في ليلة القدر .. خيرات وعجائب عظيمة

وليد سليمان – ليلتان عظيمتان في التاريخ الاسلامي : ليلة الاسراء والمعراج ، وليلة القدر المباركة في أواخر شهر رمضان الكريم .
وبهذه المناسبة العطرة فإن مئات من المساجد في عمان ، ومعظم مناطق المدن والقرى الأخرى في وطننا الغالي الاردن ، تقوم على إحياء والإحتفاء بليلة القدرالمليئة بالخيرات ، من خلال الصلوات والأدعية والتوسلات والأناشيد الدينية والدروس وتلاوات القرآن الكريم طوال الليلة الفضيلة ليلة القدر ، حيث يُشارك في المساجد الواسعة آلاف من المصلين الذكور والمصليات من النساء – وكلٌ له قسم ومدخل خاص في المساجد .
وفي عمان بالذات جرت العادة منذ نحو مائة عام على الاحتفال بهذه الليلة الكريمة والمناسبة الرمضانية في رحاب « المسجد الحسيني « الذي يقع في قلب العاصمة الاردنية .
ففي خمسينات القرن الماضي وما قبل وبعد ذلك كان الناس من أهل عمان يقومون بتوديع شهر رمضان في الليلة السابعة والعشرين .. و ذلك بالاحتفال الديني المهيب في الجامع الحسيني الذي كان المُشاهد يظن ان كل سكان عمان تركوا منازلهم وجاءوا الى المسجد الحسيني ،حيث سماع القرآن الكريم ، ثم الرجاء من الله العلي القدير بشفاء أو حل أزمة أوتفريج كرب ما .. ومن المريح للروح والقلب سماع تلك المدائح النبوية والمواعظ الربانية من أفواه مشاهير شيوخ عمان مثل الشنقيطي والعربي والراميني وغيرهم .
وفيها « ليلة القدر» يقدّر الله تعالى الأرزاق والآجال، وحوادث العالم كلها، فتكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والعزيز والذليل، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة، ثم يدفع ذلك إلى الملائكة لتتمثله، كما قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان-4) .

وكالة ناسا وليلة القدر !
ثبت علمياً أن الأرض ينزل عليها في اليوم الواحد من 10 آلاف الى 20 ألف شهاب من وقت العشاء الى الفجر !! غير أن ليلة القدر لا ينزل خلالها أي شعاع !! .
وكالة ناسا الأمريكيه لديها عِلم بهذه الحقيقة منذ حولي 20 عاماً .. وقد أخفى علماء ناسا تلك المعلومة لأسباب خاصة بهم !! .
حيث أن الأرض في ليله من الليالي العشر الأواخر من رمضان لا تضرب بأي نجم ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) صدق الله العظيم !! .
فالعالِم (كارنر) وهو من أعظم علماء الفضاء ، لم يتمالك نفسه عندما قاده علمه في علوم الفضاء ، ليتوصل الى نتيجة هي ( أن الإسلام هو دين الحق ) .
وذلك عندما أثبت أن الأشعة الكونية بالغلاف الجوي بالأرض أخطر بكثير من الاشعة النووية ، وأنه لا يمكن اختراق هذه الأشعة من قبل المركبات الفضائية إذ تتعرض للحرق ، إلا عن طريق نافذة واحدة في هذا الغلاف ، الذي تم اكتشافه تحت مسمى شباك ( وان ألان ) ليكتشف كارنر بعد ذلك أنه لم يأت بجديد ، (( الباب )) ذاته مسجل في كتاب المسلمين ( القرآن الكريم ) في قوله تعالى : ( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُون َ) .
ويعلن (كارنر) إسلامه على الفور مضحياً بوظيفته في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ، وظل كارنر فيما بعد يواصل رحلته الاستكشافية مع الإسلام نور الهدى والهداية .
وإن إثبات ليلة القدر ومعجزتها يمكن نشره على العالم ، حيث ورد حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر ( ليلة القدر ليلة بلجاء ، لا حر ولا برد ، لا تضرب فيها الأرض بنجم ، صبيحتها تخرج الشمس بلا شعاع ، وكأنها طست كأنها ضوء ) .

حكاية شاب في ليلة القدر
شاب حدثت معه هذه القصة في ليلة القدر ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان قبل سبع سنوات .. فقد ذهب مع الناس الى المسجد ليقيموا هذه الليلة المباركة – ليلة القدر – وكالعادة فالمسلمون يصلون ويقرأون القرآن ويستمعون إلى بعض الدروس القيمة التي يلقيها بعض الشيوخ الأفاضل .
ومن أحد هذه الدروس التي ألقاها الشيوخ كان هناك درس حول الصحابي أبو إدريس الجولاني الذي كان مستجاب الدعوة .. وكان إذا أقسم على الله تعالى يستجيب لدعواتة في كل مرة!!!! .
وكان من بين الحضورهذا الشاب صغير السن الذي يبلغ من العمر أقل من عشرين عاماً ،وكان أصماً ( أي لا يسمع ) إلا قليلا !!
فالأذن اليمنى كان يسمع بها فقط 5% عن طريق سماعة ، أما الأذن اليسرى فكان لا يسمع بها إطلاقا !! و لا يسمع إلا الأصوات العالية جدا .
وقد أبلغه الأطباء أنه لا أمل له بالشفاء لأن قصتة ميؤوس منها !!!
وعندما سمع هذا الشاب الدرس تأثر كثيراً وأخذ يبكي بكاءً شديداً وقال في نفسه ( يا رب ) لماذا لا أكون مثل أبي إدريس الجولاني مستجاب الدعوة .. حتى أدعوك فتشفي لي أذني حتى أسمع كما يسمع الناس !! .
وقام ذلك الشاب ليلة القدر وصلى الفجر وذهب إلى بيتة لكي يأخذ قسطا من الراحة .
وبينما هو نائم رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له الرسول : السلام عليكم يا محمد ، فقال الشاب : وعليكم السلام فقال الرسول : يا محمد لقد جئتك ببشارتين ، أما الأولي فقد بلغت ليلة القدر، ثم إقترب الرسول من ذلك الشاب ووضع يديه الطاهرتين على أذن ذلك الشاب وأخذ يقرأ الرقية الشرعية وقرأ سورة الفاتحة والمعوذتين وأخذ يدعو بهذا الدعاء ( اللهم رب الناس أذهب البأس عني .. أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك .. شفاء لا يغادر سقما )) .
وعنما استيقظ الشاب من النوم استيقظ على أصوات السيارات التي للمرة الأولى يسمع أصواتها وذهب يركض نحو أصحابه في المسجد وأخبرهم بأنه أصبح يسمع تماما .
وقام أصحابه بالإتصال بالطبيب الذي كان يعالجه وسألوه عن حالة محمد فقال هذه حالة ميؤس منها .
فقالوا له خذ وكلم محمداً !! فلما كلمه محمد وحكى له القصة أخذ الطبيب بذكر لا إله إلا الله وأخذ بالتكبير، وقال هذه معجزة من الله سبحانه وتعالى .. فلله الحمد والشكر وهو على كل شيء قدير .

