بين مرحب ومتحفظ… تباين في المواقف حول مؤتمر الحوار الوطني السوري
شبكة الشرق الأوسط نيوز : مع انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني عبر ست ورشات عمل صباح اليوم الثلاثاء في العاصمة السورية، استمر الجدل الدائر حول أهميه ومخرجاته المتوقعة، فاعتبره نقيب المحامين أحمد دخان «خطوة مهمة في مسيرة التغيير والإصلاح» و«منبراً للحوار يمكن من خلاله معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم جميع السوريين» ولكن في المقابل أكد الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا فيصل يوسف أن «عقد المؤتمر بهذه العجالة والإعلان عنه قبل يوم واحد وتهميش المكونات السياسية والقومية، يعد انتهاكاً لمبدأ وحق الشراكة الوطنية للشعب الكردي» .
وأمس، دعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشخصيات السورية التي تلقت الدعوات منها خلال الـ48 ساعة الأخيرة، ووصل عددهم إلى نحو 550 مشاركاً إلى لقاء تعارف وعشاء رسمي نظمته اللجنة في فندق «داماروز- دمشق» على أن يبدأ المؤتمر أعماله صباح اليوم بعد أن يتم تقسيم المشاركين على ست ورشات عمل هي: العدالة الانتقالية، البناء الدستوري، إصلاح وبناء المؤسسات، قضايا الحريات الشخصية والحياة الإنسانية، دور منظمات المجتمع المدني، والمبادئ الاقتصادية.
وحسب البرنامج المعد مسبقاً فإنه من المقرر أن تبدأ الجلسة الختامية في الخامسة من مساء اليوم، وخلالها سيتم الإعلان عن البيان الختامي للمؤتمر الذي اعتذر الكثير ممن وجهت لهم الدعوات من خارج البلاد عن عدم المشاركة فيه بسبب ضيق وقت التبليغ، في حين شاركت أحزاب وتيارات سياسية من داخل البلاد ولكن عبر قياداتها التي تلقت الدعوات بشكل شخصي.
وفي تصريح خاص لـ»القدس العربي» أعلن نقيب المحامين السوريين أحمد دخان أنه «وعبر مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني سيقدم الأفكار والرؤى القانونية التي ستكون بداية انطلاقنا في سوريا الجديدة نحو مجتمع متطور يجتمع فيه كل القيم الإنسانية التي طالما حلمنا فيها وقدمنا الغالي والنفيس في سبيل الوصول الى العيش الكريم وترسيخ مبادئ العدل والاستقرار»».
وأضاف: «سنواصل عملنا مع جميع الأطراف المعنية لتوفير بيئة قانونية منفتحة تُسهم في تنفيذ توصيات المؤتمر، كما أننا على استعداد كامل لتقديم الدعم القانوني والتقني لضمان أن يُسهم هذا الحدث في تحقيق تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والعدالة» معلناً عن «ترحيب نقابة المحامين الكامل واستعدادها التام للمشاركة الفعّالة في المؤتمر الذي يُعتبر خطوة مهمة في مسيرة التغيير والإصلاح في وطننا الحبيب». وأكد أن «النقابة وكجزء أساسي من المجتمع السوري المدني، تضع التزامها الكامل في دعم هذا المؤتمر الذي نعتبره منبراً للحوار الوطني البناء الذي يمكن من خلاله معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم جميع أبناء الشعب السوري» .
وقال: «نؤمن بأن المؤتمر سيُسهم في إعادة بناء الثقة بين جميع الأطراف وسيُسهم في وضع خريطة طريق واضحة لمرحلة مستقبلية آمنة ومستقرة لسوريا» .
نقيب المحامين لـ«القدس العربي»: ندعم أهدافه التي تسهم في بناء دولة مدنية
وزاد: «باعتبار النقابة مؤسسة معنية بحماية الحقوق والحريات في المجتمع، فإنها ترى أن العدالة والسلام ليسا مجرد مفاهيم نظرية، بل هما ضرورة حيوية وأساسية من أجل بناء مجتمع مستدام وآمن». وقال: «نؤمن بأن تحقيق العدالة هو الطريق إلى سلام حقيقي، وأن السلام الذي لا يقوم على العدالة لا يمكن أن يدوم أو أن يكون شاملاً، ووجود قضاء نزيه ومستقل هو الضمانة الأولى للحقوق والحريات وبالتالي، نحن على استعداد دائم لإطلاق كل الجهود من أجل دعم المؤتمر وتحقيق أهدافه التي تسهم في بناء دولة مدنية» .
