صورة للملك عبد الله تشعل الجدل في الأردن وتخرس ألسنة العنصريين.. ما دلالاتها؟

شبكة الشرق الأوسط نيوز : نشر الديوان الملكي في الأردن صورة للملك عبد الله الثاني تم التقاطُها بعد لقائه عدداً من ممثلي المجتمع الأردني، وهي الصورة التي أشعلت جدلاً واسعاً في البلاد وشكلت رسالة واضحة من الملك أسكتت ألسنة الكثير من العنصريين الذين انشغلوا خلال الفترة الماضية بالجدل حول الأصول والمنابت والدعوات إلى سحب الجنسيات من بعض المواطنين بسبب أصولهم وانتماءاتهم السابقة، وحتى بسبب مواقفهم السياسية الحالية مما يجري في المنطقة.
وكان الأردن شهد جدلاً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الشهور القليلة الماضية بسبب موجة تحريض استهدفت الأردنيين من أصول فلسطينية، وتضمنت الموجة مطالبات بسحب الجنسيات من هؤلاء الأردنيين بسبب تفاعلهم مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية، فيما ذهب بعض العنصريين إلى التشكيك بولاء هؤلاء الأردنيين وانتمائهم.
ورآى كثير من المراقبين أن حملة التحريض والإساءة للأردنيين من أصول فلسطينية كانت ممنهجة ومدبرة ومقصودة ولم تكن عفوية، وجاءت رداً على موجة التضامن الواسعة التي شهدها الأردن مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه حرب الإبادة الإسرائيلية، كما أنَّ البعض رآى فيها محاولة للتغلب على التظاهرات التي تستهدف السفارة الإسرائيلية ومحاولة لإظهار هذه التظاهرات على أنها “عملية تخريب للأردن من قبل فئة تعود أصولها إلى غير الأردن”.
ويقول بعض المتابعين إن أجهزة الأمن الإسرائيلية ربما تكون وراء هذه الحملة لزرع الفتنة داخل الشارع الأردني، ومحاولة التمييز بين الأردنيين من أصول أردنية ومن هم من أصول فلسطينية، على اعتبار أن تفتيت المجتمع الأردني سوف يؤدي إلى إشغاله عما يجري في الأراضي الفلسطينية، ويُقلل من حالة التضامن مع قطاع غزة.
وفوجئ الأردنيون بصورة نشرها الديوان الملكي للملك عبد الله الثاني ويظهر فيها الملك بلباسه الرسمي يتوسط مجموعة من الشباب والشابات الذين يرتدون ملابس تقليدية ترمز إلى أصولهم وهوياتهم السابقة، بما في ذلك ملابس شعبية وتراثية فلسطينية، وأخرى شركسية وأخرى من الشيشان، إلى جانب الملابس التقليدية المعتادة للأردنيين من أصول شرق أردنية.
وسرعان ما أشعلت الصورة موجة غير مسبوقة من الجدل، وحظيت بانتشار واسع جداً، على اعتبار أنها رسالة واضحة مفادها أن الأردن يتسع للجميع، وأن “الهوية الأردنية” لا تتناقض مع هذه الهويات وإنما تتسع لها جميعاً، كما أن الأردنيين متساوون في بلدهم بغض النظر عن أصولهم ومنابتهم.

“الهوية الجامعة”

وتصدر الوسم “الهوية الجامعة” التداولات على شبكات التواصل الاجتماعي داخل الأردن لعدة أيام لاحقة، في إشارة إلى أن “الهوية الأردنية” هوية جامعة لكل هذه الأصول والمنابت ولا تتناقض مع أي منها.
وبالتزامن مع نشر الصورة الملكية، أدلى رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي بتصريحات لافتة قال فيها “إن الأردن، بقيادته الهاشمية، قوي بمبادئه، وعزيز بكرامته، ثابت على مواقفه، ماضٍ في مسيرته، رغم التحديات التي تفرضها أزمات المنطقة والمحيط”.
وأضاف العيسوي أن “الهوية الوطنية الجامعة، الحاضنة دوماً للأشقاء العرب والمساندة لهم في الصعاب، جعلت من الأردن مثالاً ونموذجاً للإنسانية والكرم وإغاثة الملهوف”.
ونشر الديوان الملكي الأردني عبر حسابه على “فيسبوك” جملة من الصور للقاء الملك مع ممثلين عن سكان العاصمة عمَّان، وكتب يقول: “جلالة الملك عبدالله الثاني يلتقي وجهاء وممثلين عن أبناء محافظة العاصمة، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، في الديوان الملكي الهاشمي، ويؤكد اعتزازه بلقائه الأهل في محافظة العاصمة، قلب الأردن النابض والحاضن، والشاهدة على مسيرة بناء الوطن”.
وكتبت الناشطة سجا الزغول تقول: “هناك أشخاص كثير حاولوا إثارة الفتنة بعد صورة الملك عبدالله ويريدون طمس الهوية الأردنية لكن كلام الملك الحسين رحمه الله والملك عبدالله ربي يطول عمره وولي العهد ربي يحفظه واضح: هويتنا أردنية”.

حب الأردن يجمعنا

ونشر المهندس إياد صورة الملك عبد الله وهو يتوسط الأردنيين من مختلف المنابت والأصول، وكتب معلقاً: “جلالة الملك عبد الله حبيبنا وقائدنا يلتقي باهل العاصمة عمان.. جلالة الملك: حب الأردن يجمعنا.. صورة بمليون كلمة، صورة تختصر الكثير من الكلمات”.
وعلق جهاد أبوعليان: “رسالة لأصحاب الأنفس المريضة، داخلياً وخارجياً: الشعب الأردني بنسيجه الوطني الجميل خلف قائد الوطن وولي عهده”.
كما نشر الناشط من مدينة الكرك أسامة الضمور الصورة ذاتها، وكتب يقول: “حب الوطن يجمعنا دائماً، أردنيون من شتى المنابت والأصول، حفظ الله هذا الوطن أرضاً وقيادة وشعباً.. لكل من يتغنى بالعنصرية والفتن أقعد وإلبد”.
وعلق أبو فهد الشمري: “مجتمعنا بكل أطيافه واحد ثابت وحازم موالي محب مناصر للقضية الفلسطينية وقضايا الأمة الاسلامية”، فيما كتبت هبة الزعبي: “أجمل صورة كانت برسالة واضحة للجميع.. الله يحفظهم يا رب”. وعلق عدنان الجبارين: “فعلاً صورة خرافية، حفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين”.
وقالت ابتهال الخطيب: “ملاحظة هامشية: أغلب العنصريين ضعاف في اللغة العربية، شتامين بذيئي اللسان، يتلاعبون بإسم عدوهم في محاولة لإهانته، ودمهم ثقيل جداً. السلوك يعكس عقلاً موبوءاً خطيراً وغثيثاً”.
في المقابل كتبت هلا عبادي: “الهوية الأردنية هي ما نعتز به ونحافظ عليه وهي هوية العشائر الأردنية الأصيلة. أما الهوية الجامعة فهي مؤقتة نتضامن بها مع أشقائنا اللاجئين العرب. لا يحق لأحد استغلال الهوية الجامعه لتحقيق أجندات خارجية فهويتنا الأردنية هي الأساس، وهي التي نعتز بها ونحميها ويبقى الأردن بلد الأردنيين”.
أما هيثم الربضي فاعتبر أن الحديث عن “الهوية الجامعة” هو مؤامرة، وقال: “الهوية الجامعة مؤامرة تقوم على تهجير الفلسطينيين من وطنهم الأم إلى الأردن وإضعاف قوتنا لنقبل بوطن بديل للفلسطينيين وإنهاء حق العودة وواجب التحرير ودمج كل الفلسطينيين في الأردن للتحضير للانقلاب الاجتماعي الذي سيقود إلى انقلاب سياسي وربما عسكري بالتحالف التكتيكي المرحلي مع قوى غربية”.
وقالت ريم محمد: “الهوية الجامعة مصطلح يلغي الهوية الأردنية فهل نحن أمام تحديث سياسي أم تخريب وطن ومواطنة؟؟ لا توجد دولة تستخدم هذا المصطلح حتى في أكثر الدول تعددية للقوميات والأديان والأعراق كأمريكا والهند فلماذا سيتم إلغاء الأردن من الهوية ولماذا جامعة ومن هم الذين ستجمعهم بمن؟”.
وعلّق ربيع الكيلاني قائلاً: “أفهم الهوية الجامعة على أنها النقيض الوطني للهويات الفرعية الضيقة، وفي هذا الإطار لا أرى أي مسوغ لهذا الهجوم على المصطلح ولا يجب تحميله أكثر مما يحتمل.. رفضنا للوطن البديل والتوطين لا يجب أن يتحول لنقيض لمفاهيم الوحدة الوطنية وتعزيزها”.
يشار إلى أن الأردن يعتبر في صدارة الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين، حيث تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” إنه يوجد في الأردن أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني مسجلون بشكل رسمي ضمن سجلاتها، وهو أكبر عدد من لاجئي فلسطين في جميع أقاليم “الأونروا”.
وتضيف الوكالة أن معظمهم، وليس كلهم، يتمتعون بالمواطنة الكاملة، حيث يعيش حوالي 18 في المئة في المخيمات العشرة المعترف بها للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد. وبالإضافة إلى المخيمات العشرة الرسمية هناك ثلاث مخيمات غير رسمية، ويعيش اللاجئون الآخرون بالقرب من المخيمات؛ وجميعهم يعيشون تحت ظروف اجتماعية اقتصادية مشابهة.
وحسب “الأونروا” فقد سعى عشرات الآلاف من لاجئي فلسطين النازحين من سوريا للحصول على المساعدة من الأونروا في الأردن، ويعتقد أن غالبيتهم يعانون من فقر مدقع ويعيشون في وضع قانوني غير مستقر، كما تعمل الأونروا على استيعاب أطفال لاجئي فلسطين النازحين من سوريا في مدارسها وتقديم الإغاثة والرعاية الصحية للمحتاجين.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.