واقع مشين.. ابادة الارادة وسحق الكرامة العربية!!

د.شكري الهزَّيل …. 

 

كان هذا الصباح اتعس من صباح امس وقبل امس وبدت الشمس وكأنها مخسوفة رغم سطوعها والبحر هائج مبعثر رغم هدوءه وهواءه الطلق العليل والسماء ملبدة رغم صفاءها واختلطت اسراب طيور النورس بطيور الرخم اللتي تملأ السماء في مشهد لم يعهده الشاطئ الابي العتيق وهو ان يختلط النورس الرقيق بالرخم الجارح الباحث عن رزقة بين فتات الجثث والجيف ويا له من مشهد: النورس اللذي يلاحق قوارب الصيد والاسماك النافقة والحية ,هاهو يشتبك جوا مع الرخم وكأنه يريد ان يحول دون ان يُغير الرخم على الجثث المتعفنة المنتشرة ع طول الشاطئ والاودية وفوق الركام وعلى ما تبقى من شارع معبد يسير حمارا يجر عربه معبأه بالبشر الحي الذي يراقب المشهد ويخشى ان يصبح جزء منه في اي لحظة غادرة ويتساءل طفل برئ يجلس في مقدمة العربة, يتساءل بعفوية ويسأل والده :يابا هل نصير مثل هادول جثث معفنه ينهشها الرخم ولا تجد من يدفنها ويصون كرامتها؟ ليجهش والده المصدوم من السؤال ويقول له : ان شاء الله لا والله يفرجها علينا يابا قبل ما نلحق بهم..سيدة تحتضن طفلها وقد صارا هياكل نهش لحمهما الرخم والعفن وكهل ما زال قابض على عكازة باخر عظامة ودراجة مقلوبة فوق اصحابها الذين يبدو انهم كانوا عائلة واحدة ام واب واطفالهما الثلاثة.. يا للهول اسراب من طيور الرخم تنهش ما تبقى من لحم بشر وتتركهم هياكل عظمية مجردة وما زالت المعارك الجوية مستمرة بين النورس الغزاوي والطيور الجارحة القادمة من بعيد..حتى النورس ظل ابي وفي بطلا مدافعا عن كرامة اهلة في حين هجرت الشهامة و شحت الكرامة في مساحات جغرافيا صحراء عقول قاحلة كلها وجلها بشر معطوب..خشخشة مناقير الطيور وطقطقة عظام الموتى بلغت ابواب السماء ولم تصل لاذان نصف مليار عربي نذل وملياري مسلم انذَّل وبشر هجرتهم كل اشكال الانسانية..
هاهي طوابير النازحين تقطع المسافات تلوى المسافات ذهابا وايابا تارة نحو الجنوب واخرى نحو الشمال واخرات نحو المجهول ومحظوظ هذا وهذة من يقطع المسافات ذهابا ويعود ايابا حيا يرزق على ايقاع اصوات الطائرات والمدافع الرشاشة وحمم الموت بكل حمولتها الثقيلة.. لم تعد تكفينا رصاصة او اثنتين وصرنا الان في مرمى قنابل الاطنان والقاءها على خيام الخيش البالي, صرنا نحترق احياءا اطفالا ونساءا ورجالا وعلى الضفة الاخرى كلاب تمارس تبرير وتمرير جرائم الفاشية الصهيونية بزعم ان بين المئة طفل وامرأة كان يختبئ ” مقاتل” وعليه ترتب قتل وابادة الجميع من اجل قتله!…… منطق عربدة الفاشيون ونذالة العرب والاعراب.
