«مساج وغيره»… حين تتحول الإعلانات الفاضحة إلى بوابة لانتهاك القانون والأخلاق في الأردن
محي الدين غنيم …..
شهدت الساحة الأردنية في الآونة الأخيرة تصاعدا مقلقًا في الإعلانات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي لمراكز تُسمّى «مراكز مساج»، تروّج بخطاب مبتذل وصور فاضحة وأسعار زهيدة، في مشهد يثير الاستغراب والقلق معًا. الأخطر من ذلك، ظهور عبارات مبهمة من قبيل: «مساج وغيره»، وهي عبارة لا تحتمل التأويل البريء، وتفتح الباب واسعًا أمام الشكوك حول ما يُراد تسويقه فعليًا.
هذا النمط من الإعلانات لا يمكن اعتباره ترويجًا لخدمة علاجية أو استرخائية معروفة ومقننة، بل يبدو في كثير من الحالات وكأنه محاولة مكشوفة للالتفاف على القانون، وتطبيع ممارسات مرفوضة اجتماعيًا وأخلاقيًا، تحت غطاء “خدمة مساج”. وهنا يبرز السؤال المشروع: هل نحن أمام ترويج غير مباشر للدعارة بصورة ملتوية؟ أم أمام فوضى إعلانية بلا رقابة ولا محاسبة؟
من المعروف أن خدمات المساج المهنية والشرعية لها معايير واضحة، وتُقدَّم عادة في بيئات خاضعة للرقابة الصارمة، كالفنادق المصنفة من فئة الخمس نجوم أو المراكز العلاجية المرخصة، وبإشراف مختصين وشروط صحية وأخلاقية محددة. أما ما نشهده اليوم، فهو خروج خطير عن هذا الإطار، وتشويه متعمد لمفهوم الخدمة، وضرب لقيم المجتمع الأردني في الصميم.
المسؤولية هنا لا تقع على عاتق الأفراد فحسب، بل على الحكومة والجهات الرقابية المعنية، التي يُفترض بها التحرك العاجل لمراقبة هذه المراكز، والتأكد من تراخيصها، ومحاسبة كل من يروّج لمحتوى فاضح أو مضلل، سواء كان مركزًا أو منصة إعلانية. كما أن منصات التواصل الاجتماعي مطالبة بدورها بوقف هذا السيل من الإعلانات المخالفة، وعدم التحول إلى مساحة مفتوحة لانتهاك القوانين والأخلاق.
إن السكوت عن هذه الظاهرة يعني القبول بها، ويعني فتح الباب لمزيد من الانحراف والتطبيع مع ما لا يليق بمجتمع محافظ يحترم قيمه وثوابته. المطلوب اليوم موقف حازم، ورقابة حقيقية، وتشريعات تطبّق بلا تهاون، حمايةً للمجتمع، وصونًا لسمعة الأردن، ورفضًا قاطعًا لتحويل الفضاء الرقمي إلى سوق مفتوح للفوضى والانحلال تحت مسميات زائفة.
الكاتب من الأردن