صحيفة الدستور المصرية تحاور الشاعرة والكاتبة السورية المبدعة ” ميادة سليمان “

شبكة الشرق الأوسط نيوز  – نقلا عن  موقع وصحيفة الدّستور المصرية  :… 

أجرى الحوار الصّحفيّ المصريّ حسين عبد الرّحيم.

_ في ظل عصر الحروب بالإنابة وعبر الهوية والديانات والأعراق_ وحتى الجغرافيا_ كيف ترى المبدعة ميادة _ مستقبل الفنون والآداب وعلوم الفلسفة والأفكار؟

الحروب تجعلنا نُغرق أنفسنا أكثر في الكتابة، أو في الفنون الأخرى، لأنّ الإبداع ينسينا قليلًا هموم الحياة سواء في الحرب أم في السّلم، فنحن نرى مثلًا عندما تحدث الحرب تزداد كتابات المبدعين والرّسّامين ليجسّدوا معاناة البشر، وليصرخوا بطرقهم الفنّيّة المتعدّدة، ونحن نرى الآن ما يحدث في فلسطين الحبيبة، فقد صار لدَينا كمٌّ كبير من القصائد الّتي ندّدت بممارسات العدوّ القذرة، بالإضافة إلى القصص سواء للكبار أم للأطفال.

_ تكتبين للأطفال وللكبار بالإضافة للنقد فأي المسارات تتواءم وطموحاتك الفنية / الجمالية/ الإبداعية ؟

كلّ ما أكتبه أحبّه، ولكلّ جنس أدبيّ وقته، وظروف كتابته، التّنوّع الأدبيّ نعمة كبيرة من الله، فإذا مللتُ من جنسٍ أدبيٍّ أكتبُ في جنسٍ أدبيٍّ آخر، الكتابة في عدّة أجناس بالنّسبة لي كالنّزهات في أماكن مختلفة، فكلّ مكان تذهب إليه، ترى فيه أشياء جميلة، وكذلك كتابة قصّة، أو رواية، أو قصيدة، أو أنشودة للأطفال…

_ الكاتبة السورية ميادة سليمان، بعد أكثر من عشرين إصدار أدبي _ أين أنت من الساحة الإعلامية في سورية أو مصر أو عربياً ؟

الانتشار الأكبر لي خارج سورية، وهذا لأسباب كثيرة، أهمّها عدم الاهتمام الكافي بالمبدعين عندنا، لكن ذلك لم يمنعني يومًا من متابعة مسيرة إبداعي، لي انتشار جميل في تونس من خلال الإذاعة، وبرنامج رومانتيكا، تخبرني الصّديقة الغالية أمل قطاري أنّ رسائل عديدة ترد إلى البرنامج عندما أتأخّر عن تسجيل قصيدة، وتقول أيضًا:
يأتينا كلام جميل جدًّا يمتدح كتاباتك وإلقائك.
الأمر كان مشابهًا في الإذاعة الجزائريّة، لكن بنسبة أقلّ، وما ميّز تلك التّجربة هو دعم الصّحافة الجزائريّة، فالقصيدة كانت تُذاع وتنشر في صحيفة جزائريّة، ويُنشر تكريم للمبدع، ومن المؤسف أنّها لم تستمرّ طويلًا،
أمّا في مصر، فكان لي فيها العديد من النّشر في صحف ومجلّات وحوارات، بالإضافة إلى طباعة كتب مشتركة فيها، أجملها كان صادرًا عن روز اليوسف لفوز قصيدتي (أنا مزارعةٌ جميلةٌ) في الكتاب الذّهبيّ لقصيدة النّثر.
لكن حقيقةً انتشاري الأكبر والأروع، في العراق الحبيب، وهناك إقبال جميل من الصّحافة العراقيّة على نشر إبداعاتي، ولديّ حوارات عديدة لصحف عراقيّة، بالإضافة إلى نفاد نسخ كتبي المطبوعة في العراق، وقد أجهّز لطبعة ثانية من أحدها.

