مسيّرات حزب الله باتجاه حقل كاريش.. هل تعزز أوراق مفاوضات الترسيم أم تهدد بتصعيد؟
الشرق الأوسط نيوز : قفز ملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة بعد إعلان حزب الله إطلاق 3 مسيّرات باتجاه حقل غاز “كاريش” في المنطقة المتنازع عليها في مهمة استطلاعية وفق بيان للحزب.
وجاء في البيان: “بعد ظهرِ السبت في 2/7/2022 قامت مجموعة الشهيدين جميل سكاف ومهدي ياغي بإطلاق ثلاثِ مسيّرات غير مسلحة ومن أحجام مختلفة باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش للقيام بمهام استطلاعية، وقد أنجزت المهمة المطلوبة وكذلك وصلت الرسالة، وما النصر إلا من عند الله العزيز الجبار”.
وجاء بيان حزب الله بعد إعلان المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، أن “طائرات حربية وسفينة صواريخ إسرائيلية قامت باعتراض ثلاث طائرات مسيّرة اقتربت من جهة لبنان نحو المجال الجوي فوق المياه الاقتصادية لدولة إسرائيل”. وفي تغريدة لأدرعي قال: “تم رصد المسيّرات من قبل أنظمة الرصد، حيث تمّت مراقبتها من قبل وحدة المراقبة الجوية لتتم عملية الاعتراض في النقطة الميدانية الملائمة. من التحقيق الأولي يتضح أن المسيّرات المعادية لم تُشكّل تهديدا حقيقيا في كل مدة تحليقها وحتى اعتراضها فوق البحر الأبيض المتوسط”، مضيفاً: “لقد تصرفت أنظمة الرصد والإنذار وفق المطلوب تطبيقاً لرؤية الدفاع الجوي المتعدد الأبعاد بأفضل الطرق وبتفعيل مهني وناجح للمقاتلين في البحر والجو”. ونشر أدرعي فيديو يظهر اعتراض المسيرات الثلاث وتدميرها.
ولو أن مسيّرات الحزب لم تكن مسلحة، ولم تشكّل تهديداً مباشراً، إلا أنها في هذا التوقيت تهدّد المفاوضات الجارية عبر الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين، بشأن ترسيم الحدود البحرية، التي توقّع وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب التوصل إلى اتفاق بشأنها في أيلول/ سبتمبر، وتنذر بتصعيد أمني يضرب موسم الصيف الواعد كما حصل في تموز 2006. وفيما رأى البعض أن تحليق المسيرات يعزّز أوراق المفاوض اللبناني، رفض آخرون هذه القراءة، ورأوا في الخطوة رسالة إيرانية بعد تنفيذ إسرائيل غارات استهدفت أنظمة ايرانية في سوريا.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري، دعا وزراء الخارجية العرب الذين زاروه في عين التينة في إطار جولتهم على رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون ونجيب ميقاتي “إلى استنكار ما تعرّضت له سوريا من عدوان إسرائيلي جديد من خلال الأجواء اللبنانية”، معلناً أن “لبنان لن ينسى أشقاءه العرب، ولن ينسى الطائف ولا الدوحة ولا الكويت في يوم من الأيام، لكن الآن لبنان يطلب ويتوق إلى أشقائه العرب ويتمنى مجيئهم والدخول إلى صلب ما يشكو منه لبنان”. واعتبر أن “لبنان على الإطلاق ليس بلداً مفلساً إنما هو في حالة توقف عن الدفع، وهو يمتلك كل مقومات النهوض والقيامة من الأزمات إذا ما توافرت النيات الصادقة من أبنائه كما من أشقائه العرب وأصدقائه في العالم”. وختم: “الأمر الآخر الذي يجب أن يدركه العرب جميعاً، أن لا عرب من دون فلسطين، والعروبة تنتهي بانتهاء فلسطين”.
أما الرئيس عون، فخاطب الوفد الوزاري العربي بالقول إن “لبنان لم يعد قادراً على تحمّل أعباء الأعداد الكبرى للاجئين والنازحين على أرضه، ونأمل منكم المساعدة لمواجهة هذه التحديات”، مشيراً إلى أن “لبنان رغم ظروفه الصعبة، مصمّم على إيجاد الحلول للخروج من أزماته وهو يتمسك بثرواته المائية والنفطية والغازية”.
