الإتفاق السعودي الإيراني على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بوساطة صينية خطوة في الإتجاه الصحيح

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات….. 

 

الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية تتفقان على إستئناف العلاقات الدبلوماسية والتي كانت مقطوعة منذ عام 2016 ، إثر مفاوضات إستضافتها الصين ، في خطوة قد تنطوي عليها تغيرات إقليمية دبلوماسية كبرى في المنطقة ، وجاء في البيان المشترك الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية السعودية ( واس ) إنه وبعد محادثات في الصين ” تعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى إتفاق يتضمن الموافقة على إستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثليتاهما خلال مدة أقصاها شهران “، وأضاف البيان أن الإتفاق جاء إستجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ وبدعم من الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وأن الإتفاق يتضمن تأكيد البلدين ” على إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية “، على أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين إجتماعاً قريباً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما ، وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي ، كما أن المباحثات التي سبقت الإعلان جرت في الفترة من السادس ولغاية العاشر من الشهر الجاري في العاصمة الصينية بكين ، بين وفدي السعودية وإيران برئاسة مستشار الأمن الوطني في المملكة العربية السعودية مساعد بن محمد العيبان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني وزير الدفاع الإيراني السابق ، وعبر الجانبان الإيراني والسعودي عن تقديرهما وشكرهما للعراق وسلطنة عمان لإستضافتهما جولات الحوار ألتي جرت بين الجانبين خلال الأعوام الثلاثة الماضية ، وكانت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء هي أول من أعلن عن حصول الإتفاق وأكدت أن إجتماعا سيعقد قريباً بين وزيري خارجية إيران حسین أمیر عبد اللهیان ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان ، في وقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد رحبت بأي جهود لخفض التوتر في المنطقة ، وكانت قد قطعت السعودية العلاقات مع إيران في 2016 بعد إقتحام سفارتها في طهران في أثناء خلاف بين البلدين بشأن إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي ( نمر النمر ) ، وها هما اليوم يتفقان على إستئناف العلاقات الثنائية وإعادة العمل لفتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران ، وعقب الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للصين مؤخراً ، بدأ أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني المحسوب على التيار الإصلاحي والذي أستلم منصب وزير الدفاع في حكومة محمد خاتمي يتابع إتفاقيات الزيارة وإجرائه محادثات مكثفة مع وزير الدولة السعودي والمستشار في مجلس الوزراء ومستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان لحل المسائل العالقة بين البلدين ، وصدر بيانناً ثلاثياً في العاصمة الصينية بكين في ختام المحادثات ، حيث وقعه كل من شمخاني والعيبان وفانج يي ، عضو المكتب السياسي باللجنة المركزية للحزب الشيوعي ورئيس مكتب اللجنة المركزية في الشؤون الخارجية بالحزب وعضو المجلس الحكومي في الصين الشعبية ، وجاء في البيان أنه إستجابة لمبادرة الرئيس الصيني في دعم العلاقات بين إيران والسعودية ، أستضافت بكين محادثات بين الوفد الإيراني برئاسة شمخاني والوفد السعودي برئاسة العيبان ، وأشار البيان إلى أن المحادثات أستندت إلى مبدأ حسن الجوار ، وبحسب إتفاق الرئيس الصيني مع زعيمي البلدين ، ورغبة البلدين لحل الخلافات بينهما عبر الحوار الجاد والنهج الدبلوماسي وبناء على الأواصر الأخوية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية ، وتأكيد الجانبين على مبادئ وميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والمبادئ والإتفاقيات والقوانين الدولية ، وقد أعربت كلا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية عن شكرهما للعراق وسلطنة عمان لإستضافتهما المحادثات ألتي كانت قد جرت بين الجانبين في العامين 2021 و 2022 وبداية عام 2023 ، وعن الشكر للقيادة الصينية لإستضافة ودعم هذا الحوار الأخير ، واتفقت كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية على إستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال فترة شهرين ، وسيتم فتح سفارتي البلدين خلال هذه الفترة ، ومن المقرر أن يلتقي وزيرا خارجية البلدين لتنفيذ هذا القرار والتمهيد لتبادل السفراء ، وتعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج ، إلا أنهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية وأبرزها النزاع في اليمن ، حيث تقود المملكة العربية السعودية تحالفًا عسكريًا داعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا ، وتتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعم الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها العاصمة صنعاء ، كما تبدي المملكة العربية السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بـ التدخّل في دول عربية كسوريا والعراق ولبنان ، وأيضاً تتوجّس من برنامجها النووي وصناعتها العسكرية وقدراتها الصاروخية ، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية على علم بالتقارير ألتي تفيد بأستئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية ، لذا فهي ترحب بأي جهود للمساعدة في إنهاء الحرب في اليمن وتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط ، يعد خفض التصعيد والدبلوماسية جنباً إلى جنب مع الردع من الركائز الأساسية للسياسة التي حددها الرئيس الأميريكي بايدن خلال زيارته للمنطقة العام الماضي ، ومن أهم نقاط الإتفاق الموافقة على إستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران ويتضمن تأكيدهما على إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، وأن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين إجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما ، وعلى تفعيل إتفاقية التعاون الأمني بينهما ، الموقعة في 2001 والإتفاقية العامة للتعاون في مجال الإقتصاد والتجارة والإستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب ، الموقعة في عام 1998، وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي ، وأنّ عودة العلاقات الطبيعية بين إيران والسعودية برأي المتواضع ستوفّر زخماً كبيراً للبلدين والمنطقة والعالم الإسلامي ، لأن سياسة الجوار ، باءعتبارها المحور الرئيسي للسياسة الخارجية تتحرك بقوة في الإتجاه الصحيح ، ويعمل الجهاز الدبلوماسي بنشاط وراء إعداد المزيد من الخطوات الإقليمية ، لذا يأتي إستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية انطلاقاً من رؤية المملكة العربية السعودية ورؤية سمو الأمير محمد بن سلمان القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار ، وحرصه على تكريس ذلك في المنطقة ، حيث يجمع دول المنطقة مصير واحد ، وقواسم مشتركة ، تجعل من الضرورة أن نتشارك سوياً لبناء أنموذجٍ للإزدهار والإستقرار لتنعم به شعوب المنطقة ، وتعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج ، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الاقليمية وأبرزها النزاع في اليمن ، حيث تقود الرياض تحالفًا عسكريًا داعمًا للحكومة المعترف بها دوليًا ، وكان البلدين قد إتفقا في المحادثات التي أجريت بين 6 و 10 من شهر مارس على إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، واتفقا كذلك أن يعقد وزيرا خارجيتهما إجتماعاً لتفعيل الإتفاق وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات ، وكانت دول خليجية أخرى خفّضت علاقاتها مع إيران بعد حادثة العام 2016 ، لكن في شهر سبتمبر الماضي ، رحّبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعودة السفير الإماراتي سيف محمد الزعابي بعد غياب دام ست سنوات ، فيما أعلنت إيران إن الكويت أرسلت أول سفير لها إلى إيران منذ سبعة أعوام ، ويأتي الإتفاق على إعادة العلاقات بين طهران والرياض في خضم محاولات دبلوماسية لترسيخ الإستقرار في المنطقة ، وهناك ترحيب بإنفتاح دول عربية على سوريا بعد الزلزال الدامي الذي ضربها بشكل متزامن مع تركيا وخاصة زيارة وزيرا الخارجية الأردني والمصري ، وكانت قد شهدت مؤخراً العلاقات بين الرياض وأنقرة تقارباً بعد الخلاف الذي تسبب به مقتل الصحافي السعودي والناقد الحكومي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول عام 2018 على أيدي عناصر سعوديين ، وسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشدة لإحياء العلاقات الثنائية على غرار قيامه بإصلاح العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة ، وهي خطوة وصفها محللون بأنها مدفوعة إلى حد كبير بإعتبارات إقتصادية ، ويعد هذا الإتفاق نوعاً من تمهيد الطريق للقوتين العظميين في المنطقة لبدء حل خلافاتهما ٠

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا