المرأة الحديدية التي حكمت نادي تشلسي سراً في العهد الروسي!

الشرق الأوسط نيوز : بعد سنوات قليلة من شراء الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش لنادي تشلسي اللندني جاء بمجموعة من الرجال والنساء الثقاة لديه، ليتولوا حكم النادي الأزرق نيابة عنه ويشكلوا دائرة الأمان المقربة المحيطة به، حيث لم يكن الرجل يحب الظهور الإعلامي ولا الإدلاء بالتصريحات وكان كل ما يفعله حضور بعض مباريات الفريق ومبادلة المشجعين المتحمسين تحياتهم بابتسامة، وكانت أبرز هؤلاء وأكثرهم غموضاً المرأة التي تحمل الجنسيتين الروسية والكندية والتي لم تكن تعرف الكثير عن كرة القدم عندما جاءت إلى تشلسي قبل أكثر من عقد من الزمن لكنها نالت جائزة أفضل مدير رياضي للأندية الأوروبية عام 2018، فما قصة هذه المرأة الحديدية الحسناء التي حكمت تشلسي عملياً بالنيابة عن ابراموفيتش؟

مارينا غرانوفسكايا

إنها صاحبة شخصية مميزة كما يصفها من يعرفونها ومن تعاملوا معها عن قرب ومن الصعب إيجاد من يحل محلها ويملأ الفراغ الذي تركته برحيلها مع أبراموفيتش لدى بيعه النادي لخليفته الأمريكي لقاء مبلغ فاق أربعة مليارات جنيه إسترليني وهي صفقة لم تغب بصماتها عنها ككل الصفقات التي أبرمتها الإدارة الزرقاء خلال كل تلك السنوات من «العهد الروسي» الذي أنهي قسرياً بقرار من الحكومة البريطانية ضمن العقوبات التي فُرِضت على نظام بوتين ورجاله إثر الغزو الروسي لأوكرانيا. ويقول عنها أوليفييه ليتانغ رئيس نادي ليل الفرنسي: «عندما تتعرف إليها تكتشف شخصية لطيفة، مثقفة، ساخرة أحياناً، لكنها تملك القوة الكافية لسحق من يعاندها وشرب دمه أحياناً قبل أن يشعر». وجاء بها الملياردير الروسي إلى النادي لتكون عينه وأذنه، ولعبت هذا الدور بنجاح، ولم تكن تسمح بأي غمزٍ أو لمز من قناة سيدها، إذ يقال مرة إن أحد وكلاء اللاعبين أخبرها بعد إنجاز التعاقد المتفق عليه أن عمولته ما زالت تنقص 250 ألف جنيه استرليني، فطلبت منه أن ينتظر بضعة أيام لتحول المبلغ إلى حسابه، فقال لها مازحاً عبر الهاتف: «إنه ليس مبلغاً كبيراً بل هو مجرد ثمن بضعة براميل نفط ليخت السيد أبراموفيتش»، وكانت مزحة باهظة الثمن إذ لم يرَ المبلغ بعد ذلك وتوقف النادي اللندني التعامل معه نهائياً.

إنها الأفضل

ورغم أن مارينا كانت حريصة دائماً على البعد عن الإعلام بما في ذلك تلفزيون تشلسي وموقعه الإلكتروني إلا أن صورها كانت متوفرة للجميع بسبب حضورها العديد من مباريات تشلسي في الملعب، ويبدو أن عملها الناجح وصفقاتها الفعالة حققا لها شعبية كبيرة في أوساط مشجعي النادي حيث استخدم كثيرٌ منهم صورتها لتكون صورة حسابه في «تويتر» بدلاً من صورته الشخصية! ويقول عنها دك لو المدير السابق للتفاوض في آرسنال: «إنها من بين أفضل المدراء في عالم كرة القدم إن لم تكن الأفضل على الإطلاق، وهي أمينة وموثوقة في التعامل وتلتزم بكلمتها ووعودها أكثر من كثيرٍ من الرجال». ويعطي مثالاً على ذلك صفقة انتقال الحارس التشيكي بيتر تشيك من تشلسي إلى آرسنال، فبعدما حددت ثمناً لانتقال الحارس الذي خدم النادي الأزرق أحد عشر موسماً بعشرة ملايين جنيه استرليني ظهر غريمه الأحمر في الأفق وكان بإمكانها تعطيل الصفقة لمنعه من الانتقال إلى منافسٍ مباشر ونادٍ لندني آخر، أو على الأقل جعلها أكثر صعوبة بزيادة المبلغ، لكنها لم تفعل وسمحت بمرور الصفقة التي أدهشت بسلاستها الكثيرين في عالم الكرة الإنكليزية. وعندما اعتزل تشيك استعاده تشلسي كأحد مدرائه التقنيين، ومثل هذه القرارات كانت تخضع دائماً لتوقيع مارينا غرانوڤسكايا!

الكثير من النجاح والقليل من الفشل

وخلال سنوات عملها أنجزت عشرات الصفقات الناجحة مع مدربين ولاعبين مهمين وفي مواجهة أندية صعبة المراس، بينما عرفت القليل من الفشل، ومن أشهر صفقاتها إصرارها على منح ديدييه دروغبا عقداً جديداً لثلاث سنوات في فترة كان يعاني فيها من عقوبة الإيقاف من الاتحاد الأوروبي ومن مشاكل مع المدرب البرازيلي لويس فيليبي سكولاري، ورد دروغبا الجميل عندما أسهم بأهدافه في الفوز بلقب الدوري وبكأسين للاتحاد الإنكليزي وبكأس دوري الأبطال لأول مرة. وكذلك صفقة انضمام إيدين هازارد إلى ريال مدريد مقابل 89 مليون جنيه مع بقاء 12 شهراً فقط من عقده مع تشلسي، وكذلك انتقال البرازيلي أوسكار إلى شانغهاي الصيني لقاء 60 مليون جنيه، وكذلك بيع المدافع البرازيلي دافيد لويس إلى باريس سان جيرمان لقاء 50 مليون جنيه واستعادته بعد موسمين مقابل 34 مليوناً فقط! والكثير غيرها.
ولكن بالمقابل عرفت في الآونة الأخيرة بعض الفشل الذي جعلها بعيدة عن استحقاق أية جائزة، فقد كلف انتقال البلجيكي روميلو لوكاكو من الإنتر خزنة تشلسي 97.5 مليون جنيه، بينما عاد بعد موسم واحد إلى ناديه الإيطالي بعقد إعارة لا تتعدى قيمته 7 ملايين جنيه، كما اضطر النادي في نهاية الموسم الأخير للتخلي عن قلبي دفاعه كريستنسن وروديغر بالمجان لانتهاء عقديهما وعدم التجديد لهما في الوقت المناسب، كما فقد النادي أكثر من مدرب مهم خصوصاً الإيطالي أنطونيو كونتي لأسباب إدارية، لكن ذلك كان بسبب مزاجية أبراموفيتش أكثر مما كان بسبب إدارة مارينا، فالرئيس ومالك النادي لم يتخل تماماً عن حقه في التدخل في اتخاذ القرارات الكبيرة متى شاء ساحباً صلاحية ذلك من مجلس المدراء.
انتهت مهمة المرأة الحديدية في لندن ولعل أدق وصف أطلقه عليها رئيس نادي ليل الفرنسي عندما قال: «عندما وصلت إلى تشلسي لم تكن تعرف شيئاً عن كرة القدم بما في ذلك عدد لاعبي الفريق، وعندما رحلت حملت معها خزنة مليئة بأسرار اللعبة لا يملك مفاتيحها إلا هي».

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا