للمتحدث باسم “التطهير العرقي”: هل اشتعل المستشفى بسبب سيجارة مريض؟

جدعون ليفي  …..

اقتحم الجيش مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وأمر المرضى والجرحى وأعضاء الطاقم الطبي بإخلائه. عشرات الأشخاص الذين كانوا في حالة ذهول، وبعضهم بصعوبة يمكنهم الوقوف، تجمعوا في ساحة المستشفى في تلك الليلة شديدة البرد، وعندها أمرهم الجنود بخلع ملابسهم والبدء في السير. هناك فيلم فيديو تظهر فيه قافلة تتمركز فوق الرمال بين الأنقاض، رجال بدون ملابس يرفعون أيديهم وحولهم الدبابات، في حالة إذلال كبيرة. تم تركهم بدون ملابس في ليلة باردة في غزة، وبقي من خلفهم أناس يحتضرون وبعض أعضاء الطاقم الطبي الذين لم يتخلوا عنهم، 25 شخصاً تقريباً.

قصف الجيش الإسرائيلي المستشفى، وقتل خمسة من أعضاء الطاقم الطبي، اشتعلت النار وأحرقت قسم الجراحة والمختبر في المستشفى

قصف الجيش الإسرائيلي المستشفى، وقتل خمسة من أعضاء الطاقم الطبي، اشتعلت النار وأحرقت قسم الجراحة والمختبر في المستشفى. نقل بعض المرضى إلى ما تبقى من المستشفى الإندونيسي الذي اقتحمه الجيش قبل ثلاثة أيام. تم اختطاف عشرات الأشخاص من مستشفى كمال عدوان للتحقيق، من بينهم مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية، الذي تم إطلاق سراحه أمس، حسب علمنا. في غزة أطباء ماتوا أثناء التحقيق وفي السجن. إبراهيم، ابن الطبيب الذي لم يترك المرضى، قتل قبل بضعة أشهر وتم دفنه في ساحة المستشفى.

كتبت “مستشفى كمال عدوان”، ولكن في المرة الأخيرة التي زرته فيها في 2006، وصفته بـ “عيادة بائسة”. على عربة يجرها حمار، نقلوا مسناً مصاباً إلى ما بدا كعيادة في العالم الثالث أكثر مما يبدو مستشفى.

ثمة شك كبير إذا كانت أعمال التطوير والاستثمارات المدنية في غزة في سنوات الحصار التي انقضت منذ ذلك الحين، قد رفعت “كمال عدوان” إلى مستوى مستشفى، لكنه المكان الأخير الذي بقي شمالي القطاع والذي قدم العلاج لبقايا اللاجئين الذين لم يهربوا حتى الآن من التطهير العرقي. كم من المرضى والجرحى سيجتازون الليالي القادمة؟ لا نعرف.

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، سارع بدوره، للتغطية على الجرائم: “القوات عملت في المستشفى عقب معلومات استخبارية مسبقة عن وجود مخربين وبنى إرهابية وتنفيذ نشاطات إرهابية في المكان”، ولكن دون تقديم أي دليل على ذلك أمس، و”الحريق الذي شب في المستشفى لم يسببه الجيش. هل يحرق الجيش الإسرائيلي المستشفيات؟ هذا أمر لا يخطر بالبال. لم يتم العثور على أي صلة بين الحريق وقوات الجيش”، جاء من الجيش. ربما صاعقة أصابت قسم الجراحة، أو أن النار اشتعلت بسبب سيجارة مريض.

في الفترة الأخيرة، قتل الجيش الإسرائيلي خمسة من الصحافيين في غزة داخل سيارة كانت تحمل لوحة الصحافة، وقال إن الأمر يتعلق بـ “مخربين في قسم الإعلام الحربي”. “الإعلام الحربي” لهم كان بالتأكيد أقل بكثير من الإعلام الحربي لكل المراسلين العسكريين في إسرائيل، لكن لو قتلت حماس خمسة من المراسلين الإسرائيليين لوصل الصراخ إلى عنان السماء. قبل يوم من ذلك، منع الجيش إخلاء امرأتين أصيبتا في الهجوم على بيت في مخيم طولكرم، وتمت محاصرتهما في البيت وتوفيتا. غزة أيضاً في طولكرم.

لم تعد هناك حرب في غزة، بل قتل وتدمير من جانب واحد، الذي يتم خرقه بين حين وآخر ببعض التشنجات الأخيرة للمقاومة. ولكن عندما يكون الهدف هو التطهير العرقي والإبادة الجماعية، فالعمل لا يتوقف للحظة. فهو يبرر كل الوسائل.

بعد 14 شهراً على القتل والتدمير الهستيري، لم تبق أي “بنى إرهابية” في مستشفى كمال عدوان. ببساطة، لأنه لم يبق أي بنى تحتية، سواء للإرهاب أو للحياة، في شمال القطاع. هذه القصص الخيالية استهدفت التطهير العرقي، الذي يقتضي التدمير المطلق كي لا يستطيع أحد العودة إلى بيته، بالضبط مثلما في النكبة السابقة. لنفترض أن خمسة مخربين وربما ستة من بين المرضى الذين كانوا يحتضرون في المستشفى، فإن إسرائيل ما زالت تعتقد أنه مسموح لها منذ كانون الأول 2024 الهياج كما تشاء مثلما في تشرين الأول 2023، حتى داخل المستشفيات.

 هآرتس 29/12/2024

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.