وكان الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، انتهى بمؤتمر صحافي مشترك بين وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط حيث لفت بو حبيب إلى “إيجابية من الأخوة العرب لعودة لبنان إلى عافيته، وتأكيد الاجتماع على تطبيق اتفاق الطائف مروراً باتفاق الدوحة، وصولاً إلى المبادرة الكويتية والاتفاق العربي”.
أما أبو الغيط، فاعتبر أن “الحضور إلى لبنان في هذا التوقيت يمثّل رسالة دعم من الدول العربية لاستقراره ومفاوضاته مع صندوق النقد”. وعما إذا حصل المجتمعون على تعهدات بشأن علاقات لبنان العربية، لفت إلى أن “الجميع يقول إن المصالحة في طريقها، وإن هناك رضى خليجيا على لبنان، بدليل وجود وزيرَين خليجيين في الاجتماع و4 مندوبين، مما يعكس رغبة لرأب الصدع وإقامة علاقة طيبة”. وفي ملف النازحين قال أبو الغيط: “الجميع يؤيد لبنان في مسألة إنهاء ضغط اللاجئين على أرضه، والنية والقرار موجودان لكن إرادة المجتمع الدولي لإنهاء الحرب لا تزال ضاغطة على الوضع السوري واللبناني”.
كل هذه التطورات لم تحجب مستجدات الوضع الحكومي الذي يُستبعد أن يشهد اختراقا في وقت قريب ولاسيما بعد الحديث عن مطالبة التيار الوطني الحر بوزارة الداخلية بديلاً عن وزارة الطاقة. ولفتت في هذا الإطار زيارة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حيث شكره على “الثقة” التي يمنحه إياها دائماً، واعتباره أنه “يشكّل جسر عبور بين كل الطوائف”.
ورفض ميقاتي الذي يستعد للقاء جديد مع رئيس الجمهورية “الحديث عن أشخاص وحقائب محسوبين على فريق محدد”. وعن بقاء وزارة المال بيد الطائفة الشيعية، قال: “اخترت وزيراً جديداً، وبقيت الحقيبة ضمن التوزيع الطائفي القائم. وفي أحد لقاءاتي الإعلامية قلت ما من حقيبة يمكن أن تكون حكراً على طائفة محددة، ولكن في هذا الظرف بالذات حيث إن الحكومة سيكون عمرها محدوداً، لن نفسح المجال لخلاف يتعلق بوزارة المال. المهم أن تقوم الحكومة بواجبها، سواء كانت حكومة تصريف الأعمال أو حكومة جديدة من أجل الوصول بسلام وأمان إلى رئاسة الجمهورية”.
وردّ ميقاتي على “من يزعم إنني لا أريد تشكيل حكومة” بالقول: “إنني شكلت حكومة وأرسلتها إلى فخامة الرئيس ، وإذا كان راغباً في تعديل شخص أو شخصين فلا مانع لدي، لكن لا يمكن لفريق القول “أريد هذا وذاك” وفرض شروطه، وهو أعلن أنه لم يسمّ رئيس الحكومة ولا يريد المشاركة في الحكومة، ولا يريد منحها الثقة”. وأضاف: “لا يمكن لرئيس الجمهورية أكل الكنافة وترك قالبها، عليه أن يختار ماذا يريد، وعليه يتم التغيير في التشكيلة، إذ لا يمكن لطرف أن يقدم طلباته ويفرض شروطه”.
من جهته، طالب البطريرك الراعي في عطة الأحد “بتأليف حكومة جديدة لحاجة البلاد اليها، تكون جامعة توحي بالثقة من خلال خطها الوطني وجديتها في إكمال الملفات العالقة”، وجدّد المطالبة “بإلحاح بانتخاب رئيس جديد قبل انتهاء مدة الرئيس بشهر على الأقل أو شهرين على الأكثر ينتشل لبنان من القعر”.
المصدر : القدس العربي
