*فادي السمردلي يكتب: النرجسية عائق أمام النقد*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_أقوال*

النقد هو فن راقٍ وأداة فعّالة ذات أساليب مختلفة تهدف إلى تحسين الأداء وتطوير العمل، وليس وسيلة للتقليل من قيمة الأشخاص أو الانتقاص من كرامتهم وعندما يُسقبل النقد بشكل صحيح، يصبح محرّكاً للتغيير الإيجابي ومصدراً للإلهام لكنه، في المقابل، قد يتحول إلى أداة هدم إذا فُهِم على نحو خاطئ لذا، لا بد من المستقبل للنقد التفريق بين نقد العمل ونقد شخصه ، لأن ذلك يعكس مستوى الوعي والإدراك فالإنسان بطبيعته يستحق الاحترام والتقدير، بغض النظر عن زلاته أو أخطائه في الأداء، بينما يبقى العمل أو الأداء مجالاً مفتوحاً للنقاش والتحليل بهدف الوصول إلى الأفضل.

لكن، مع الأسف، هناك من لا يستوعب نقد الأداء وماذا يعني ؟ ويرى في أي ملاحظة نقدية هجوماً شخصياً عليه وهذه الحالة تعكس خللاً في فهم طبيعة النقد ودوره، ويزيد من تعقيدها وهم بعض الأفراد بأن العالم يدور حول شخوصهم ، وهو ما يُعرف بالنرجسية فالنرجسية ليست مجرد صفة مزعجة، بل هي مرض فكري ونفسي يُعمّق الهوة بين الشخص والواقع المحيط به فالإنسان النرجسي يتعامل مع النقد كتهديد لوجوده، لا كفرصة لتحسين ذاته وهذه العقلية المغلقة لا تتوقف عند رفض النقد فقط، بل تمتد إلى تعطيل كل فرصة للنمو أو التغيير، مما يؤدي في النهاية إلى سقوط الشخص في مستنقع الإخفاق والتراجع.

النقد البنّاء لا يهدف إلى الهدم، بل إلى الإشارة إلى الجوانب التي تحتاج إلى تحسين، وهو بذلك يُعتبر دعوة إلى تطوير الذات والعمل ولكن عندما يختلط فهم النقد بالهجوم الشخصي أو يُفسَّر على هذا النحو، فإنه يتحول إلى مصدر توتر وصراع، بدلاً من أن يكون أداة للتحسين والمشكلة الكبرى تكمن في أولئك الذين يفسرون النقد على أنه تحدٍ لكرامتهم، متناسين أن الكرامة الحقيقية تأتي من التواضع والقدرة على التعلم من الأخطاء فالتمسك بالنرجسية يجعل هؤلاء الأفراد غير قادرين على رؤية قيمة النقد، مما يدفعهم إلى الدفاع المستميت عن أنفسهم، بدلاً من التركيز على إصلاح أخطائهم.

النرجسية ليست مجرد عائق أمام التقدم الشخصي، بل هي أيضاً عامل مُحبِط للبيئة المحيطة فعندما يسيطر هذا الشعور على الشخص، فإنه يُضعِف روح التعاون ويخلق جواً من التوتر والجمود فالشخص النرجسي يعجز عن تقبل وجهات النظر المختلفة، ويصر على أنه دائما على صواب، مما يُغلق أبواب الحوار ويحدّ من فرص التطور والنتيجة الطبيعية لهذا السلوك هي الفشل، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي فالمؤسسات والأفراد الذين يرفضون النقد يخسرون فرصاً ثمينة للنمو والتعلم، ويجدون أنفسهم عالقين في نفس الأخطاء مراراً وتكراراً.

رسالتي لهؤلاء الأفراد توقفوا لحظة وفكروا في مغزى النقد الذي يوجَّه إليكم فالنقد ليس عدواً، بل هو فرصة لكم فالعالم لا يدور حول أحد، بل هو مساحة يتسع فيها الجميع للعمل والتعلم فإذا كان هناك من يُشير إلى خطأ أو قصور في عملك، فهو ليس خصماً لك، بل ربما يكون مرآة تعكس ما تحتاج إلى تغييره لتحقق الأفضل فالتواضع هو مفتاح القلوب والعقول، والتعلم من الأخطاء هو الطريق الوحيد لتحقيق التقدم الحقيقي تحلّوا بالشجاعة لقبول النقد، واجعلوه نقطة انطلاق نحو الإبداع والتطوير، بدلاً من أن يكون عقبة تمنعكم من التقدم فإن أعظم الإنجازات تبدأ بخطوة بسيطة وهي الاعتراف بالخطأ والعمل على إصلاحه .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.