فادي السمردلي يكتب:اللي يجرّب المجرَّب عقله مخرب… ومن يصرّ على اختياره يكرر الفشل للانهيار

بقلم فادي زواد السمردلي  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

«اللي يجرّب المجرَّب عقله مخرب» ليست عبارة عابرة تُقال في مجالس العتب، بل قانون حياة يتكرر به سقوط المنظومات عند تجاهله فالتجربة حين تكشف الفشل لا تعود احتمالًا، بل تصبح حقيقة مثبتة، وإعادة الرهان عليها ليست حسن نية ولا تفاؤلًا، بل إصرار على الخطأ بعين مفتوحة وأخطر ما في بعض المنظومات أنها لا تكتفي بتجاهل الدرس، بل تمارس ما يمكن تسميته بتدوير الوجوه ذاتها، وكأن المشكلة لم تكن يومًا في الأشخاص بل في “الظروف”، وكأن الفشل حدث طارئ لا سلوك متكرر.

عندما يُعاد الشخص المجرَّب، الذي أثبت عجزه، إلى الواجهة مرة أخرى، فإن الضرر لا يكون شخصيًا، بل يصبح بنيويًا فهذا الشخص لا يعود محايدًا، بل يتحول إلى مركز ثقل سلبي، يجرّ المنظومة إلى الخلف بثبات فهو لا يأتي بأفكار جديدة، ولا يملك أدوات مختلفة، ولا رؤية إصلاحية، بل يحمل العقلية نفسها التي أنتجت الفشل سابقًا فإعادة تقديمه تعني عمليًا إعادة إنتاج الأخطاء نفسها، لكن بثمن أعلى، لأن الوقت ضاع، والثقة تآكلت، والفرص لم تعد تنتظر.

المنظومات التي تقع في هذا الفخ غالبًا لا تفعل ذلك عن جهل، بل عن ضعف، ضعف في الشجاعة، في المحاسبة، وفي الاعتراف بالخطأ فالاعتراف بأن هذا الشخص الفاشل فشل يعني الاعتراف بأن من اختاره أخطأ، وهذا ما تهرب منه منظومات تخشى المساءلة أكثر مما تخشى الانهيار وأحيانًا يكون السبب مصالح ضيقة، أو شبكة علاقات، أو خوف من البديل، وأحيانًا يكون مجرد كسل إداري يفضل المألوف حتى لو كان مدمرًا وفي كل الحالات، تكون النتيجة واحدة الفشل يُعاد تدويره، ويُمنح غطاءً رسميًا.

وجود هذا النموذج في المقدمة يرسل رسالة قاتلة لبقية الأفراد والرسالة واضحة ولا تحتاج تفسيرًا وبإن الكفاءة ليست معيارًا، والاجتهاد لا قيمة له، والنجاح لا يُكافأ. عندها تبدأ الطاقات الحقيقية بالانطفاء والبعض ينسحب، والبعض يصمت، والبعض يكتفي بأداء الحد الأدنى، لأن المنظومة نفسها أعلنت، من خلال اختياراتها، أنها لا تريد الأفضل ومع الوقت، يصبح الأداء العام هشًا، بلا روح، بلا تنافس، وبلا أمل.

الأثر الأخطر لا يظهر فورًا، بل يتسلل ببطىء. تتشوّه الثقافة الداخلية، ويُطبع الفشل، ويصبح التراجع أمرًا اعتياديًا فالقرارات تُتخذ بعقلية دفاعية، الهدف منها البقاء لا التطور. المبادرات تُقتل في مهدها، لأن من يقود لا يرى أبعد من تجربته الفاشلة ومع كل دورة جديدة، يزداد الشرخ بين الواقع والخطاب، بين ما يُقال وما يُنجز، حتى تفقد المنظومة مصداقيتها أمام نفسها قبل غيرها.

في النهاية، حين تُدوِّر المنظومة الوجوه ذاتها، لا يمكنها أن تتوقع نتيجة مختلفة فالمجرَّب الذي ثبت فشله لا يعود كفرصة ثانية، بل يصبح عبئًا ودمارًا مؤكدًا وكل مرة يُعاد فيها إلى الصدارة، تُثبت المقولة صدقها من جديد اللي يجرّب المجرَّب عقله مخرب، ليس لأنه لم يعرف النتيجة، بل لأنه عرفها… وقرر تجاهلها.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا