونها أكثر التجارات حساسية بالنسبة للأسواق الناشئة- لأنهم يحافظون على سعر الصرف مستقراً ويدفعون عوائد مرتفعة للغاية على سنداتهم».
وعلى الرغم من تراجع قيمة الجنيه المصري لفترة وجيزة في شهور الجائحة الأولى، فقد ظل دون تغيير تقريبا خلالها عند نحو 15.70 مقابل الدولار.
وقال محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، هذا الشهر «لم نتعامل مع الصرف الأجنبي بالطريقة المعتادة… فمعظم البنوك المركزية شهدت انخفاضاً كبيراً في قيمة عملاتها- 20 أو 15 أو 30 في المئة» مضيفاً أن السلطات النقدية شعرت بأن انخفاض سعر الصرف لن يجلب السياح أو يزيد الصادرات.
وقال في مؤتمر عبر الفيديو للبنوك المركزية في الشرق الأوسط «تدخلنا بقدر كبير من الاحتياطيات، وتأكدنا أن المستثمرين الأجانب لا يخسرون أموالا خلال تخارجهم، الذي كان كبيرا، وفلسفتنا هي أننا لا نريدهم أن يخسروا». وأضاف «جميع البنوك المركزية خفضت أسعار الفائدة. وزدنا سعر الفائدة على الودائع (المحلية). قمنا بشيء غير مألوف لكنه حقق المرجو منه».
تراجع صافي الأصول الأجنبية
وكدليل على نجاح هذا المسعى، سجلت البلاد نمواً اقتصادياً سنوياً بنسبة 9.8 في المئة في الربع الممتد من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، ارتفاعاً من 0.7 في المئة قبل عام. ومع ذلك، أظهرت أحدث بيانات البنك المركزي تراجع صافي الأصول الأجنبية، وهي الدولارات والعملات الأخرى التي تحوزها البنوك التجارية المصرية أو البنك المركزي، 58.7 مليار جنيه أو 3.75 مليار دولار على أساس شهري في أكتوبر/تشرين الأول إلى 114.19 مليار جنيه، وهو أدنى مستوى له منذ الأشهر التي أعقبت تفشي الجائحة في مطلع 2020.
وقال مصرفيون ومحللون أن ذلك ربما كان نتيجة أمور منها استحقاق التزامات خارجية، منها قرض قيمته مليار دولار من بنوك خليجية على مدى الأشهر القليلة الماضية، أُعيد تمويلها ولم تزد إلا بعد فترة.
ومن المرجح أن يظل عجز الحساب الجاري، الذي اتسع إلى 5.13 مليار دولار في الربع الأول من 3.83 مليار دولار في الربع المقابل من العام السابق، بمثابة استنزاف للموارد.
كما تلقت الحكومة دعماً من قروض بمليارات الدولارات قدمها صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات أخرى، للدول خلال الجائحة، مما ساعد على تمويل عجز الحساب الجاري الذي تصاعد بعد انهيار السياحة.
كما أنها تبيع سندات خارجية أقل كلفة. فقد باعت في سبتمبر/أيلول سندات لأجل ست سنوات بعائد 5.8 في المئة، وفقا لوثيقة من أحد البنوك المشاركة في الصفقة.
وقال شكيب فاروقي، كبير خبراء إستراتيجيات الاقتصاد الكلي في شركة «إيمسو» لإدارة الأصول التي تركز على الأسواق الناشئة «أصبحت مصر تعتمد اعتماداً مفرطاً على تدفقات المحافظ غير المقيمة (الخارجية)». وأضاف «ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي وتآكل الحماية الخارجية يجعل مصر عرضة لمخاطر الصدمات العالمية».
(الدولار يساوي 15.7 جنيه مصري)
المصدر : رويترز