_ ليتك تحدثينا عن معرض وفعاليات الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب؟

ليست لي مشاركة فيها، لم أطبع في مصر بعد، كان كتابي حكايات شاميّة سيصدر في مصر، لكن لم أتّفق مع دار النّشر، شروط العقد مجحفة جدًّا، وأنا لي شروطي، ليس النّاشر وحده من يضع شروطًا، وقد غيّرتْ العديد من بنود العقود الّتي أوقّعها مع دور النّشر، ومن لا يقبل التّغيير، لستُ مضطرّة للتّعامل معه.

_ هل تؤمن المبدعة / الكاتبة ميادة سليمان بالجيتوهات أو الشلل الثقافية التي تتحكم في مكانة الأدب، وكذلك الأدباء ؟

لا أؤمن بهذه الشّلل، وأمقتها، وهي أحد أسباب عزوفي عن المشاركة في الأمسيات الشّعريّة عندنا، جميل أن تكون هناك صداقات أدبيّة، وفنّيّة، لكن من غير أن تصبح شلليّة تتعصّب لشخص، أو فئة.

_ فيما يخص المشهد الثقافي السورى، كيف تراه الكاتبة المتعددة المسارات_ ميادة سليمان؟

أختصرهُ بما يلي:
أفخر بأنّنا نمتلك ثروات إبداعيّة كبيرة، وأحزن لأنّنا لا نقدّر القيمة الحقيقيّة لهذه الثّروات.

_ هل تؤمنين بالمثل الأعلى ، أو تلك الرموز الثقافية؟

المثَل الأعلى الأدبيّ جميل في مرحلة مبكّرة من عمر الكاتب، في المحاولات الأدبيّة الأولى، لكن لا يجوز أن يستمرّ مع الكاتب المتمرّس الّذي وصل إلى مكانة متميّزة، هذا لا يعني الغرور، أو التّعالي على تجارب الآخرين الإبداعيّة، لكن لكلّ شيء وقته، فالمثل الأعلى إذا استمرّ قدوة دائمة للكاتب، سيصبح نسخة منه، أو سيكون جامدًا لا يحسّن من تجربته الأدبيّة، ولا يطوّرها، ولا يأتي بالجديد المتميّز، أنا أفخر أنّ لي بصمة إبداعيّة تجعل من يقرأ لي نصًّا، يعرف أنّه لي، ولو لم يُكتب اسمي أسفله.

_ من كان له السطوة أو الأثر الأكبر في اختيارك لمساري الفنون والكتابة؟

عشقي الكبير للّغة، والأدب، كان لهما دور كبير، بالإضافة إلى تشجيع أبي في طفولتي، لكن كلّ هذهِ الأشياء لا تجدي ما لم ترافقها الموهبة الحقيقيّة الّتي تُصقل بالتّجارب والقراءة والثّقافة الّتي يكتسبها المرء مع مرور الأيّام.

_ عن الجوائز وعلاقتها بالكاتب والكتابة_ كيف ترين مؤثرات الجوائز على الكاتب وكتابته؟

لها تأثير إيجابيّ كبير جدًّا، أنا أشارك الآن، ربّما تأخّرت حتّى اتّخذتُ قرار المشاركة في الجوائز، لكن أؤمنُ أنّه لا شيء يأتي إلّا في وقته، كنت بحاجة إلى نضج أدبيّ معيّن حتّى أشارك، لأنّني اعتدت التّرويّ في كلّ خطوة أخطوها.
الجوائز محفّز جميل للكتابة، والمنافسة، والإبداع الخلّاق، حين يرى الكاتب أنّ عملًا لهُ نالَ جائزة، سيصبح هذا العمل غاليًا على قلبه، لأنّه ارتبط بذكرى تكريمه وفوزه، ويزداد حماسه للإتيان بالأفضل.

_ أين أنت من تلك الجوائز السورية بعد أكثر من عقدين مع الكتابة والسرد والنقد الثقافي؟

لم أكنْ أشارك سابقًا، شاركتُ العام الماضي، ونلتْ جائزتين في مسابقتين كنت أشارك بهما للمرّة الأولى، واحدة في الأدب السّاخر، وواحدة في أدب الطّفل، وكلاهما حصلا على المركز الأوّل، أمّا حتّى تاريخ هذا الحوار، فنلت المركز الثّالث في جائزة أبجد السّوريّة عن قصّتي (أكره اللون الأسود).

_ عن الجدوى، ومفاهيم الخلاص فيما يخص موقف الكاتب/ الفنان_ من العالم، هل ينتهي حلم الكاتب/ تبة_ بالخلاص مع الإنتهاء من كتابة نصه المعنون؟

بالنّسبة لي أقول:
لا، على العكس تستفيق أحلام أخرى من سباتها، وتطالب بوجودها الفعليّ في ذاكرة الكاتب، وتلحّ كي يستحضرها من رفوف النّسيان أو التّأجيل، أنا أنهيت روايتي الثّالثة، وعلى الفور بدأت بمشاريع كتب جديدة لله الحمد.

_ ولمن تقرأ وتتأثر_ الكاتبة / المبدعة ميادة سليمان، مصريا وسوريا وكذلك عربيا_ عالميا؟

كنت أقرأ، وأتأثّر، أمّا الآن، فأنا أقرأ لمن تعجبني كتاباتهم، لأستمتع فقط، لا لأتأثّر، ولا يهمّ من أيّة دولة، المهمّ هو جماليّة وقيمة ما يكتبونهُ.

_ أخيرا حدثينا عن المشهد الروائي والقصصي السوري من خلال رؤيتك النقدية؟

قرأتُ معظم روايات حنّا مينة، وأحببتها، ومن الكتّاب السّوريّين المعاصرين هناك روايات لم أستطع الحصول عليها بعد أنوي قراءتها للكاتبتَين( اعتدال الشّوفي، وملك اليمامة قاري)، سمعت أنّ أسلوبهما جميل، إحداهما أنتظر روايتها في مكتبة للإعارة، والأخرى وعدَت أن ترسل لي روايتها حين تسنح لها الفرصة.
لكن ممّن قرأتُ لهم سابقًا أقول -مع احترامي لنتاجاتهم- تجاربهم الرّوائيّة كانت غير ناضجة بما يكفي، رغم إعجابي بمضامين ما قدّموه فيها، لكن كان ينبغي أن تعطى تلك الرّوايات حقّها قبل إخراجها إلى النّور.
بالنّسبة للقصص أطالعها عبر منشورات الفيس بوك فقط، لا أذكر أنّ هناك قصصًا قصيرة جعلتني أكملها دونما ملل، يحتاج الكثير من الكُتّاب لمهارة “السّرد الممتع”، و”خفّة القلم” الّتي ينبغي أن تكون كخفّة الظّلّ تمامًا، فتجذب القارئ، وترغمه على متابعة القراءة.

_ وكيف تعاملت الكاتبة ميادة سليمان مع عالم النقد الثقافي والأدبي_ وهذا من خلال التعامل مع نصوصك الأدبية متعددة المسارات والرؤى ؟

تُسعدني قراءات الأصدقاء لكتاباتي، وقد زاد الاهتمام بها في العامين الماضيين، مع ازدياد محبّة الأصدقاء لما أكتبه، وانتشار أحرفي أكثر، فقد كُتبت لي قراءات نقديّة للعديد من قصائدي، وقصصي القصيرة جدًّا، وومضاتي، وحِكَمي، بالنّسبة للمؤلّفات أكثر كتاب حظيَ بقراءات نقديّة، كان(حكايات شاميّة).

قد يعجبك ايضا