الرسول وليلة القدر
قال عليه الصلاة والسلام : ليلة القدر ليلة طلقة لا حارة ولا باردة ، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة . رواه ابن خزيمة.
وقال عليه الصلاة والسلام : إني كنت أُريت ليلة القدر ثم نسيتها ، وهي في العشر الأواخر ، وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة ، كأن فيها قمرا يفضح كواكبها ، لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها . رواه ابن حبان .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى.
وقال صلى الله عليه وسلم : وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها . رواه مسلم . يعني تطلع في اليوم الذي يليها وتلك العلامة بشارة لمن قام تلك الليلة لأنها تكون بعد انقضاء ليلة القدر لا قبلها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف .
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه .
وقوله « فيها يفرق كل أمر حكيم « أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة .
والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر – والله أعلم – أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ .
قال ابن عباس « أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات « أي انه كتب في ليلة القدر انه من الأموات . وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة .
ومعنى ( القدر ) التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر ، لهذه الخصائص التي اختصت بها ، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر . وقيل : القدر التضييق ، ومعنى التضييق فيها : إخفاؤها عن العلم بتعيينها ، وقال الخليل بن أحمد : إنما سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة ، من ( القدر ) وهو التضييق ، قال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) سورة الفجر /16 ، أي ضيق عليه رزقه .
وقيل : القدر بمعنى القدَر – بفتح الدال – وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم) .
ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة والتوبة .

الدعاء و الاستغفار
1 – فالدعاءُ طاعةٌ لله، وامتثال لأمره، قال الله عز وجل: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60) .
2 – والدعاء عبادة، قال النبي»: (الدعاء هو العبادة) .
وقال صلى الله عليه وسلم :إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين .
3- وقال صلى الله عليه وسلم :لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر.
4- والدعاء سلامة من الكبر: والدليل من القرآن الكريم : قول الله تعالى ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) .
وفي الحديث القدسي يقول سبحانه: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم) .
قال رسول الله : ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) .
ولا يلزم أن نعلم من أدرك وقام ليلة القدر أنه أصابها ، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص ، سواء علم بها أم لم يعلم ، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم . نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته .

وقت ليلة القدر
وردت أحاديث كثيرة في ذلك ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر) .
وفي الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين.
وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه : ( أنها ليلة سبع وعشرين ) .. واستنبط ذلك استنباطاً عجيباً من عدة أمور ، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة وجمع ابن عباس معهم وكان صغيراً فقالوا : إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا !؟ .
فقال عمر : إنه فتى له قلب عقول ، ولسان سؤول ، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر ، فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان ، فسأل ابن عباس عنها ، فقال : إني لأظن أين هي ، إنها ليلة سبع وعشرين ، فقال عمر : وما أدراك ؟ فقال : إن الله تعالى خلق السموات سبعاً ، وخلق الأرضين سبعاً ، وجعل الأيام سبعاً ، وخلق الإنسان من سبع ، وجعل الطواف سبعاً ، والسعي سبعاً ، ورمي الجمار سبعاً . فيرى ابن عباس أنها ليلة سبع وعشرين من خلال هذه الاستنباطات ، وكأن هذا ثابت عن ابن عباس .
ومن الأمور التي استنبط منها أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين : أن كلمة فيها من قوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها )( هي الكلمة السابعة والعشرون من سورة القدر) .
وهذا ليس عليه دليل شرعي ، فلا حاجة لمثل هذه الحسابات ، فبين أيدينا من الأدلة الشرعية ما يغنينا .
لكن كونها ليلة سبع وعشرين أمر غالب والله أعلم وليس دائماً ، فقد تكون أحياناً ليلة إحدى وعشرين ، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدّم ، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه كما تقدّم ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري .
ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام .

خير من ألف شهر ؟
ليلة القدر هي في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان ، ومعنى كونها خير من ألف شهر ، بيان فضلها وأن العبادة فيها مضاعفة كعبادة العابد في ألف شهر ، فمن قامها فكأنها قام ألف شهر ، ومن ذكر الله فيها أو قرأ القرآن أو دعا فكذلك ، وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأمة ، لما كان أعمارهم أقل ، وأجسادهم أضعف ، عوضهم الله تعالى بمضاعفة الأجر في هذه الليلة العظيمة .

قد يعجبك ايضا