مسرحية حل الدولتين مقابل التطبيع (دولة كرتونية فلسطينية )
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي.……….
إنها لمأساة عظيمة، بل هي أعظم ما شهدته أعين البشر في هذا الزمان. أن ترى قوماً قد سُلبت أرضهم، وقُتلت نساؤهم، وتيتّم أطفالهم، ثم يُطلب إليهم أن يقبلوا بما تبقى لهم من فتات، ويُقال لهم: هذه دولتكم، وهذا وطنكم، فعيشوا فيه كما تعيش الطيور في أقفاصها، تأكل إن شاء الحارس أن يطعمها، وتموت إن شاء أن يحرمها الماء والهواء.
أي دولة هذه التي يتحدثون عنها؟ أهي التي لا تملك من حدودها إلا ما يرسمه لها جندي غريب ، جاء من آخر الأرض ( إثيوبيا او ارتيريا او أوكرانيا ) ليحكمها بالسيف والنار؟ أهي التي لا يملك رئيسها أن يسير في طريق إلا بإذنه، ولا أن يتحدث إلا بإشارة منه ، ولا أن يتنفس إلا برضا المحتل عنه ويطلب منه أن يضحي بأبناء شعبه من المجاهدين والمقاومين الشرفاء تحت بند ما يسمى بالتنسيقات الأمنية ؟ إن كان هذا هو الوطن، فكيف يكون المنفى؟ وإن كان هذا هو السلام، فأين هي الحرب؟
إنهم يعرضون عليهم دولة من ورق، يرسمونها لهم بالأقلام على الهواء ، ولكن على الأرض لا شيء سوى الدم والركام. دولة يطلبون منهم أن يقبلوها مهراً للصلح، فإذا سألوا عن حدودها، أشاروا إلى جدران السجن، وإذا سألوا عن دستورها، ناولوهم قائمة الممنوعات، وإذا سألوا عن سيادتها، ضحكوا وقالوا: هي حيث تنتهي أقدام الجنود المحتلين.
أيها النائمون في بلهنية العيش، الراضون بالذل، ألم تنظروا إلى أولئك الذين رفضوا أن يكونوا عبيداً في أرضهم؟ ألم تسمعوا بأولئك الذين أبوا أن يبيعوا دينهم بعرض من الدنيا؟ لو شاء المجاهد أن يبيع كرامته كما باعها غيره، لكان اليوم في القصور، ولكن اختار أن يسكن الخنادق، وأن يأكل من خشونة العيش، وأن يقاتل حتى الرمق الأخير، لأنه يعلم أن الوطن لا يُشترى بالوعود، وأن الأرض لا تُحرر بالأقلام، وأن الحرية لا تُوهب لمن لا يدفع ثمنها.
فيا أيها الغافلون، أما آن لكم أن تستيقظوا؟ أما آن للقلوب أن تتحرك، وللألسن أن تنطق، وللأيدي أن تمتد؟ أم أنكم رضيتم بأن تكونوا شهود زور على جريمة القرن، وأنتم ساكتون؟
نصركم الله أيها المجاهدون في الخنادق وعلى الطرقات وتحت الركام والعمارات ، ولعنكم الله أيها المتخاذلون الخائنون القابعون في القصور والفنادق .