“شاي.. قهوة.. سجائر.. وتبادلنا الحديث”.. الأمن الوقائي الأردني برفقة “معتقلي الحراك”

الشرق الأوسط نيوز : سجائر، شاي، قهوة، تبادلنا أطراف الحديث”. كانت تلك الإشارة في وصف حالة احتجاز قد صدرت في وقت متأخر مساء الخميس عن عضو البرلمان الأسبق وصفي الرواشدة الذي أوقفته السلطات في مركز أمني لنحو 10 ساعات في إطار إجراء وقائي.

الرواشدة تعامل معه طاقم الاعتقال بأدب ونعومة بالغة، وبعد احتجازه في مكتب وليس خلف القضبان، تم الإفراج عنه. وفي الأثناء تحادث بـ”ودّ” مع رجال جهاز “الأمن الوقائي”.

لاحقا، قدم الناشط النقابي البارز ميسرة ملص شهادة مماثلة: “حضروا لباب منزلي صباحا.. طلبوا مني بلياقة مرافقتهم، ثم احتُجزت في مكتب وليس في النظارة بعد احتجاز هاتفي، وكنا نتحدث مع شباب الأمن الوقائي”.

لم يتقدم أي من الموقوفين بأي إفادة بعنوان “سوء المعاملة” أو الخشونة خلال ساعات الاحتجاز

قبل الإفراج عنه، طُلب من ملص التوقيع على “إفادة لا تتجاوز 4 أسطر” ورفض إلا في حالة تعبئة خانة “التهمة” فوافق ضابط الأمن الوقائي وهو يتحدث بلطف شديد وأضيفت التهمة وهي “المشاركة في تجمهر غير مشروع”.

ما تقدم به الرواشدة وملص، وهما من أهم الموقوفين في إجراءات الخميس التي أثارت ضجة في الأردن، أفاد به آخرون من بين نحو 43 موقوفا خلال ساعات قليلة في إطار التفاعل الاحترازي لمنع “فعالية حراك 24 آذار”. 

لم يتقدم أي من الموقوفين بأي إفادة بعنوان “سوء المعاملة” أو الخشونة خلال ساعات الاحتجاز في عملية أمنية جراحية دقيقة لها هدف سياسي بالتأكيد نفذت بنعومة من لحظة الاعتقال إلى لحظة الإفراج مساء الخميس عن جميع الموقوفين.

تلك صورة جديدة في التعامل الأمني لا تقف عند حدود عودة مفهوم “الاحتجاز الإداري الوقائي الاحترازي”، بل تقدم نمطا مختلفا هذه المرة عن كيفية تعامل جهاز الأمن الوقائي مع واجباته بالحد الأعلى من “الأناقة الإجرائية”، بدون ضجيج، وبجملة تكتيكية ملموسة دفعت حتى أشرس المعارضين الموقوفين للإقرار بمبدأ “حسن الاستقبال والوداع ” في المراكز الأمنية.

بصورة مرجحة بيروقراطيا، يمكن القول إن “صورة لم تظهر سابقا” خلال كل معطيات الاشتباك الأمني مع فعاليات الحراك الشعبي الأردني برزت، رغم أن الاعتقال بحد ذاته مرفوض، وأثار الجدل لأنه ينطوي على “مصادرة الحرية الفردية” وإن كان يحصل وينتهي حسب مصدر أمني تحدث “القدس العربي” بموجب “نصوص قانونية” تتيح للضابطة العدلية التصرف الوقائي.

ذلك كله بالمضمون الأمني له اسم واحد وهو “التوقيف الاحترازي والوقائي” وبدون تشنج

عودة مفهوم وتطبيق “الاحتراز الأمني” بهذا الشكل خطوة مستحدثة ومثيرة، فالموقوفون جميعا لم تستعجل عليهم أطقم الاعتقال المكلفة وغالبيتهم أتيح لهم صنف من التكريم بعد قضاء عدة ساعات في مكاتب وليس في أقفاص سجن داخل مراكز أمنية، ودون تدوين محاضر حقوقية مع توقيع إفادات بسيطة لأغراض قانونية وخدمات الشاي والقهوة، لا بل تحدث الرواشدة عن “تقديم وجبة غداء له” أيضا.

ذلك كله بالمضمون الأمني له اسم واحد وهو “التوقيف الاحترازي والوقائي” وبدون تشنج، فيما بقي السؤال العالق سياسيا: “لماذا نفذت اعتقالات الخميس ما دام الإفراج حصل بعد عدة ساعات؟”.

عمليا مثل السؤال الأخير برسم “المستوى السياسي” وليس الأمني، لكن الهدف شكليا على الأقل هو “منع الصدام المحتمل” في حال الإصرار على تنفيذ “وقفة 24 آذار” وإن كان للمسألة أكثر من وجه وأكثر من سبب.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا