*فادي السمردلي يكتب:عكس الموالاة معارضة لا تخوين*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
تعد الموالاة والمعارضة من المفاهيم الأساسية التي ينبغي على كل من يدخل عالم السياسة أن يتقنها ( حتى المبتدئين KG1) فهما يعكسان التوازن الضروري الذي يحتاجه أي نظام ديمقراطي كي يسير في مسار من الشفافية والعدالة ففي جوهر السياسة، عكس الموالاة ليس التخوين أو الهجوم على الأشخاص، بل هو المعارضة، وهي سمة من سمات الأنظمة السياسية الحديثة التي تسعى إلى تحقيق الإصلاحات والمراجعات المستمرة للسياسات الحكومية ولكن للأسف، يلتبس على الكثيرين هذا التمييز، ويغرقون في تصورات غير صحيحة قد تؤدي إلى فراغ سياسي يضر بالجميع.
الموالاة هي دعم النظام السياسي وهويته الوطنية او الحكومة ، والتأكيد على أن السياسات المتبعة هي الأنسب في تلك اللحظة وقد تختلف الآراء بين الموالين أنفسهم في بعض القضايا أو التفاصيل، لكنهم في العموم يتفقون على دعم النظام وهويته الوطنيةو/او الحكومة في إطار رؤية مشتركة للأهداف بينما المعارضة هي ببساطة الموقف الذي يعارض بعض السياسات أو القرارات الحكومية، مع تقديم البدائل والمقترحات التي قد تكون أكثر توافقًا مع مصلحة الشعب أو تتسم بفعالية أكبر في حل المشاكل المستعصية ولكن المشكلة الحقيقية تظهر حين يتم الخلط بين المعارضة والتخوين، حيث ينظر البعض إلى المعارض على أنه عدو ، وهذا ما يؤثر سلبًا على الحوار السياسي.
إن فهم الفرق بين الموالاة والمعارضة هو أمر بالغ الأهمية خاصة للمبتدئين في عالم السياسة فالمعارضة ليست تهمة بالخيانة أو العمالة، والموالاة للوطن وهويته لا بديل عنها اما للسياسات الحكومية فقد تتبدل حسب المصلحة العليا للوطن بل هي دور مشروع في كل نظام سياسي ديمقراطي، يهدف إلى تصحيح الأخطاء وتحقيق تحسينات وعندما يتم مزج هذا الدور الخلاّق بالاتهامات الجائرة مثل التخوين، فإن ذلك يؤدي إلى إغلاق أبواب التفاهم وتهديد الاستقرار السياسي والاجتماعي ففي النظام الديمقراطي، فإن المعارضة البناءة لا تقتصر على رفض السياسات القائمة بل تتضمن أيضًا عرض حلول بديلة وخلق فرص لتحسين القرارات والسياسات المتبعة.
أما في حالة الموالاة، فلا ينبغي أن تكون هذه الموالاة عمياء أو بدون تفكير نقدي فالاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية السياسية جزء أساسي من العمل الحكومي فالموالاة الحقيقية ليست مجرد تبعية أو دعم للقرارات مهما كانت، بل هي دعم مدروس ومشروط يرتكز على تعزيز مصلحة الوطن والمواطن وتكمن أهمية الموالاة الحقيقية في قدرتها على ضبط أداء الحكومة وتوجيهها نحو الأفضل من خلال التحلي بالشفافية والمراجعة الدائمة.
هنا، ينبغي على المبتدئين في السياسة أن يدركوا أن عكس الموالاة ليس بالضرورة هو الخيانة أو الانتقاص من الوطن، بل هو مجرد ممارسة سياسية مشروعة تتخذ شكل المعارضة البناءة فالمعارضة الحقيقية هي تلك التي تتحلى بالموضوعية، وتبتعد عن التجريح الشخصي أو التصعيد العاطفي بل هي تطرح رؤى جديدة وأفكارًا مبدعة تهدف إلى تقديم حلول أفضل من تلك التي قدمتها الحكومة.
في النهاية، لا يجب على أي شخص أن يعتقد أن المعارضة تعني العداء للسلطة أو للدولة فالمعارضة الحقيقية هي جزء من الرقابة على أداء الحكومة، وهي أداة لتحسين العمل السياسي، كما أنها رافعة قوية للمجتمع السياسي والحزبي ولعل الرسالة الأهم هنا هي أن السياسة لا تقوم على التخوين بل على الحوار البنّاء، ولا على العداء بل على المنافسة الفكرية التي تسعى لتقديم الأفضل للبلاد والشعب.
إلى المبتدئين وكل من لا يميز بين الموالاة والمعارضة ويظن أن عكس الموالاة هو التخوين، أقول السياسة فن وحكمة ويجب أن نتعلم كيفية بناء التفاهم، وأن نعي أن المعارضة ليست ساحة للعداء أو الانتقام، بل هي منصة لتقديم البدائل والأفكار التي تعود بالنفع على الجميع فلا تتسرع في الحكم على الآخرين وتتهمهم بالتخوين لمجرد أنهم يعارضون وجهة نظرك أو سياساتك او مصالحك او لمجرد ان تشتبك سياسيا معهم لتقول فقط انا موجود وحي يرزق لتسلط الاضواء عليك بعد ان اطفئت ، فالتفاهم والاحترام المتبادل هما أساس نجاح أي مجتمع ديمقراطي…وهذا هو الدرس الأول لمن أراد أن يتعلم السياسة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.