الرئيس اللبناني: حين تُحتل بيروت أو تُدمّر دمشق يستحيل الادعاء أن ذلك لنصرة فلسطين

شبكة الشرق الأوسط نيوز : أكد الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون خلال كلمته في القمة العربية الطارئة، اليوم الثلاثاء، أهمية القضية الفلسطينية وارتباط لبنان بها، مشدداً على البُعد العربي وعلى رؤيته لنصرة فلسطين.

وقال عون “علّمني لبنان أولاً، أن فلسطينَ قضيةُ حق. وأن الحقَ يحتاجُ دوماً إلى القوة. وأن القوةَ في نضالات الشعوب، هي قوةُ المنطق. وقوةُ الموقف. وقوةُ إقناعِ العالم. وقوةُ حشدِ تأييدِ الرأي العام. وقوةُ موازين القوى الشاملة. وعلّمني لبنانُ ثانياً، أنّ فلسطينَ قضية ثالوث: فهي حق فلسطيني وطني. وحق عربي قومي. وحق إنساني عالمي. وأننا كلما نجحنا في إظهار هذه الأبعاد السامية لفلسطين، كلما نصرْناها وانتصرنا معها. بالمقابل، كلما حجّمناها وقزّمناها، إلى حدودِ قضيةِ فئةٍ أو جهةٍ أو جماعةٍ أو محور… وكلما تركنا فلسطينَ تُزجُّ في أزقةِ صراعاتٍ سلطويةٍ هنا، أو نزاعاتِ نفوذٍ هناك… كلما خسرناها وخسرنا معها”.

وأضاف عون في تعليق غير مباشر على جبهة الإسناد لغزة “علّمتني حروبُ لبنان أيها الإخوة، أن البُعدَ الفلسطيني لقضية فلسطين، يقتضي أن نكون دائماً مع شعبِها. أصلاً وفعلاً. أي أن نكون مع خياراته ومع قراراته. مع سلطاتِه الرسمية ومع ممثليه الشرعيين. أنْ نقبلَ ما يقبلُه شعبُها. وأن نرفضَ ما يرفضُه. علمتني حروب الآخرين في لبنان، أن البُعدَ العربي لقضية فلسطين، يفرضُ أن نكون كلُنا أقوياء، لتكونَ فلسطينُ قوية. فحين تُحتلُ بيروت، أو تُدمّرُ دمشق، أو تُهدّدُ عمان، أو تئنُّ بغداد، أو تسقطُ صنعاء … يستحيل لأيٍ كان أن يدّعي، أن هذا لنصرة فلسطين. أن تكونَ بلدانُنا العربية قوية، باستقرارِها وازدهارِها، بسلامِها وانفتاحِها، بتطورِها ونموِها، برسالتِها ونموذجيتِها… إنه الطريقُ الأفضلُ لنصرةِ فلسطين”.

وشدد الرئيس عون على “أن سيادة لبنان الكاملة والثابتة، تتحصن بالتعافي الكامل في سوريا، كما بالاستقلالِ الناجز في فلسطين، الأمر نفسه بالنسبة إلى كل دولة من دولنا، في علاقاتها وتفاعلها مع كل جار عربي، ومع كل منطقتنا العربية”، معتبراً أن “أي اعتلالٍ لجارٍ عربي، هو اعتلالٌ لكل جيرانه. والعكسُ صحيح”.

 

وأضاف “علّمني لبنان بعد عقودٍ من الصراعات والأزمات والإشكاليات، أن لا صحة لأي تناقض موهوم، أو لنزاع مزعوم، بين هوياتنا الوطنية التاريخية والناجزة، وبين هويتِنا العربية الواحدة والجامعة. بل هي متكاملة متراكمة. أنا لبناني مئة بالمئة. وعربي مئة بالمئة. وأفخرُ بالاثنين. وأنتمي وطنياً ورسالياً إلى الاثنين. أما أن تكون فلسطين قضية حقٍ إنساني عالمي، فيقتضي أن نكون منفتحين على العالم كله. لا منعزلين. أصدقاء لقواه الحيّة. متفاعلين مع مراكز القرار فيه. محاورين لها لا محاربين. مؤثرين لا منبوذين. هذا ما علمني إياه لبنان عن فلسطين، وهذا ما أشهد به أمامكم”.

وقال: “أشهدُ به، بعدما تعهدتُ أمام شعبي، بعودةِ لبنانَ إلى مكانِه ومكانتِه تحت الشمس. وها أنا هنا بينكم، أجسّدُ العهد. فها هو لبنانُ قد عادَ أولاً إلى شرعيته الميثاقية، التي لي شرفُ تمثيلِها. ها هو الآن، يعودُ ثانياً إلى شرعيتِه العربية، بفضلِكم وبشهادتِكم وبدعمِكم الدائم المشكورِ والمقدّر. ليعودَ معكم ثالثاً إلى الشرعيةِ الدولية الأممية. التي لا غنى ولا بديلَ عنها لحمايتِه وتحصينِه واستعادةِ حقوقِه كاملة”.

 

وأشار إلى أنه “في بلدي، تماماً كما في فلسطين، ما زالت هناك أرضٌ محتلة من قبل إسرائيل. وأسرى لبنانيون في سجونها. ونحن لا نتخلى عن أرضنا ولا ننسى أسرانا ولا نتركهم”، معلناً أنه “لا سلام من دون تحريرِ آخر شبرٍ من حدودِ أرضِنا، المعترفِ بها دولياً، والموثقة والمُثبتة والمرسّمة أممياً. ولا سلامَ من دون دولةِ فلسطينية. ولا سلامَ من دون استعادةِ الحقوق المشروعة والكاملة للفلسطينيين. وهو ما تعهدنا به كدولٍ عربية. منذ مبادرةِ بيروتَ للسلام سنة 2002، حتى إعلان الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي”.

وتابع: “أيها الإخوة، لقد عانى لبنانُ كثيراً. لكنه تعلّمَ من معاناته. تعلّمَ ألا يكونَ مستباحاً لحروبِ الآخرين. وألا يكونَ مقراً ولا ممراً لسياساتِ النفوذِ الخارجية. ولا مستقَراً لاحتلالاتٍ أو وصاياتٍ أو هيمنات. وألا يسمحَ لبعضِه بالاستقواء بالخارج ضدَ أبناءِ وطنِه. حتى ولو كان هذا الخارجُ صديقاً أو شقيقاً. وألا يسمحَ لبعضِه الآخر، باستعداءِ أيِ صديقٍ أو شقيق. أو إيذائه فعلاً أو حتى قولاً. تعلمَ لبنان أن مصالحَه الوجودية هي مع محيطِه العربي. وأن مصالحَه الحياتية هي مع العالمِ الحرِ كلِه. وأن دورَه في منطقته أن يكونَ وطنَ لقاء. لا ساحةَ صراع. وأن علةَ وجودِه هي في صيانةِ الحرية، وصياغةِ الحداثة، وصناعةِ الفرح”.

وختم: “فرحُ الحياةِ الحرة الكريمة السيدة المزدهرة اليانعة، المنفتحة على كلِ ما هو جمالٌ وحقٌ وخيرٌ وعدلٌ وقيمٌ إنسانية جامعة حية. اليوم يعودُ لبنانُ إليكم. وهو ينتظرُ عودتَكم جميعاً إليه غداً. فإلى اللقاء. وحتى ذاك لكم من لبنانَ كلُ التحية وكلُ الأُخوّة”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا