*فادي السمردلي يكتب:نظريةالحصان الميت إصرار الفاشلين على الفشل*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
نظرية “الحصان الميت” هي استعارة فلسفية قوية تُستخدم لوصف الإصرار على التمسك بمحاولات عقيمة رغم وضوح فشلها، وهي بمثابة تذكير دائم بأن الجهود المهدورة في المسارات الخاطئة لن تُنتج نتائج مهما استمرت فهذه النظرية، التي يمكن تلخيصها في صورة محاولة ركوب حصان ميت على أمل أن يتحرك، تلقي الضوء على أحد أهم التحديات التي تواجه الأفراد والمؤسسات وهو الإصرار على الاستمرار في جهود لا طائل منها، سواء بدافع العناد، أو الخوف من الاعتراف بالفشل، أو الرغبة في الحفاظ على مظاهر الإنجاز ورغم أن النظرية قد تبدو بسيطة في ظاهرها، إلا أن تأثيراتها العميقة تتجلى بوضوح في بيئات العمل، حيث تُستخدم للإشارة إلى قادة ومديرين يفضلون الاستعراض على حساب الفعالية، مما يخلق بيئة من الإحباط والجمود المؤسسي.
في بعض المؤسسات والمنظمات السياسية او الاقتصادية..الخ، تظهر نظرية “الحصان الميت” في كثير من الأوقات عندما يتمسك المديرون والقادة بمشروعات أو استراتيجيات ثبت فشلها، لكنهم يستمرون في دعمها على أمل تحقيق نتائج مختلفة فهذا السلوك عادةً ما يكون مدفوعًا برغبة في الحفاظ على ماء الوجه، أو الخوف من تحمل مسؤولية القرار الخاطئ، أو حتى السعي لتجنب النقد ولكن الحقيقة المؤلمة هي أن الإصرار على نهج غير مجدٍ لا يؤدي إلا إلى استنزاف الموارد والوقت والجهد، ويدفع المؤسسة إلى دوامة من الإحباط والفشل المتكرر وعندما يدرك الاعضاء والموظفون أن قرارات القيادة لا تستند إلى المنطق ، بل إلى العناد أو المصالح الشخصية او من اجل الاستعراض، فإن روح الفريق تتضرر، وينخفض الحماس، مما يؤدي إلى بيئة عمل يسيطر عليها الركود السلبي.
الأسباب التي تدفع بعض القادة إلى الوقوع في فخ “الحصان الميت” متعددة ففي بعض الأحيان، يكون السبب هو الثقافة المؤسسية التي تعتبر الفشل وصمة عار بدلًا من كونه فرصة للتعلم والنمو وفي أحيان أخرى، يكون الخوف من مواجهة الواقع والاعتراف بالفشل فالقادة الذين يُظهرون أنفسهم على أنهم دائمًا على صواب قد يفضلون إنفاق موارد هائلة على افكار ومشروعات ميتة بدلاً من الاعتراف بأخطائهم.وقد يكون الدافع الآخر هو رغبتهم في الاستعراض أمام الآخرين والظهور بمظهر البطل من خلال التظاهر بالعمل الجاد، حتى لو كانت هذه الجهود لا تحقق شيئًا فعليًا.
التمسك بـ”الحصان الميت” له أضرار تتجاوز الفشل الواضح في تحقيق الأهداف فهو يخلق حالة من الجمود المؤسسي تمنع الابتكار وتقتل الحماس فالذين يلاحظون أن جهودهم تُهدر في محاولات عبثية سرعان ما يفقدون الرغبة والدافع، مما يؤدي إلى انخفاض في الإنتاجية والأداء، وارتفاع معدلات التوتر، وفي كثير من الأحيان، تضطر الكفاءات الى مغادرة المنظومة اوالمؤسسة بحثًا عن بيئة عمل أكثر دعمًا وتقديرًا لإثبات الذات.
للتغلب على هذه الظاهرة، يجب على المؤسسات أن تبني ثقافة تقوم على الشفافية والمساءلة وعلى القادة أن يمتلكوا الشجاعة للاعتراف بالفشل عندما يحدث وليس باعتباره نهاية المطاف، بل كفرصة لإعادة التقييم والبحث عن حلول جديدة فالمؤسسات الناجحة هي تلك التي تُشجع على تحفيز التفكير النقدي، وتستمع إلى آراء الاعضاء والموظفين، وتدعم الابتكار، حتى لو كان ذلك يتطلب اتخاذ قرارات جريئة والتخلي عن مسارات غير مثمرة ومن المهم أن يتم تدريب القادة على التمييز بين الإصرار الإيجابي، الذي يُعزز من تحقيق الأهداف، والإصرار السلبي، الذي يؤدي إلى التمسك بما لا جدوى منه.
في النهاية، نظرية “الحصان الميت” هي دعوة لإعادة التفكير في كيفية إدارة الفشل والتعامل مع التحديات فالمؤسسات التي تريد أن تنجح وتتميز يجب أن تتعلم أن الاعتراف بالفشل ليس ضعفًا، بل قوة تدل على المرونة والنضج فالقادة الحقيقيون هم الذين يُركزون على النتائج الفعلية وليس على مظاهر القيادة أو استعراض القوة وإن التخلي عن “الحصان الميت” قد يكون الخطوة الأولى نحو تحقيق النجاح، وبناء ثقافة عمل تُقدر الفعالية والابتكار بدلًا من الجمود والتكرار.