موجة غضب جديدة على شبكات التواصل في الأردن بسبب مهرجان جرش
شبكة الشرق الأوسط نيوز : اندلعت موجة غضب جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن بسبب إصرار الحكومة على تنظيم مهرجان جرش الذي يتضمن حفلات فنية وغنائية وفعاليات ثقافية وترفيهية مختلفة، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه المجازر على قطاع غزة.
ويشهد الأردن مطالبات منذ أسابيع بإلغاء مهرجان جرش للعام الحالي تضامناً مع قطاع غزة، على اعتبار أن المهرجان يُشكل أحد أشكال الفرح والبهجة التي لا يجوز إظهارها في الوقت الذي يتساقط فيه الشهداء وتقام بيوت العزاء في كل مكان بفلسطين على بُعد كيلومترات قليلة من مكان انعقاد المهرجان.
وأطلق نشطاء أردنيون حملات على شبكات التواصل لمقاطعة المهرجان على الرغم من أن الحكومة أعلنت بأن ريعه سيكون لقطاع غزة، فيما أعلنت لاحقاً أن كافة الحفلات والفعاليات ستكون مجانية وهو ما رآى فيه البعض محاولة للتغلب على دعوات المقاطعة التي قد تؤدي إلى فشل الكثير من الحفلات.
وبدأت فعاليات الدورة الـ38 لمهرجان جرش للثقافة والفنون يوم الأربعاء الماضي الرابع والعشرين من تموز/يوليو الحالي في مدينة جرش شمالي الأردن، بحضور رئيس الوزراء بشر الخصاونة الذي أوقد الشعلة التقليدية للافتتاح، كما أحيا حفل الافتتاح عمر العبد اللات، وديانا كرزون، ونداء شرارة، إضافة إلى أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى.
وتستمر فعاليات المهرجان حتى الثالث من آب/أغسطس المقبل، وتُقام الفعاليات تحت شعار «ويستمر الوعد» بسبب تزامن هذه الفعاليات مع مرور 25 عاماً على تقلد الملك عبد الله الثاني الحكم في البلاد.
وسرعان ما أصبح الهاشتاغ «#مقاطعة_مهرجان_جرش» والهاشتاغ «#مهرجان_جرش_لا_يمثلني» والهاشتاغ «#غزة_تنزف_وجرش_تعزف» من بين الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً على شبكات التواصل مع تفاعل أعداد كبيرة من الأردنيين مع هذا الحدث والتعبير عن احتجاجهم على إقامة المهرجان والدعوة إلى مقاطعته شعبياً وإفشاله. ونشر النائب في البرلمان الأردني ينال فريحات مقطع فيديو يستنكر فيه إقامة المهرجان ويدعو إلى مقاطعته، ساخراً من الادعاء الحكومي بأن «ريع المهرجان سيذهب إلى قطاع غزة».
وقال فريحات في تدوينة لاحقة على «فيسبوك»: «تلقيتُ اتصالاً هاتفياً من ادارة مهرجان جرش لدعوتي لحضور حفل الإفتتاح.. بلغت السيدة المتصلة أني ليس فقط أرفض الدعوة، بل إنني مقاطع للمهرجان وأدعو لمقاطعته، ومطلبي للإدارة هو الغاء المهرجان حتى لا يتراقص المتراقصون على دماء وجراح أهلنا الغزيين حفظهم الله وأعزهم وأيدهم بنصره».
وتداول النشطاء على نطاق واسع مقطعاً يظهر فيه أحد وجهاء العشائر في مدينة معان الأردنية منتقداً إصرار الحكومة على إقامة المهرجان، حيث يقول الشيخ عبد الله صلاح مخاطباً الحكومة: «ألا تنظرون إلى الشعب الأردني والعشائر التي تتضامن مع غزة؟ هل تريدون أن تأتوا لنا بالرقص والطرب بينما العدو يرقص على جثث إخواننا في غزة؟».
النخوة العربية ليست أسطورة
وأعاد الناشط السعودي أحمد بن راشد بن سعيد نشر الفيديو، وكتب معلقاً: «النخوة العربية ليست أسطورة: تستعد حكومة الأردن لإقامة مهرجان جرش الغنائي، وتنتفض عشائر البلاد احتجاجاً على الرقص بينما غزة تجاهد وتنزف وتقدّم التضحيات بالإنابة عن الأمّة كلِّها. الشيخ عبد الله صلاح، من وجهاء العشائر في مدينة معان جنوب البلاد، كان من أوائل الرجال الذين انتفضوا ضدّ المهرجان. لا تهلَكُ أمّةٌ وفيها أولو بقيّةٍ ينهون عن الفساد في الأرض، ويجهَرون بكلمة الحق في وجوه المفسدين».
وكتب أحد المعلقين على شبكة «إكس» يقول: «في سنة 1982 تم إلغاء مهرجان جرش تضامناً مع لبنان الذي كان حينها يواجه عدواناً إسرائيلياً. كان ذلك هو الموقف الطبيعي لكل أردني، لأنَّ من المعيب على أي عربي إظهار الفرح بينما يبكي جيرانه في بيت العزاء.. ما الذي تغير اليوم حتى يُقام المهرجان برغم المجازر في غزة؟».
وعلق محمد الخطيب: «كيف رضيتوا المهرجانات والدم بغزة شلالات؟» فيما كتب عبد الله غازي الربيع أبو عون: «إن لم تستحِ فافعل ما شئت.. مهرجان جرش وكل الحفلات الغنائية.. مصاب أهلنا بغزة جلل».
أما الشاعر صيام المواجدة فنشر تدوينة يقول فيها: «لقد فوجئت بإدراج اسمي ضمن المشاركين في الأمسيات الشعرية المنوي إقامتها على هامش مهرجان جرش لهذا العام. ولا أدري كيف يُدرج اسم شخص في أمر كهذا دون أن يُكلف من اختاره نفسه عناء مجرد استشارته في الأمر.. على كل حال، أحترم رغبة من اختارني، لكن احترامي للدم الغزيِّ أكبر، ولذا فإنني أعتذر عن عدم قبولي لهذه الدعوة الكريمة».
وعلق الناشط الأردني مصعب الحراسيس: «التصريحات الرسمية (أكثر من مرة) ما بين إلغاء مهرجان جرش وإقامته، توضح مدى مستوى التخبط في إدارة الدولة.. والأسوأ أن الصوت المأزوم هو الصوت الأعلى. حكومة فاشلة متعنتة تأزيمية لا تليق بأحلام وتطلعات الأردنيين.. أخيرا هذا المهرجان في حضرة الدماء مُعيب والعار علينا إن لم ننكره».
وعلق الدكتور إبراهيم أبو فتحي: «إذا أقيم مهرجان جرش، بأي مسمى أو تبرير، فسوف يكون عاراً على كل نشمي ونشمية.. يا حيف عالرجال».
وكتبت زينب خليل: «عَلَت أصوات طبول العرب على صرخات الثكالى والأرامل والأيتام.. لكِ الله يا غزّة».
كيف أغني والشعب الفلسطيني
يموت كل يوم؟
أما الناشط الفلسطيني مشير الفرا فعلق على رفض الفنانة التونسية صوفيا صادق المشاركة في مهرجان جرش، وقال: «عرفتُ الفنانة الرائعة صوفيا صادق لأول مرة عندما أبدعت بغناء رائعة نجم وإمام (شيد قصورك عالمزارع).. احترمتها حينها وأحترمها اليوم أكثر كونها اعتذرت عن المشاركة في مهرجان جرش بالأردن؛ قائلة: (كيفاش أغني واحتفل والشعب الفلسطيني يموت كل يوم؛ لا قدرة لي على الغناء وأطفال ونساء وشيوخ غزة ثكلى بدموعهم التي تحاصرهم)».
وكتبت هدى الصرايرة: «تم الإعلان قبل أسابيع عن مهرجان جرش بالرغم من الرفض الشعبي، وتمت الدعوة من قبل الأردنيين إلى مقاطعة المهرجان، وبعدها اضطرت إدارة المهرجان للإعلان عن مجانية الدخول للمهرجان، وتمت الدعوة مجدداً لمقاطعة المهرجان حتى لو مجاناً، وتم اليوم الإعلان من قبل إدارة المهرجان عن إلغاء فعاليات المدرج الجنوبي في سابقة لم تحدث منذ 40 عاماً.. وباستمرار المقاطعة سيُلغى المهرجان كله إن شاء الله».
وكتب معاذ محمد العمري يقول: «غداً مهرجان جرش.. وأي شخص من أصدقاء صفحتي أو المتابعين تثبت مشاركته بالمهرجان بالتصوير فيه فلن يبقى عندي وحظر مباشرة..ولن أعتذر منه».
