قانون الجرائم الإلكترونية لا ينسجم مع سياسية الهاشميين في الحكم
الإعلامي محيي الدين غنيم ….
من شرّع قانون الجرائم الالكترونية والذي قدمته الحكومة في الدورة الإستثنائية والذي أخذ صفة الإستعجال لإقراره من قبل مجلسي النواب والأعيان، قد أخطأ خطأ جسيما وذلك لأسباب الموجبة التالية :-
أولا : وسنبدأ بالمادة الأخطر والتي أعطت صلاحية مطلقة للنيابة العامة لتحريك الدعاوي نيابة عن أي وزير او أي مسؤول بالدولة الأردنية وكما هو متعارف بالدستور الأردني بأن صاحب الصلاحيات المطلقة هو جلالة الملك، وتنص المادة الخامسة عشر ( الفقرة ( ب) تلاحق الجرائم المنصوص عليها في الفقرة ( أ) من هذه المادة من قبل النيابة العامة دون الحاجة إلى تقديم شكوى أو إدعاء بالحق الشخصي إذا كانت موجهة إلى إحدى السلطات في الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة) وهنا تكمن الخطورة وحتى لا يساء الفهم بانني اشكك بنزاهة القضاء لا قدر الله ولكن يحدث أحيانآ تكيفات عدة وإختلاف الآراء من مدعي عام وأخر ومن قاضي لأخر، ففي بعض القضايا رئيس النيابة العامة يلغي قرار مدعي عام وأحيانا محكمة الإستنفاف يلغي قرار حكم قاضي، لذلك اقول : إن إعطاء النيابة العامة بتحريك القضايا هو قرار خاطئ من المشرع ومن الحكومة التي قدمت مشروع قانون الجرائم الالكترونية ومن مجلس النواب الذي أقر هذا البند ومن مجلس الأعيان الذي صادق على قرار مجلس النواب، وكان الأولى بالمشرع بأن لا يعطي النيابة العامة هذا الحق وكان الأجدر ان يعطي النيابة العامة التدقيق بمضمون الشكوى قبل قبولها وتسجيل دعوى ومن الحق النيابة رفض تسجيل الشكوى إن لم تكن هناك إساءات بحق مقدم الشكوى وإن تولدت قناعة لدى النيابة العامة بتوفر أركان الجرم فعليها تسجيل الشكوى حسب الأطر المعمول بها والكل يعلم علم اليقين بأن معظم الشكاوي المسجلة بوحدة الجرائم الإلكترونية ما هي إلا شكاوي كيدية من قبل المشتكي ومعظمها كان الحكم بالبراءة او عدم مسؤولية، وأنا على الصعيد الشخصي تعرضت لشكوى كيدية من قبل أحد النواب.
ثانياً : سمعنا كثيرا من كتاب التدخل السريع او من مسؤولين من هم على رأس عملهم او مسؤولين سابقين بضرورة إقرار قانون الجرائم الإلكترونية ، وكأننا في الأردن وبعد المئوية الأولى للدولة الأردنية لا نملك قوانين ناظمة تتعلق بما ورد بالقانون المعدل، وهذا القانون ليس هدفه حماية المثلث الذهبي الذي روج له البعض ( الملك – الجيش – الشعب) فلا توجد اي صفحة على وسائل التواصل الإجتماعي من الأردن تسئ لقيادتنا الهاشمية الفذة ولا على الجيش وكافة الأجهزة الأمنية والشعب هنا يكمن ” اللغز” هل المقصود عامة الشعب ام المسؤولين يا سادة يا كرام؟؟!! وبكل أسف من صرح البعض من النواب او الأعيان او من بعض المسؤولين، بأن هناك صفحات مشبوهة داخل الأردن لها إرتباطات خارجية لجهات مشبوهة أو إرهابية، وللأسف كل من صرح بذلك فقد قلل من الجهود المبذولة والمباركة من كافة أجهزتنا الأمنية للإقناع بضرورة إقرار قانون الجرائم الإلكترونية، وأوجه سؤال غير برئ لكل من صرح بمثل تلك التصريحات : لماذا لم تقم بالإبلاغ عن تلك الصفحات؟؟!!
ثالثاً : إن قانون الجرائم الإلكترونية، هو قانون جائر ومرفوض محلياً ودوليا، ولقد لاقى رفضا من منظمات دولية وازنة لحقوق الإنسان وكذلك رفضا من الدول المانحة وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية والتي صرح احد المسؤولين في الخارجية الأمريكية بأن هذا القانون جائر وإن تم إقراره فإنه سيؤثر تأثير سلبي على بالنسبة للإستثمارات الأمريكية بالمجال التكنولوجي على الأردن.
رابعاً : إن إقرار قانون الجرائم الإلكترونية من قبل مجلسي النواب والأعيان يتعارض كليا مع ضمانة جلالة الملك لمنظومة التحديث السياسي في الأردن والذي أكد جلالته بأنه الضامن لمنظومة التحديث السياسي، ولا أدري لماذا لم تفكر الحكومة بتلك الضمانة.
خامسا : والأهم من كل ماسبق نؤكد بأن قانون الجرائم الإلكترونية لا ينسجم مع سياسية الهاشميين في الحكم، فالحكم الهاشمي لم يسجل بتاريخة اي حادثة لظلم كائن من كان كما يحدث لدى بعض الأنظمة العربية، والهواشم لم يسجل بعهدهم أي إعدام سياسي، حتى من قادوا محاولة الإنقلاب على جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، قد عفا عنهم وتقلدوا أعلى المناصب بالدولة الأردنية، وكذلك لم يرتضي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه أن يحبس أي مواطن قد وجه نقد او إساءة نتيجة جهالة بحقائق الأمور وقد عفا جلالته عن كل شخص قد سجلت قضية بحقه النيابة العامة، هؤلاء هم الهواشم الذين لا يرتضون الظلم على أي مواطن أو أي مقيم على الدولة الأردنية، وأنا على الصعيد وكلي ثقة بأن جلالة الملك لن يقبل أن يقع الظلم على أي مواطن أردني لمجرد أنه عبر عن رأيه أو إنتقد أداء أي مسؤول.
حمى الله مملكتنا الحبيبة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه