يا مكدّشين الأصَايل …… خُذوا عَراسها!!

الشيخ سالم الفلاحات ….

 

آباؤنا وأجدادنا في البوادي وبعض الأرياف وجع شدة فقرهم وحاجتهم الماسّة فلم يسمحوا لأنفسهم حتى بحمل أمتعتهم على الخيل الأصايل, اكراما لها وهم يتنقلون من مكان لآخ, او يتركوها تجوع كما يجوع اطفالهم حتى قالوا عنها: –
مُفدّاةٌ مكرّمة علينا يُجاعُ لها العيالُ ولا تُجاعُ
حتى اذا تغيّر الحال واختلط الحابل بالنابل والغثّ بالسّمين, وصار الجاهل المتخلّف حكيما وحكما وزعيما, والشريف مبعدا ومتهما ومحاصرا, لا يجد قوت يومه إلا بالكاد, واختلت القيم وديست تحت الاقدام وبدأ التكديش المادي والمعنوي, والاستحمارعلى حد تعبير (علي شريعتي).
والكديش هو الفرس الذي يعتليه (دَوّاج) وهو رجل يبيع بعض الحاجيات في البوادي والارياف قديما, يردف خلفه قردا ليتسول من خلاله بألعابه البهلوانية وافعى منزوعة الأنياب في جراب قاتم.
نعم معه (حيّة) لاتُخيف الاّ البسطاء وصغار الأطفال, (وقردٌ) يأخذ الألباب بحركاته وتقليده للإنسان, ودوّاج ساحر يمط آخر الكلمات مطًّا, ورَكوبةٌ مكدّشة محملة بما لاتطيق من الاغراض, لكنها لا تشكو, يخاطبها منتهرا آمرا….. هُوووسْ, ويضربها ضربا مبرحا بالسوط, مع قفزات من (القرد) متتالية من الأرض والى ظهر (الكديشة ) ليستقر على ظهر(المظلومة) هو والحيّة والبضاعة والقائد الأوحد الذي سرق من مجموع بيوت الشعر(الفريق), وبخاصة من نسائه الكثير من مدخراتهن وانتاجهن بثمن بخس مما خفّ وزنُه وارتفع ثمنُه بحجة البيع والشراء, بميزان هو يصنعه ولا يعرف احدٌ سرّه, يغمزه بخنصره يَمنةً ويسرة لصالحه تطفيفاً بيعا وشراء .
أليست هي الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية اليوم في بلادنا تماماً بتفصيلاتها.
لست سوداويا, ولا أعرف اليأس بل اجرمه وأحرمُه, لكنّني أبرأ الى الله من المداهنة والمخادعة والمغاششة, و أدعوالله أن يجنبني الفظاظة وسوء الخطاب.
نجح النظام السياسي العربي وكثير من المنتفعين حوله في تحييد الكرام والوجهاء الشرفاء واستبدالهم بالمكدشين!!
• فقد كَدّش ما كان من الشهامة والمواقف الرجولية التي لا تنسى عند الأوفياء.
• وكدّش الوطنية والانتماء ومعظم العلماء وبعض التّدين حتى غدت سرقةً ونهبا وفهلوةً وادعاءً لا رصيد له.
• ومَسخ معاني الصّبر والحكمة والأناة والحرصَ على الوطن, لتصبح إرجاءً واستنواقاواستحمارا ومداراة وتَقيّة وخوفًا.
• وكدّش الأفكار الريادية لإطفاء الحس الوطني الجمعي، وأغلق الأبواب امام الوطنيين الصادقين.
• وكذا الحكوماتِ ومجلس النوابَ والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني, والأحزاب والشخصيات الوطنية (الاّ من رحم ربك وقليل ماهم) حتى اصبحوا شيئا آخر.
• امّا القضاءُ والقضاةُ الحصن الحصين والملجأ الأمين لكل مظلوم مستضعف, والرادع لكل متجبر متغطرس على الوطن والشعب والدولة فشرفاؤهم في همّ وغم والله المستعان.
• اما الدستور الأصيل واأسفاه, فهل هو الآن الدستور, فقد غدا متضاربا ومتناقضا بمواده, تجمّعت فيه قطع غيار بعضها منذ عام 1929 من كل نوع وصنف بين اصيل و مقلّد، واستقوت عليه القوانين وحتى الأنظمة والتعليمات والقرارات ولا أنصاراً ولا حماةَ له.
ترى لو سمّت الدجاجةُ نفسها صقرا، ولو سمى القطّ نفسه أسدا, والرويبضة فارسا ولو سُمّي الظلم عدلا والعبودية حرية والحنظل عسلا والخائن أمينا, والدكتاتورية والفردية ديمقراطية, ولوتجمع البعض على الهاتف أو عبر المناسف ليجعلوا ممن حضر الوليمة حزبا سياسيا يتداول السلطة, هل يُغّير ذلك من الحقيقة شيئا؟
لا والف لا, ستبقى الدجاجة دجاجة كَسْلاء تحفر بين رجليها بحثا عن حبة شعير واحدة تتلهى بها تأتي بـ تيعة تيعة وتذهب بكش كش، ويبقى القط يموء من البرد أو من الجوع ,وسيستمر الرويبضة يلعق الأحذية تذلّلا، وهكذا…
ومع هذا كلــــــــــــه
سيبقى للأصايل أهلها الذين يعرفون قيمتها ويحرصون عليها،
وللأوطان رجالها, وللمروءة, ولمكارم الاخلاق عشّاقـــــــــــــها,
وللحق والحرية والكرامة أنصارها والمضحون في سبيلـــــــــها ,
وانْ قرّر الصادقون وأحْسنوا العمل وصدقوا أراد اللــــه سبحانه
ثمّ تحقّق ما أرادوا ولن نيأس

ســـالم الفلاحـــــات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.