ونشرت رلى المغربي تدوينة تقول فيها: «الحكومة الأردنية تزعم أن مهرجان جرش مسؤولية حضارية وطنية تنطلق من مبدأ الأردن القوي القادر على مواجهة التحديات.. طول عمرنا نسمع بالتحديات وعنق الزجاجة والمرحلة الحساسة اليوم عرفنا الحل».
أما أمين البطوش فقال: «لكل واحد ناوي يروح يحضر مهرجان جرش وغيره.. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن لا يبارك فيك ولا في مالك ولا عيالك وتشوف غضب ربنا عليك».
وكتب توفيق السيلاوي: «أدعو جميع الشرفاء لمقاطعة مهرجان جرش. مهرجان جرش للغناء والرقص ودماء أهلنا في غزة تسفك كل دقيقة ويُدفنون تحت أنقاض مساكنهم ويقطعون أشلاء يومياً».
في المقابل دافع بعض المعلقين عن إقامة المهرجان بذرائع ودعاوى مختلفة، حيث كتب أنس عشا: «اقتصار مهرجان جرش على الأسماء الأردنية بالإضافة للأسماء الملتزمة مارسيل خليفة وسناء موسى وفايا يونان وحمزة نمرة في مهرجان جرش لهذا العام على المسرح الشمالي.. وإلغاء المسرح الجنوبي احتراماً لتضحيات الشعب الفلسطيني.. بالإضافة لعروض شعرية وثقافية وتراثية وطنية في مقدمتها الشاعر السوري أدونيس.. خطوة جميلة فالحركة الفنية الملتزمة سلاح حقيقي، وتلك هي رسالة مهرجان جرش المطلوبة».
مصدر دخل
أما الفنانة الأردنية مكادي نحاس فقالت: «توالت مؤخراً الاعتراضات على عقد مهرجان جرش في موعده نظراً للأحداث الدموية في قطاع غزة وفلسطين عموماً.. وهنا وجب القول بأنه وبالرغم من عمق تعاطفنا وحزننا وتفاعلنا مع الحرب على إخواننا وأهلنا في فلسطين وغزة تحديداً إلا اننا لا يمكن لنا دعم إلغاء مهرجان جرش لعدة أسباب: السبب الأول بأن مهرجان جرش وإن كان طابعه فني ثقافي إلا أنه مهرجان وطني أردني يُعد أحد أبرز معززات هويتنا الثقافية والوطنية».
وأضافت: «ثانياً: يعتمد عدد كبير من فناني الأردن -وعائلاتهم والعاملين معهم وعائلاتهم- على المهرجان كأحد مصادر الدخل الأساسية سنوياً والتي نعرف نحن كأردنيين محدودية تلك الدخول بالنسبة للفنانين الأردنيين. ثالثاً يوجد في مدينة جرش وما حولها عدد كبير من السكان الذين ينتظرون مهرجان جرش ليكون رافداً لدخولهم السنوية التي نعرف كذلك كم هي محدودة ولا يمكن لنا الاستهانة بأهمية تلك الدخول والتي قد يكون حجمها من منظور البعض قليل ولكنها مهمة جداً للجرشيين».
وانتهت نحاس إلى القول «إن إلغاء المهرجان لن يكون له أي فائدة تذكر على شعبنا الصامد ولكن على العكس فيمكن أن يكون عقد المهرجان داعماً لاهلنا في غزة وفلسطين من خلال تخصيص جزء من دخله لدعم اهلنا هناك وتخصيص محتوى المهرجان ليكون نداءاً للعالم بانهاء الحرب ونصرة أهلنا على الكيان الصهيوني.. في رأيي يجب علينا أن نفكر في الأمور بشكل كلي وشامل وأن لا يكون تحليلنا مصّغراً وغير واعٍ للصورة الكلية التي تراعي وتأخذ كل زوايا القضية بعين الاعتبار».
يشار إلى أن وزير الاتصال الحكومي، مهند مبيضين، برر إقامة المهرجان بالاشارة إلى «أهمية الثقافة والفن والتاريخ والحضارة في تعزيز منعة المجتمع والأمة في مواجهة التحديات». وقال مبيضين إن الأردن دولة راسخة يجب أن تقيم قطاعاتها الاقتصادية وتديم وتستديم قطاعاتها السياحية، وتقيم احتفالاتها وتبتهج بالحياة وتفرح.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.