( الحندول) و فعل الكتابة و عودة الكاسيت
سامر أبو شندي …..
لكل منا طقوصه الخاصة بالكتابة، و باعتباري ممن تفتحت آذانهم و وعيهم على الطرب العربي الاصيل، فقد كنت و لا زلت من محبي أغاني موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب، و عادة ما استهل فعل الكتابة على انغام و كلمات اغنية الجندول التي غناها في العام ١٩٣٩ لا أعرف سببا محددا لاختيار هذه الأغنية سوى أنها تنتمي لذلك الزمان الهادئ الجميل، قليل الصخب، و لأن موسيقاها تشبه سلاسة ابحار قارب صغير في نهر رائق المياه.
كنت كلما شرعت بسماعها على الكمبيوتر الشخصي، يعرف كل من حولي انني بصدد التورط بفعل كتاب جديد، فيوفرون لي مزيدا من الهدوء و السكينة ثم يسألون عن المادة التي كتبتها.
لكن ما كان يحز في نفسي و يعكر صفو استمتاعي بالجندول هو العد التنازلي للفيديو الذي يحتوي الأغنية، فالفن هو فعل يسمو على التأطير و التحجيم.
لكن عاد للأغنية وهجها و ألقها عندما بدأت اسمعها على شريط كاسيت،او بلغة علمية استمع للأغنية تناظريا و ليس رقميا، كنت و لحسن حظي قد احتفظت به إلى جانب إخوته من الأشرطة التي ارتبطت بذكريات الصبا و الشباب مطلع تسعينات القرن الماضي، هنا فقط عرفت لماذا هناك عودة للكاسيت حتى من شباب لم يعاصروا فترة ظهوره و انتشاره.
و تجدر الإشارة في هذا المقال إلى بعض الإحصائيات الصادرة في الولايات المتحدة على صعيد عودة الكاسيت الذي تلقى جرعة دعم إضافية خلال وباء كورونا، فالإقبال على الفينيل في ظل الضغط الذي تعرضت له المصانع بسبب اختناقات سلاسل الإمداد دفع بالفنانين والجمهور للاستعانة بأشرطة الكاسيت لتعويض النقص، بحسب أندي أوسبورن، الفنان ومدير عمليات شركات الإنتاج في المنصة الموسيقية “باندكامب” (Bandcamp)
أحصت شركة متابعة المبيعات الموسيقية “لومينايت داتا” (Luminate Data) بيع 436400 شريط كاسيت العام الماضي، أي نحو العدد نفسه المسجل عام 2022، وفي حين ما يزال هذا العدد متواضعاً جداً بالمقارنة مع عام 1988 مثلاً حين بيع 450 مليون شريط كاسيت في الولايات المتحدة، إلا أنه أعلى من رقم 81 ألف شريط في عام 2015، وهذا يكفي لجذب اهتمام رواد الأعمال.
و بالعودة إلى فعل الكتابة الذي أصبح هذه الأيام لا يحلو إلا على أنغام أغنية ( اخي جاوز الظالمون المدى) للواء عبد الوهاب كذلك و ذلك بسبب ما يعانيه اهلنا في غزة من آلام و معاناة، لم يكابدها شعب آخر في هذا القرن، بحرب إبادة لا مثيل لها بالتاريخ القديم أو الحديث.
سامر ابو شندي
كاتب من الاردن
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.