صحيفة عبرية: ليس بين أنفاس نصر الله وانقطاعها سوى “قرار سياسي” وصعود اسم “ابن عمه.. صهر سليماني”

في واقع آخر، في ظروف أكثر منطقية، كان حزب الله سيتحمل مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ الذي سقط في الملعب في مجدل شمس، وقتل 12 طفلاً وطفلة وتسبب بإصابات غير بسيطة لنحو 30 آخرين، كلهم بلا استثناء مدنيون. لكن ناطقين بلسان حزب الله يصرون على نفي دور المنظمة، والمسؤول عن العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، يتهم إسرائيل وكأنه صاروخ للقبة الحديدية.

إن السلوك الحالي لزعيم حزب الله حسن نصر الله يشهد على شخص يخاف على حياته. هي المرة الثانية في هذا الشهر التي يكون فيها نصر الله في ضغط، ويخشى من اغتيال مفاجئ. كانت المرة الأولى في 3 حزيران، بعد أن قصفت طائرات سلاح الجو في العمق اللبناني. في حينه، صدر بيان صاخب لرئيس الموساد السابق يوسي كوهن، جاء فيه أن “إسرائيل تعرف بالضبط مكان نصر الله، ويمكن إنزاله في أي لحظة”. كما سمح كوهن بأن نفهم أن الحديث لا يدور عن مصاعب تنفيذية للموساد، بل عن قرار سياسي. وأوضح بأنه “إذا ما صدر أمر التصفية من الكابنت الأمني أو من مجموعة وزراء ضيقة، فليس للموساد مشكلة في تصفية نصر الله. في ضاحية بيروت أيضاً سمعوا، وتحفزوا. سارع نصر الله لترجمة الأقوال إلى تهديد حقيقي، وأمر -كما أفيد- باتخاذ إجراءات الحذر.

هذه المرة، يتابع حزب الله كل كلمة تصدر عن نتنياهو وغالنت ورؤساء الموساد الذين يعرفون المنظمة والأرض اللبنانية. ويقدر حزب الله بأن القرار في شكل الرد الإسرائيلي “الذي سيكون قوياً”، اتخذه رئيس الوزراء مذ كان في واشنطن، وتبلور ونزل إلى تفاصيل التفاصيل بالتوازي مع لقاء الكابنت. غير أن حزب الله يجري هذه المرة، حسب شهادات، مشاورات عن بعد. اختفى قادته الكبار خوفاً من ضربة من جهة غير مرتقبة.

نصر الله هو الأمين العام الثالث لحزبه بعد صبحي طفيلي الذي انتخب في 1989 وترك بسبب النزاعات، وعقبه عباس موسوي انتخاباً وصفته إسرائيل في شباط 1992. منذئذ، مرت 32 سنة، رقم قياسي عالمي، ونصر الله يتولى المنصب أميناً عاماً كاريزماتياً وذكياً جداً – حتى في نظر خبراء إسرائيليين. مكانته قوية ليس فقط في لبنان فحسب، بل وفي مكتب الحاكم علي خامنئي بطهران والحرس الثوري. مؤخراً، أصبح نموذجاً للاقتداء لدى زعيم الحوثيين في اليمن عبد المالك الحوثي، الذي علق صوره في شوارع مدينة صنعاء العاصمة. في لحظات قليلة، اعتقد بعض من قيادة حزب الله وجوب إلقاء مسؤولية الصاروخ على مجدل شمس على الحوثيين في اليمن. أما أمس، فهناك من ذكر نصر الله، بخبث، أن الحصانة لا تدوم وأن لكل زعيم موعد نفاد. يصعد اسم هاشم صفي الدين المرة تلو الأخرى، وهو ليس ابن عم نصر الله فقط، بل وصهر الزعيم المحبوب لـ “فيلق القدس” في إيران الذي صفاه الأمريكيون، قاسم سليماني. حتى لو اختفيت، كما يطلقون لذعتهم نحو نصر الله، فلن يضيع حزب الله. إذا لم تكن أنت، فسيحل مكانك زعيم آخر.

إيران هي الأخرى لا تدقق في كرامة نصر الله. فالحاكم خامنئي ورؤساء الحرس الثوري وإن كانوا يتحدثون عن تأييد غير متحفظ لحزب الله ويحذرون إسرائيل من رد “غير متوقع”، لكن نصر الله نفسه يدحر إلى هوامش التصريحات. من الجهة الأخرى، تتخلى إسرائيل عن المفهوم القائل إن العدو المعروف من السهل مواجهته. أضيفوا إلى هذا صمت رئيس أركان الجيش اللبناني، جوزيف عون، والقيادة السياسية التي لا تسارع إلى تغليف نصر الله – فستحصلون على سبب وجيه لخوف حقيقي من جهته. لكنه يعرف كيف يتغلب، وحتى بعد أن ألحقت المنظمة خسائر هائلة ببلدات الشمال وأدت إلى إخلاء المواطنين، فلديها قوة وصبر للمواصلة.

سمدار بيري

 يديعوت أحرونوت 29/7/2024

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.