«أوبك+» ستواجه 5 سنوات من الاضطرابات مع عودة فائض المعروض في سوق النفط العالمية

وهج 24 :  نحو خمس سنوات ظهر للعالم تجمع “أوبك+” للدول المنتجة للنفط بهدف التنسيق بين الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط وعدد من الدول المنتجة والمُصدرة من خارجها في مقدمتها روسيا لمواجهة انهيار أسعار النفط، نتيجة ازدهار إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية.
ورغم ارتفاع أسعار النفط حالياً، يرى  المحلل الاقتصادي جوليان لي أن السنوات المقبلة لن تكون سهلة بالنسبة لتجمع “أوبك+” مشيرا إلى أن التجمع كان على وشك الانهيار في الشهور الأولى لعام 2020 بسبب حرب الأسعار بين السعودية وروسيا. ولكن تفشي جائحة فيروس كورونا خلال الربع الأول من العام الماضي وانهيار أسعار النفط إلى مستويات تاريخية دفع التجمع إلى التماسك مجدداً وبصورة قوية.
وكان تراجع أسعار النفط من حوالي 110 دولارات للبرميل في 2014 إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل  في أوائل 2016، مع ارتفاع مخزونات الخام لدى الدول المستهلكة، قد دفع دول “أوبك” إلى اتخاذ قرار في تشرين ثاني/نوفمبر 2016 بخفض إنتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً مع دعوة الدول النفطية من خارج المنظمة إلى خفض إنتاجها لدعم الأسعار، وهو ما استجابت له 11 دولة نفطية من خارج “أوبك” ومنها أكبر ثلاث دول منتجة للنفط في الاتحاد السوفيتي السابق روسيا وكازاخستان وأذربيجان، بقرار خفض إنتاجها بنحو 560 ألف برميل يومياً اعتبارا من بداية عام 2017.
وكان المستهدف في البداية استمرار خفض إنتاج النفط حتى نهاية حزيران/يونيو 2017، لكنه تم تمديده مرتين وليست مرة واحدة. وفي نهاية 2018 اتفقت الدول النفطية الـ24 في التجمع على زيادة خفض الإنتاج وتمديده مجدداً. وبحلول آذار/مارس 2020 استمر برنامج خفض الإنتاج الذي كان مقرراً له ستة أشهر، أكثر من ثلاث سنوات. وبعد ذلك انهار الاتفاق بشكل مفاجئ.
ويقول جوليان لي، كبير المحللين في “مركز دراسات الطاقة العالمية” سابقاً، في تحليل حديث أنه حين كان الطلب على النفط يواجه شبح الانهيار مع بدايات جائحة كورونا، دعت السعودية روسيا إلى تحمل جزء من الخفض المقترح للإنتاج وقدره 1.5 مليون برميل يومياً. ولكن روسيا رفضت الطلب، لينهار تجمع “أوبك+”، واشتعلت حرب أسعار في السوق العالمية، مع اندفاع الدول النفطية الكبرى إلى زيادة إنتاجها وإغراق السوق بالخام، قبيل فرض إجراءات الإغلاق ووقف حركة الطيران في العالم والذي أدى إلى انهيار أسعار النفط .
وهكذا اضطرت دول تجمع “أوبك+” إلى عقد اجتماع عبر الإنترنت في نيسان/أبريل 2020 لمواجهة هذا الانهيار واتفقت على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً. وتطوعت الدول الكبرى بخفض اختياري إضافي لإنتاجها بهدف دعم الأسعار.
بعد ذلك أظهرت دول التجمع قدراً كبيراً من المرونة في محاولة لتعديل مستويات إنتاجها بما يتناسب مع تحسن الطلب، على خلفية انحسار جائحة فيروس كورونا خلال العامين الأخيرين، وإن لم يحدث ذلك بالوتيرة المناسبة دائما. فدول التجمع أجلت خططها لإعادة الإنتاج إلى مستوياته قبل الخفض رغم تحسن الطلب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار خلال الشهور الماضية، في حين قررت السعودية خفضاً إضافياً طوعياً لإنتاجها عندما كان الطلب ضعيفاً. ويرى جوليان لي المتخصص في اقتصادات النفط وأسواقه أن الأكثر إثارة للدهشة هو مدى التزام الدول النفطية بما تتعهد به، حيث كانت مستويات الإلتزام بالحصص المقررة مرتفعة للغاية. ومما ساهم في زيادة فاعلية قرارات “أوبك+” الخفض السعودي المنفرد للإنتاج، وتوقف الإنتاج بسبب أعمال الصيانة في دول مثل كازاخستان، وتراجع القدرة إنتاجية لبعض الدول مثل أنغولا وماليزيا. والأكثر أهمية أن التوقعات بانهيار اتفاق خفض الإنتاج مع تعافي الطلب بدت غير دقيقة.
ورغم ذلك يرى جوليان لي أن تجمع “أوبك+” سيواجه في المستقبل القريب عودة فائض المعروض في سوق النفط العالمية، وتزايد الحاجة إلى خفض الإنتاج مجدداً. وفي الوقت نفسه يواجه التجمع ضغوطاً من الدول المستهلكة للنفط القلقة من ارتفاع معدل التضخم، من أجل استمرار مستويات إنتاج النفط المرتفعة.
لكن مع افتراض استمرار تعافي الطلب، فلن يمر وقت طويل حتى يصبح الهاجس الأساسي هو قدرة دول التجمع على ضخ كميات إضافية، في حين يحاول العالم الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري لأسباب بيئية.
وكانت شركة “لوك أويل”، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا، قد قالت أنها سوف تستهلك كامل طاقتها الاحتياطية بحلول نيسان/أبريل المقبل إذا استمر تجمع “أوبك+” في رفع إنتاجه بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر.
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان قد حذر من أن العالم سيواجه عجزاً في إمدادات النفط يقدر بنحو 30 مليون برميل يومياً بنهاية العقد الحالي، وهو تحذير صحيح بحسب جوليان لي.
لكن، وفي ظل عدم قدرة بعض دول أوبك بلس حاليا على زيادة زيادة إنتاجها إلى المستوى المستهدف، فقد  لا يمر وقت طويل قبل أن يعاني التجمع  لكي يضخ كميات إضافية إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك من أجل المحافظة على استقرار الأسواق.
وخلاصة القول في رأي الخبيرجوليان لي أن “السنوات الخمس المقبلة لن تكون أقل صعوبة من السنوات الخمس الأولى في رحلة تجمع أوبك+”.

المصدر : د ب أ

قد يعجبك ايضا