نعم.. نعم.. لم يعد ” الموت للعرب” شعارا فقط, فهم الان يقتلونهم اطفالا ونساءا ويهدمون بيوتهم فوق رؤوسهم ومن لم يُقتَّل بالقنابل يُقتَّل بالجوع والتجويع…شمشون امريكا اصبح قدر محتوم بلا منازع في زمن اعراب وعرب الرده سليلي ثقافة النذالة والخنوع…بشاعة النذالة باعلى مراتبها ومقاييسها الاقليمية والعالمية.. يختبئون وراء سراب ووَّهم المجتمع والقانون الدولي الذي بحث عن طرق التفافية وعقيمة حتى لايصل الى غزة..تصوروا ان قرار اعتقال المجرم يعني استمراره في جرائمة ليس دون اعتقال فقط لابل دون لوم ولا كابح من غزة الى بيروت ..قتل وهدم البشر والحجر واحياء ومدن وقرى كاملة في غزة ولبنان….تصور هذة الكمية الهائلة من النذالة ان يجتمع الاعراب والمسلمون بعد عام من الابادة الاجرامية المستمرة من اجل اصدار بيان شجب لا معنى ولا فحوى له…يكذبون ثم يكذبون ويبيدون الشعب الفلسطيني ومن ثم يعلقون اماله على مخالب اكذوبة حل الدولَّتين.. ما العلاقة من ابادة قطاع غزة وربط الامر بحل الدولَّتين..كذب يطارد كذب وتضليل يطارد تضليل… لا.. الحقيقة هم يريدونها من مابعد بعد النهر والبحر لهم ولا يريدون اعطاء الفلسطيني مساحة مترمربع.. جماعة اوسلو ” الفلسطينية ” منحتهم ثلثي فلسطين دون جدوى وهاهم يدمرون غزة ويستبيحون الضفة ويهتفون بالموت للعرب وينادون بابادة اطفال غزة؟؟؟
هاجس يلاحقك واخر يغادرك وشجون تبني اسوارها حول واقعك المر وانت تعاود الكره تكرارا ومرارا وتحاول التسلق بهدف ترك هذة الاسوار وهذا الدمار الهائل التي زرعة حاقد يقف وراءه كل الحقد الاقليمي والعالمي, حقد على قطعة ارض يقطنها ناسها كعلب السردين محاصرون منذ عقود في حياتهم وقوتهم, يعيشون على هذة الارض اجيال بعد اجيال منذ قرون وقد شيدوها طوبة طوبة وشارع شارع وبيت بيت في اطار مفهوم ان طبيعة البشر تقودهم للاستمرار في الحياة والاعمار والبناء والتزاوج والتكاثر والناس تعيش حياتها وتتناقل الاخبار وقصص الاجيال الغابرة والحاضرة تغذي شرايين المجتمعات بدافع هاجس الحياة وليس هاجس الموت وما ادراكم بهذا الموت حين تتهاوى الحياة بكل تفاصيلها وتضاريسها وتناقضاتها وتلبي نداء الموت الفردي والجماعي وتلاحق الاموات في قبورهم وتجرفهم افرادا وجماعات في مكان افترضنا او تمنينا ان يكون مثواهم الاخير في وداعنا الاخير لهم ولم نفكر يوما اننا سنعود يوما ونبحث عن قبور ” المثوى الاخير” وعلى الطرف الاخر نبحث عن اناس قابعون تحت الانقاض في مثواهم ما قبل الاخير ومن يدري لربما يكون الاخير او ما قبل قبل الاخير..يمه يا قصي قبرك امبارح كان هنا في هذا المكان المسحوق والمحروث بجانب قبور ابوك وعمامك واهلك وهذة المقبرة التي كانت ” عامره” بجثامين اهلها وبزوار ايام الجمعة والاعياد وهاهي ارض محروثه بلا معالم ولا شواهد قبور ولا باقات زهور ولا عظام اموات ولا حتى صمت اموات.. لا قبور ولا شواهد ولا شجر ولا حجر ولا بشر وما زالت الة الفاشية الصهيوغربية تحصد كل اشكال مقومات الحياة..ماهذا الذي يحصل على بوابات الانسانية والعرب والعجم وبوابة اوروبا والغرب الذي يريد ان يقنعنا ان الفاشيون القدامى والجدد “يدافعون عن انفسهم”؟…ماهذا الصمت الرهيب والمخزي على جرائم ابادة تندي لها جبين الانسانية؟؟..الى هذا الحد وصل الانحطاط العربي الاسلامي القابع وسط بحر من العجز والخذلان..!!
اما ان نكون عرب او اعراب او لا نكون لا هذا ولاذاك ونكون على هذة الحال المهينة والمشينة ونستكين للنذالة ولا نحرك ساكنا ونحن لانرى الابادة في غزة فحسب لا بل نعيش ابادة ارادتنا كبشر وشعوب وامة تاكل وتشرب افرادا وشعوبا وكأننا بهائم قام الحكام بتدجينها وتزريبها وتحويلها الى مجرد بشر بلا ذرة كرامة لا تهش ولا تنش في حين ينهش فيه الاعداء لحم ابناء وبنات جلدتهم ويلغون في دماء اطفالهم ونساءهم لابل يزودون القتلة المجرمون باطنان الاطنان من القنابل بهدف الابادة الكاملة الشاملة..ابادة البشر والشجر والحجر واغتيال مقومات الحياة على مراى من امة وشعوب استكانت للهزيمة وتعودت على العيش بدون اي ذرة كرامة..ابادة الارادة وسحق الكرامة العربية…مخزي ومشين هذا الذل والهوان وهذا الاستكان للارادة المسلوبة وهذا المصير المتدحرج بين ايادي الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية وهاهو الاعلام الاعرابي المتخلف والنذل قد بدأ يدندن لرئيس امريكي اخر وقادم بعد ان اباد الرئيس الحالي كامل قطاع غزة ومعها اباد بالكامل الكرامة والشهامة العربية وثبت مقولة ومعادلة ان ما يسمى بالشعوب العربية مجرد قطيع من الخراف لا تهش ولا تنش ولا لها حول ولا قوة..قطيع منحط وسافل ومسحوق الكرامة الى حد الاستكانة والتعايش مع النذالة الفردية والجماعية..واقع عربي مشين ومهين تمت فيه ابادة الارادة وسحق الكرامة العربية.. بعد اكثر من عام على حرب الابادة في غزة ولبنان يعيش العرب حالة حضيضية سيكتب عنها التاريخ وتقرأها الاجيال الحاضرة والقادمة: حالة انحطاط وفقدان للكرامة جعلت وتجعل ما هو جاري في غزة شأن امريكي صهيوني وعربي رسمي عميل استسلمت لوطأته وتعايشت معه شعوب ما بين المحيط والخليج دون ان تحرك ساكنا او تساهم في محاولة مد العون لقطاع غزة المنكوب..
**ايها العرب المنكوبون وطنيا وعقليا : انتم اليوم لا شئ ولا كرامة ولا تحزنون وحتى بقال الزاوية يحتقركم وانتم وعيشكم وحضارتكم ووجودكم ..لا شئ ..صفر..تعيشون في مدن الملح وبين اكوام الزبالة تحكمكم الحثالة ويفترسكم الفقر وحتى البعوض يحتقركم ويبتعد ضمن الممكن من وعن امتصاص دماؤكم الملوثة وعن جيوشكم ” المسلخة” حدث بلا حرج فهي مكلبة تنهش كرامتكم وتدافع عن من يبيد كرامتكم ويهينكم..كيانات كرتونية تخدم الامبريالية الامريكية والصهيونية وهذة الاخيرة تحتقركم وتدوس كرامتكم في عقر داركم واوطانكم.. انتظروا فلسطين انها قادمة لتحريركم من العبودية وحياة الذل.. شاهدوا غزة غزتنا وهي ما زالت تقاتل من فوق وتحت الركام بكل كرامة وشهامة وانتم يا عرب واعراب الردة تعيشون فوق وتحت ركام كرامتكم وشهامتكم المفقودة…. تحية ل غزة والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والبقاء كل البقاء للنقاء.. غزة تقاتل بلحمها وعظمها ورجالها ونساءها وامعاءها الخاوية… اسطورة وايقونة لا بد لها في المحصلة ان تنتصر على الابادة والدمار والظلم…موتوا يا عرب في جبنكم وغيضكم وانتم بالفعل الاحياء الاموات من المهد الى اللحد..كرباج ترمب في انتظاركم بعدما دمر بايدن والنتن كرامتكم بالكامل… واقع مشين.. ابادة الارادة وسحق الكرامة العربية!!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.