فادي السمردلي يكتب :اليوم أوقفوا الكولسات.. نريدها ديمقراطية
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
باتت الكولسات الحزبية لبعض الأحزاب والتي تُدار في الغرف المظلمة أشبه بمسرحية مملة، تُعيد إنتاج الوجوه والسياسات ذاتها، بينما يظل الشعب، الذي يُفترض أن يكون صاحب السلطة الأول، خارج دائرة القرار فهذه الاجتماعات السرية التي يصر قادة الأحزاب على إدارتها بعيدًا عن أعين القواعد الشعبية، تُبرز ازدواجية صارخة بين شعارات الديمقراطية المعلنة وسلوكيات تُكرّس الديكتاتورية الحزبية ففي الوقت الذي ترفع فيه الأحزاب لافتات الانفتاح والمشاركة، تتنافى أفعالها مع هذه المبادئ، مُرسخةً نظامًا يتحكم فيه القلة ويمارسون هيمنة مباشرة على مسارات الحزب، في غياب تام لأي رقابة شعبية.
ولعلّ التجارب الماضية خير دليل على فشل هذا الأسلوب، إذ أثبتت القرارات التي تُتّخذ في الكواليس، بعيدًا عن أعين الرأي العام، أنها تفتقر إلى الرؤية الشاملة والتفكير الجاد في مصلحة الوطن والحزب فهذه القرارات لم تكن سوى انعكاس لمصالح ضيقة، غالبًا ما يتم توجيهها لصالح فئة معينة تسعى للحفاظ على امتيازاتها داخل الحزب، بغض النظر عن تطلعات الشارع وآماله.
إن الكولسات ليست فقط ممارسة غير ديمقراطية، بل هي عملية تهميش مقصودة لإرادة الأفراد الذين يشكلون القاعدة الشعبية للأحزاب، أولئك الذين يؤمنون بحقهم في اختيار قيادتهم والمشاركة في صنع القرار.
أين دور القواعد الشعبية إذًا؟ وأين صوت المواطن الذي بات يفتقد إلى من يمثّله بصدق؟ إن هذه الممارسات تجعل من الأحزاب أدوات سياسية بعيدة عن متناول الشعب، وتتسبب في نفور العامة من المشاركة السياسية، إذ يشعر المواطن بأن صوته غير مسموع، وبأن مسارات الأحزاب محكومة مسبقًا بقرارات تُصنع في دوائر مغلقة، يُستبعد منها الشعب بشكل متعمد .
إن استمرار هذا النهج لا يساهم إلا في تعميق الهوة بين الأعضاء والمؤسسات السياسية، ويفتح الباب لمزيد من انعدام الثقة في النظام الحزبي والعملية الديمقراطية ككل.
بل إن الأخطر من ذلك، أن هذه الكولسات تؤدي إلى تجميد التغيير داخل الحزب ذاته؛ فلا يُتاح المجال أمام الكفاءات الشابة أو القادة الواعدين للمشاركة الفعلية أو الظهور على الساحة. الأحزاب التي يجب أن تكون بيئة لتكريس الديمقراطية والنقاش الحر، تحولت إلى منظمات متجمدة تسيطر عليها النخب، ما يجعلها عاجزة عن تقديم الجديد وعاجزة عن التطور وبدلاً من أن تكون منصة تفتح الطريق أمام طاقات جديدة قادرة على القيادة وتحقيق التحول، باتت تُدار من قبل قلة تعمل على حماية مصالحها، غير عابئة بحاجة الشعب إلى إصلاح حقيقي.
لقد حان الوقت لأن تعي هذه القيادات أن الشعب لن يبقى صامتًا للأبد أمام هذا التجاهل الصارخ لإرادته إذ إن الناس باتوا أكثر وعيًا بممارسات الأحزاب وتناقضاتها، وهم اليوم يطالبون بحقهم في ديمقراطية صادقة، يتجسد فيها مبدأ التشاركية الحقيقية بعيدًا عن التلاعب والكولسات على الأحزاب أن تتخلى عن أساليب التلاعب السياسي، وتفتح المجال للمواطنين ليكونوا جزءًا من عملية اتخاذ القرار، فهي ليست ترفًا أو مطلبًا ثانويًا، بل حقٌ أصيل للشعب.
لا يمكن للأحزاب أن تُدّعي تمثيلها لإرادة الناس بينما تمارس أساليب الاستحواذ والاحتكار داخل هياكلها وإن الإصلاح يبدأ من الداخل، وإذا كانت الأحزاب تسعى حقًا لبناء مجتمع ديمقراطي وتلبية تطلعات المواطنين، فعليها أن تبدأ بإصلاح نفسها أولاً، وبتبني الشفافية والمشاركة الفعلية، بحيث يشعر كل فرد في الحزب بأن صوته مسموع، وأن له دورًا في تحديد مسار قراراته.
لن تنجح الأحزاب في استعادة ثقة الشعب إلا بالتخلي عن ثقافة الكولسات، والاعتراف بأن السلطة الحقيقية لا تأتي من الحلقات الضيقة، بل من احترام إرادة الجماهير. إذ أن الديمقراطية ليست شعارًا يُرفع عند الحاجة، ولا هي وسيلة للظهور السياسي، بل هي أساس قوي يبني عليه الحزب مستقبله ويضمن تماسكه.
إن مستقبل الأحزاب ومصداقيتها، واحترام الشعب لها، يعتمد على مدى قدرتها على ممارسة ديمقراطية حقيقية، وعلى أن تكون صادقة في التزاماتها نحو الشفافية والمشاركة الشعبية.
كفى تلاعبًا وكفى كولسات خلف الأبواب الموصدة إن الإرادة الشعبية تتطلع لديمقراطية حقيقية، حيث يتمكن كل مواطن من المشاركة في رسم ملامح مستقبله، بعيدًا عن قيود القلة وتحكمها فقد حان الوقت لأن تُفتح الأبواب، ويُرفع الستار عن هذه المسرحية، ليبدأ عهدٌ جديد يتسم بالشفافية والتشاركية، عهدٌ لا مكان فيه للقرارات المعلّبة، ولا للسياسات المخفية عن الأنظار.
وفي النهاية اليوم ..اليوم وليس غدا ..ابتعد عن الكولسة..فقد سقطت أقنعة البعض
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.