ورأى أن «العدالة الحقيقية لا تأتي إلا من خلال الحوار والاحترام المتبادل بين الأطراف المختلفة ولذلك نعمل على تعزيز ثقافة الحوار البناء، التي تُمكّن المجتمع من التعايش بسلام رغم الاختلافات العرقية أو الدينية أو السياسية» .
وأكد دخان أنَّ «المؤتمر الوطني يُمثل فرصة حيوية لكل السوريين من مختلف الأطياف والانتماءات، للمساهمة في صياغة مستقبل سوريا على أسس العدالة والسلام والديمقراطية».
وأضاف: «نحن في نقابة المحامين نؤمن بأن هذه الخطوة تعكس إرادة الشعب السوري لتحقيق الانتقال السياسي وبناء دولة القانون التي تحفظ حقوق الإنسان، وتضمن العدالة» مشدداً على أن النقابة «ستسعى جاهدة الى حماية حقوق الإنسان وتوفير فرص العدالة الاجتماعية، مع التأكيد على ضرورة بناء ثقافة الحوار والقبول بالاختلاف» .
في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا فيصل يوسف في تصريح لـ»القدس العربي» إن المجلس «يدعم أي جهد يسهم في الوصول إلى انتقال سياسي شامل ينهي معاناة السوريين، ويؤسس لدولة ديمقراطية لا مركزية، متعددة القوميات والأديان والثقافات، ويكفل دستورها حقوق جميع المكونات، وفي مقدمتها حقوق الشعب الكردي وفق العهود والمواثيق الدولية» . واعتبر أن «عقد المؤتمر بهذه العجالة والإعلان عنه قبل يوم واحد، وتهميش المكونات السياسية والقومية بما فيها المجلس الوطني الكردي في الإعداد والتحضير، يعد انتهاكاً لمبدأ وحق الشراكة الوطنية للشعب الكردي، التي ينبغي أن تكون حجر الأساس لأي حوار جاد يسعى لتحقيق توافق وطني حقيقي».
وخلال الأيام القليلة الماضية عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار العديد من الجلسات النقاشية في كل المحافظات السورية، كما نظمت جلسات خاصة لمحافظات دير الزور والرقة والحسكة التي تقع تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية ـ قسد» في العاصمة دمشق دعت إليها شخصيات من هذه المحافظات بمن فيهم الكرد، بعد أن كانت قد أعلنت أن الإدارة الذاتية و«مجلس سوريا الديمقراطي- مسد» و«قسد» ليست هي الوحيدة التي تمثل الأكراد ولن توجه لها الدعوات لأنها لم توافق بعد على دمج قواتها تحت راية وزارة الدفاع السورية.
ولا يعتبر «المجلس الوطني الكردي» ممَثلاً ولا مشاركاً في مؤسسات الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.
وقال يوسف إن «توجيه الدعوات بشكل انتقائي وفردي، بعيداً عن معايير واضحة تضمن تمثيلاً متوازناً لمختلف القوى السياسية والمكونات السورية، بما فيها الحركة السياسية الكردية، يثير تساؤلات جوهرية حول جدوى المؤتمر وإمكانية معالجته لمختلف القضايا التي خلفها النظام البائد، يضاف إلى ذلك قصر مدة التحضير للمؤتمر، وعدم مراعاة ظروف المشاركين من داخل سوريا وخارجها، مما يضعف فرص نجاحه في تحقيق غاياته المنشودة في بناء سوريا المستقبل» .
وأكد ي أن المجلس الوطني الكردي «يدعم أي عملية سياسية تضع الركائز لإعادة بناء سوريا جديدة لا مكان فيها للاستبداد والاقصاء للمكونات السياسية والقومية، ويرى أن أي حوار وطني حقيقي لا يمكن أن يكون مجتزأ أو قائماً على تجاهل مكونات الشعب السوري، كما لا يمكن أن يحقق أهدافه إذا لم يضمن معالجة الحقوق المشروعة لكافة المكونات، وفق أسس واضحة ومحددة تضمن الوصول إلى حل سياسي عادل ينهي مأساة السوريين ويفتح آفاقًا لمستقبل ديمقراطي يحقق الاستقرار والعدالة» .
وخلص للقول «إن الأوضاع الكارثية التي يعيشها السوريون اليوم تتطلب إجراءات فورية وفعالة لمعالجتها، من خلال مسار سياسي جاد وشامل، يضع حداً لمعاناتهم، ويحقق تطلعاتهم المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة» .
المصدر : القدس العربي