*فادي السمردلي يكتب:الحاج متولي والتحالفات المتسرعة دروس قاسية في فن الاختيار*
*بقلم فادي زواد السمردلي*….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
مسلسل “عائلة الحاج متولي” يقدم نموذجاً درامياً عميقاً لتحليل العلاقات الإنسانية المبنية على المصلحة والتوازن بين العقل والعاطفة فالحاج متولي، رجل أعمال بارع، يجد نفسه في وضع استثنائي بعد وفاة زوجته الأولى، حيث تنقلب حياته من أب أرمل يرعى ابنه إلى رجل محاط بأربع زوجات، لكل منهن دوافعها ومواقفها الخاصة ويبدأ الحاج متولي رحلته الزوجية بدافع إنساني نبيل، وهو توفير أم بديلة لابنه، لكنه سرعان ما يدخل دائرة من الزيجات المتكررة لأسباب تتراوح بين الإعجاب، والحاجة إلى الدعم، أو حتى المصالح المشتركة وهذا التحول في حياته يكشف عن قدرة متولي على إدارة الأزمات وتحقيق أهدافه، لكنه في الوقت ذاته يثير أسئلة عميقة حول العلاقات التي تُبنى على المصلحة والوفاء.
وما يجعل القصة استثنائية هو الذروة التي يصل إليها المسلسل عندما يقرر الحاج متولي اختبار إخلاص زوجاته بادعاء الإفلاس هذا الموقف يفتح الباب أمام انكشاف النوايا الحقيقية لكل زوجة، حيث تتخلى الزوجة الاخيرة، الطامعة في ثروته، عنه فور علمها بخسارته المزعومة وفي المقابل، تثبت زوجاته الأخريات إخلاصهن، مما يؤكد أن العلاقات المبنية على الحب والاحترام الحقيقي تتفوق دائماً على تلك التي تحكمها المصالح ودهاء الحاج متولي يتجلى بوضوح في طريقة كشفه للزوجة الطامعة، حيث يستخدم مجوهرات مقلدة ليُظهر حقيقتها دون أن يخسر شيئاً من أمواله.
إذا أسقطنا هذه القصة على واقع بعض التحالفات ، نجد أن بعض القادة يتبعون نهجاً مشابهاً للحاج متولي في بناء تحالفاتهم، ولكن مع اختلاف جوهري يفتقرون إلى الدهاء والحكمة التي امتلكها متولي، فتسعى بعض الهيئات إلى بناء تحالفات قائمة على المصالح الآنية، دون تمحيص عميق أو دراسة وافية لطبيعة الشركاء هذه التحالفات تبدو مغرية في البداية، حيث توفر مكاسب سريعة أو دعمًا مرحليًا، لكنها في كثير من الأحيان تنتهي بالفشل عند أول اختبار جاد، مخلفة وراءها أضراراً جسيمة على المؤسسات أو المنظمات التي تمثلها.
القادة الذين يتسرعون في تشكيل هذه التحالفات غالباً ما يفتقرون إلى الرؤية الإستراتيجية التي تمكنهم من التمييز بين الحلفاء الحقيقيين وأولئك الذين يسعون فقط لتحقيق مصالحهم الخاصة مثل الزوجة الخامسة في حياة الحاج متولي، يكشف الاختبار الحقيقي عن حقيقة الشركاء، ولكن للأسف، يكون الوقت متأخراً جداً لإصلاح الضرر وعندما “تقع الفأس في الرأس”، تبدأ الحقائق في الظهور، ولكن بعد أن تكون المؤسسة أو المنظمة قد دفعت ثمناً باهظاً من استقرارها.
المفارقة تكمن في أن هؤلاء القادة الذين يفشلون في التعلم من هذه الدروس يكررون نفس الأخطاء مراراً وتكراراً على عكس الحاج متولي، الذي استخدم ذكاءه لإدارة أزماته والخروج منها منتصراً، نجد أن بعض القادة يعانون من غياب الحكمة والمرونة التي تمكنهم من التعامل مع التحديات ففي عالم الادارة سواء السياسيةاو الاقتصادية، كما في الحياة الشخصية، العلاقات المبنية على المصلحة وحدها لا تدوم، والتحالفات التي تفتقر إلى أسس متينة من الثقة والقيم المشتركة تكون عرضة للانهيار في أي لحظة.
في النهاية، يظل درس الحاج متولي واضحاً النجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد الحلفاء أو العلاقات، بل بجودتها وصدقها سواء كنت تدير عائلة، حزبا، جمعية……الخ ، فإن الحكمة في اختيار الشركاء والقدرة على التمييز بين الطامعين والمخلصين هي مفتاح النجاح والاستقرار على المدى الطويل.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.