*فادي السمردلي يكتب:(لا يرفع قيمة الرجال إلا المواقف)عنوان القيادةالحزبية*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

يعد مفهوم “لا يرفع قيمة الرجال إلا المواقف” من أكثر العبارات التي تجسد جوهر القيم الإنسانية الحقيقية، فالمواقف هي التي تحدد الشخص في اللحظات الحاسمة فلا يُقاس الرجل بما يمتلكه من مال أو سلطة، بل بالمواقف التي يتخذها في المواقف الصعبة التي تظهر معدنه وتُبرز خصائصه الإنسانية فالرجل الحق هو من يثبت في وجه العواصف، ويظل صامدًا على مبادئه مهما كانت التحديات فإن القوة الحقيقية تكمن في اتخاذ القرارات الشجاعة التي قد لا تكون سهلة أو مألوفة ولكنها تمثل الحقيقة في أبهى صورها.

في هذا السياق، تتجسد أهمية المواقف بشكل أوضح عندما نربطها بالعمل الحزبي فالأحزاب السياسية ليست مجرد كيانات تسعى للوصول إلى السلطة أو تحقيق المكاسب الشخصية، بل هي تمثل التزامًا بمبادئ وأهداف يتطلع إليها الجمهور والمجتمع فالمواقف السياسية التي يتخذها الحزب، سواء كانت خلال الأوقات السهلة أو العصيبة، هو ما يُظهر قيمته الحقيقية وقدرته على التمسك بتوجهاته ومبادئه في ظل الضغوط المختلفة.

تُظهر المواقف في العمل الحزبي الفرق بين الأحزاب التي تملك رؤية حقيقية للمستقبل والأحزاب التي تركز فقط على المصالح الفئوية أو الفورية ففي الأوقات العصيبة، عندما يجد الحزب نفسه في مواجهة تحديات ضخمة، تكون المواقف هي العنصر الذي يُميز بين القوة الحقيقية والضعف الظاهري ففي تلك اللحظات يظهر بوضوح ما إذا كان الحزب يتبنى مواقف ثابتة تحترم المبادئ الأساسية التي أسس عليها، أم أنه يتأرجح بين المصالح السياسية الضيقة والأهداف الشخصية.

إن حزبًا يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية، ويؤمن بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، هو حزب يثبت قيمته ليس فقط من خلال برامجه الانتخابية، ولكن من خلال مواقفه في أوقات الأزمات وعندما تكون الشعوب في أمس الحاجة إلى قيادة حزبية حكيمة تدافع عن مصالحهم، لا يكون المال ولا الكرسي هو ما يعطي الحزب قوته، بل مواقفه الثابتة والشجاعة فالحزب الذي يلتزم بمبادئه في المواقف الصعبة، ويضع مصلحة الوطن والمواطنين في مقدمة أولوياته، هو الذي سيظل يحظى بثقة الناس واحترامهم.

من أكثر المواقف التي تبرز قيمة الأحزاب السياسية هي مواقفها تجاه الأزمات الوطنية فالأزمات، سواء كانت اقتصادية، سياسية، اجتماعية أو حتى أزمات طارئة تمثل اختبارًا حقيقيًا لأي حزب فإن المواقف التي يتخذها الحزب في مثل هذه الأوقات تُظهر مستوى المسؤولية والوعي السياسي لقياداته فالحزب الذي يرفض استخدام الأزمات لمصلحته السياسية الضيقة، ويعمل بدلاً من ذلك على جمع الصفوف وتحقيق الوحدة الوطنية، يثبت أنه حزب ذو قيمة وأهداف نبيلة.

على العكس من ذلك، نجد بعض الأحزاب التي قد تستخدم الأزمات كفرصة لزيادة نفوذها أو لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب مثل هذه الأحزاب، حتى وإن حققت بعض النجاحات المؤقتة، فإنها تفقد المصداقية والشعبية على المدى الطويل، لأن المواقف المبدئية في أوقات الأزمات هي التي تُمثل اختبارًا حقيقيًا لقوة الحزب.

في إطار العمل الحزبي، تبرز أهمية المواقف المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحرية الفردية، فالأحزاب التي تؤمن بقيم الديمقراطية يجب أن تكون قادرة على اتخاذ مواقف صلبة في الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية، وتوفير الفرص المتساوية لجميع فئات المجتمع ففي أوقات الانقسام يتطلب الأمر من الأحزاب أن تقف بثبات مع المبادئ الأساسية التي تحمي الحقوق الإنسانية وتضمن العدالة للجميع.

قد يواجه الحزب في بعض الأحيان ضغوطًا من قوى داخلية أو خارجية تحاول تقييد هذه المبادئ، ولكن الحزب الذي يظل ثابتًا في مواقفه ويصمد أمام هذه الضغوط يظهر أنه حزب ذو شخصية مستقلة، وأنه يضع المصلحة العامة في المقام الأول فعلى سبيل المثال، عندما يتخذ الحزب موقفًا حازمًا ضد الفساد أو ضد القوانين التي تضر بحقوق المواطنين وحرية التعبير، يكون بذلك قد أثبت تمسكه بالقيم التي تسعى إلى تحسين حياة الناس بشكل حقيقي.

من أبرز سمات الرجال العظام، سواء في العمل الحزبي أو في الحياة بشكل عام، هي شجاعتهم في اتخاذ المواقف الصعبة فالشجاعة لا تعني دائمًا القتال في الحروب أو مواجهة الأعداء بشكل مباشر، بل تعني القدرة على الوقوف في وجه الضغوط والمغريات، وعلى اتخاذ القرارات التي قد تكون غير شعبية ولكنها صحيحة فالأحزاب التي تتجنب اتخاذ مواقف صعبة من أجل الحفاظ على شعبيتها أو بسبب الخوف من فقدان الدعم، هي أحزاب تفتقر إلى الشجاعة السياسية الحقيقية.

أما الحزب الذي يتحلى بالشجاعة السياسية في اتخاذ مواقف غير مريحة في اللحظات الحرجة، سواء كان ذلك في القضايا الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، فإنه يكتسب احترامًا وشرعية حقيقية فالمواقف الصعبة هي التي تظهر عظمة الرجال في العمل الحزبي، وتُظهر أن الحزب ليس مجرد تجمع سياسي، بل هو كيان ينبع من إرادة قوية تسعى لتحقيق المصلحة العامة بعيدًا عن المصالح الفردية أو التكتيكية.

في الختام، يُمكن القول إن قيمة الرجال، كما قيمة الأحزاب، لا تُقاس بما يمتلكونه من قوة أو مال، بل بما يتخذونه من مواقف في الأوقات الحاسمة فالرجل الذي يقف في وجه التحديات، والذي يثبت على مبادئه حتى في أحلك الظروف، هو الذي يرفع من قيمته في أعين الناس. كذلك، الحزب الذي يتمسك بمواقفه، ويضع مصلحة الشعب في مقدمة أولوياته، هو الحزب الذي يبني مستقبلاً مشرقًا للوطن فالمواقف، في النهاية، هي التي تُميز الأشخاص والأحزاب عن غيرهم، وهي التي تحدد مصيرهم في التاريخ.

قد يعجبك ايضا