معاريف.. في مشهد تجاري: ترامب لا يثق في نتنياهو ويعول على بن سلمان

 الشرط الأساس لتفجر الغضب المكبوت لدى الليبراليين – الديمقراطيين بمستوى شل الدولة هو محفز كارثي بحجم تاريخي أو ضغط أمريكي لوقف القتال. وماذا نعرف؟ ترامب نفسه هو من يقول إنه يؤيد وقف القتال. ومن يريد تسوية في ظل استمرار القتال بما في ذلك التهديد على إيران، هو بايدن. في الدقيقة التسعين لولايته، يحاول أن ينفذ خطوة جغرافية – استراتيجية، وبعث بجيش كامل يساهم في حسم في الميدان يؤدي إلى تسوية سياسية تحل لنهاية ولاية مريرة كالعلقم.
يوجد اليوم إجماع عالمي يقول إن أحداً لا يعرف ماذا سيفعل ترامب، بما في ذلك ترامب نفسه. مبدئياً، هو مدفع مرن، وفقط عندنا، في اليمين المعربد والمسيطر، من المسيحانيين حتى الفاسدين، تقرر أن ترامب سيكون رجلهم. بمن فيهم نتنياهو الذي سارع إلى الابتهاج على أفضل التقاليد.
الصحافي الأمريكي توماس فريدمان، يعتقد أن “ترامب لا يثق بنتنياهو وربما لا يرغب في إدخال نفسه إلى هذه الفوضى. وعليه، فسيسمح لإسرائيل بفعل ما تريد”. “تخوفي”، يقول فريدمان (لصوت الجيش) “أن يترك ترامب المسألة، وتواصل إسرائيل احتلال غزة والضفة الغربية. يعتقد فريدمان أن “ترامب لن يمضي بحل الدولتين مع السعودية”. ربما.
المؤكد أن ترامب تاجر قبل كل شيء، وهو واثق أن تجارته انتصرت في الانتخابات. الحقيقة أنه بالفعل، اشترى نصف دولة فيما هو يبيع الديمقراطية، والحقيقة، والنزاهة وآداب مائدة أساسية.
لا حاجة لطبيب عقلي ليشجعه على فهم الرجل. فحتى لو كان التشخيص في مستوى علم النفس، فهو كفيل بأن يكون ساري المفعول. فما بالك أن الرجل يقف على بسطة في السوق، ويعلن: هذا أنا، ومن ناحيتي حتى لو غضبتم، فلا مشكلة لي في أن أقول كل شيء، أفعل كل شيء، وأخرج وسخاً وسعيداً كطفل يلهو بالوحل.
برأيي غير المسنود، يدور الحديث عن نموذج سيكون طمعه في مستوى إدمان شبه ديني. في أسرة الأعمال التجارية في نيويورك، يعتبر كمحتال صغير. والآن، سيثبت لهم من هو المحتال الأغنى من الجميع. لفهمي القليل، لا يهمه إرثه التاريخي. دونالد، مثل بيغ ماكدونالد، يريد الابتلاع في قضمة واحدة هنا والآن.

وهذا هو المكان الذي تدخل فيه السعودية وإسرائيل إلى الصورة. الذي سيتحدث حين يقف نتنياهو أمام ترامب وجهاً لوجه (واحد يتاجر بالأكاذيب وآخر يبيع الخيال) هو المال. نتنياهو جاء إليه ليأخذ لا ليعطي، مقابل محمد بن سلمان السعودي الذي سبق أن أعطى المليارات لعائلة ترامب، وأنا مقتنع بأن ترامب يعول عليه في المستقبل.
نتنياهو يأتي مع أغراض علنية مثل القدس موحدة وأمن في غزة، وخفية مثل ضم زاحف، وهنا وهناك ترحيل صغير أيضاً. ولا يزال، في نهاية كل صفقة شرق أوسطية، حين يعود نتنياهو إلى البلاد، ينتظره مستوطن يحمل مسدساً في الرأس داخل مكتبه، وأعلن سموتريتش هذا الأسبوع بأن “العام 2025 سيكون عام إحلال السيادة في يهودا والسامرة”.
دولتان أم “متسادا”؟

الولاية الأخيرة أمام ترامب، حتى نتنياهو يفهم بأن لبكائيته العادية (إذا لم تسمح لي بحي ما في القدس، فلن تكون لي حكومة) لا أمل أمام مليارات السعوديين. ناهيك عن أن القطاع الإسلامي في الولايات المتحدة سار مع ترامب في الانتخابات بخلاف القطاع اليهودي. وهذا هو المكان للإيضاح ما الذي يريده السعوديون: دولتان للشعبين إسرائيل وفلسطين. وهم لا يحيدون عن اقتراحهم الأول، وليسوا وحيدين.
من يفترض أن يعرف منذ البداية، بأن السعوديين لن يحيدوا عن اقتراحهم هو المخادع الأكبر من الجميع، الذي كذب على الجميع عندما وقع على اتفاقات إبراهيم ونثر سحابة الوعود لمستقبل لامع للشرق الأوسط واستمرار المفاوضات مع السعودية. بعد أن استنفد أثر “السلام” لاتفاقات إبراهيم مع الدول العربية، تجاوز المشكلة الفلسطينية ونكث الوعد باستمرار المفاوضات مع السعودية بالمعاذير الدائمة. الوضع متوتر، الفلسطينيون يقتلوننا، لنا معلومات تقول إنهم (الفلسطينيون في الضفة، والقطاع، ولبنان) يخططون للحرب (كان هذا مكتوباً حتى في “بيلد”) وبالتالي، لو سمحتم، انسوا المفاوضات الآن مع من يريدون قتلنا.
جس النبض الأول إزاء السعوديين من قبل دولة إسرائيل كان قبل نحو 35 سنة. رجل أعمال بريطاني في ماضيه كان وزير الداخلية، وعلى علاقات مع رجال حكم سعوديين، أقام اتصالاً مع رئيس الفرع الأوروبي للموساد، ونقل عبره توجهاً من السعودية لرئيس وزراء إسرائيل إسحق شمير: هناك استعداد للوصول إلى تسوية مع إسرائيل مقابل علم سعودي في الأقصى. رئيس الفرع نقل التوجه إلى قيادة الموساد في تل أبيب، من هناك نقل العرض إلى مكتب شامير الذي قرر بأن العلاقات الهشة مع الأردن بالسيطرة على الأقصى والقدس أهم من علم سعودي – ورد العرض.
لاحقاً، تبنت الجامعة العربية مقترح السعودية لحل الدولتين، وهذه الموافقة تتدحرج في مؤسسات عربية مختلفة منذئذ وحتى اليوم. الفرق أن بن سلمان اليوم، عقب جنون حكومة إسرائيل، قد تعلم الدرس. في هذه الأيام، يبنى تحالف من نحو 90 دولة عربية وإسلامية وأوروبية ومنظمات مختلفة للدفع قدماً بحل الدولتين “في الطريق إلى سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط”. قال بن سلمان في الرياض هذا الأسبوع: “نرفض مرة أخرى الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ونشجب الحملات العسكرية ضد أراضي لبنان”، ودعا “إلى مواصلة الجهود المشتركة لإقامة دولة فلسطينية”.
من حق نتنياهو أن يصدق بأنه سينتصر على بن سلمان في المعركة على الدولة الفلسطينية. ربما. في هذه الأثناء، هو يعول على الإفنجيليين كرافعة أمام ترامب. كان هذا صحيحاً وناجعاً في الجولة السابقة. أما الآن، فلن ينجح هذا. الحكومة والإفنجيليون في الولايات المتحدة حاولوا زج مايك بومبيو الإفنجيلي المتزمت، في منصب وزير الخارجية. لكن ترامب عين وزير خارجية أكثر تطرفاً منه – ماركو روبيو. لاحقاً، عول المستوطنون على عودة عزيزهم ديفيد فريدمان كسفير للولايات المتحدة في إسرائيل. في هذه الحالة أيضاً، عين ترامب شخصاً أكثر تطرفاً منه، مايك هكابي. في هذه الأثناء، عُين وزير دفاع بيت هيغسيث، الذي له أجندة واضحة: حرب في إيران ومعارضة لتسوية الدولتين.
في هذه الأثناء، رجلهم هو يحيئيل لايتر، الذي عين ليكون سفيراً لإسرائيل في واشنطن. لايتر مستوطن وعقاري في “المناطق” [الضفة الغربية]، مؤيد للترحيل والضم، وأب ثكل ابنه الذي سقط في حرب الغلاف. حتى لو بلغ لايتر كل يوم عن إبداعات “الاتصالات” والعطف الذي سيغدقه عليه الإفنجيليون وإدارة ترامب، فلن ينجح في التصدي للمال والتأثير السعوديين اللذين يقف العالم كله خلفهما. ما يبقي لإسرائيل إمكانيتان: إما دولتان أو متسادا واحدة.
ران أدليست
معاريف 15/11/2024

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.